رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت في النصّ الإنجيليّ عجيبتان، الأولى هي شفاء نازفة الدم وقد تمّت بينما يسوع في طريقه لشفاء ابنة يائيرس رئيس المجمع. وكما يقول الذهبيّ الفم إن يسوع تباطأ عمداً في الطريق، كما فعل في حادثة لعازر، وذلك ليقيم ابنة يائيرس ليس من مرضها بل من الموت، وهكذا حصلت العجيبة الثانية كإقامة من الموت. المرض بالأصل هو بداية للموت، يقول بعض الفلاسفة، إن الولادة هي أولى الخطوات نحو الموت، الإنسان يولد في عالم الفساد أي "الاهتراء"، فهو ينمو ليعود فيضعف وينتهي. وكلّ الأشفية بالنهاية تؤجل الموت ولا تلغيه. الموت هو العدوّ النهائي للإنسان. يولد مع الإنسان طفلاً في أمراضه ويكبر وينتهي سيداً وناضجاً في الشيخوخة. الطبّ البشريّ يعالج المرض، أي يمدّ في سِنِيّ الحياة ويؤجّل الموت خطوة. ويبقى العدوّ قائماً ومنتصراً. والرجاء البشريّ في التخلّص من الموت بالنهاية يائس. لذلك في هاتين العجيبتين، هناك الإشارة الواضحة إلى أنّ الربّ يسوع ليس مجرّد طبيب ماهر أو ذا سلطة وسلطان وعجائب باهرة، إنّه الرجاء الأخير أمام فشل كلّ رجاء آخر، وذلك تجاه مسألة المرض والموت في عمقها. لقد أعطانا الله العقل والزكاء، لكي نواجه واقع الآلام ونخفّف منها، ونبني العالم الأفضل، ولكن من يلغيها؟ فالموت مصير محتّم. الموت يأتي إلينا على حين غرّة أو نذهب إليه بخطا ثابتة وواثقة. الإنسان، دون الله وحقيقة القيامة، هو كائن ربّما أصله قرد ونهايته العدم. المسيح رجاؤنا أمام الموت. إنّه غلبتنا. حضرته هذه في هذه الأحداث، وبعدها في قيامته المجيدة ودخوله بجسده وجسدنا النوراني والأبواب مغلقة، هذه الحقائق، هي شفاؤنا وقيامتنا. على ضوء هذا الرجاء نفهم أن الولادة ليست أولى الخطوات نحو الموت. ونعي إذن أن الحياة "جسر" و"معبر" و"اختبار"، وأن الألم فيها ليس نهاية بل هو لونٌ من ألوان الاختبار فيها. الإنسان إذن، بحسب رجائنا بيسوع، لا يموت، ولو بليناه بأصعب الأمراض والبلايا، حتّى بالموت (الرقاد) فإنه سيقوم. فما معنى الآلام إذن مادام رجاؤنا هذا حيّ؟ يذكرنا الألم أوّلاً، أنّ حالتنا هذه ليست التي دُعينا إليها، ونعرف بالألم أننا رهائن واقع خطيئتنا ومدعوّين به للتوبة عنها. الألم إذن ليس بداية موت بل بداية توبة. آلام الدهر الحاضر تذكرنا ونحن "هنا" بالمدينة الباقية والحالة الأبدية المنتظرة، وتشدد خطانا باتجاهها. وتدفعنا الآلام إلى الخروج من كسلنا وتحمّل مسؤوليّة استخدام المواهب العقلية التي منحنا إياها الله لنحيا في المواجهة ونسعى بالإبداع إلى الدفاع عن الذات وتأمين الحياة الأفضل. هنا لم يَعِدْ يسوع نازفةَ الدم وعداً بالشفاء بل عالج آلامها مكافأة على إيمانها. حوادث الشفاء هذه، والإقامة من الأموات، لا تلغي، كحالات خاصة، الحالةَ العامة المتسلطة على كلّ البشر ولكنّها تشير إلى إرادة الله برفعها وليس ببقائها. ونحن شركاء الله في أمرين، أولاً في رفع الألم ومواجهة الموت، وثانياً، أننا نحن شركاؤه في الرجاء على القيامة والحياة الأبدية. علينا إذن أن نحيا في جدٍّ ومحاولة من أجل تحسين واقع الحياة وتخفيف الآلام مساهمين هكذا بتحقيق الإرادة الإلهيّة، وأن نبشّر بخلاص إلهنا وبرجاء القيامة. آميـن المطران بولس يازجي |
30 - 10 - 2012, 09:17 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
31 - 10 - 2012, 05:02 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
|
||||
31 - 10 - 2012, 05:16 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
فما معنى الآلام إذن مادام رجاؤنا هذا حيّ؟ لازم كل واحد مننا يسأل نفسه هذا السؤال مشاركة جميلة جداً أختى هيا ربنا يبارك حياتك ويبارك خدمتك |
||||
31 - 10 - 2012, 01:44 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
|
||||
31 - 10 - 2012, 03:34 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
مشاركه مميزه جدا
ربنا يباركك |
||||
01 - 11 - 2012, 02:22 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
|
||||
25 - 11 - 2012, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت
شكرا للتوبيك الجميل
|
||||
|