دوَّن سيرة هذا القديس المغبوط القديس مار أفرام السرياني، الذي كان معاصرًا له، بل كان يقيم في جبل الرُها قريبًا من مغارته. بدأ يوليانوس حياته عابدًا للأوثان وكان ذا بُنية قوية، وسار سيرة ذميمة وعاش بالقبائح وسلك في تيار الخطية والشهوات الجسدية. أما عن كيفية توبته فقد ذكر أنه كان عبدًا لسيد في بلدة بعلبك ببلاد الشام، وإذ حلت به متاعب وشدائد وضيقات كثيرة نجهل كنهها، تحول عن طريق الخطية ومال إلى المعرفة وسار سيرة حسنة. ولما مات سيده زهد في العالم. ثم نال سرّ العماد. رهبنته وصداقته لمار افرام:
كتعويضٍ عن حياة الخطية والشر اشتاق أن يسلك في طريق الرهبنة، فانطلق إلى أديرة الرُها وسكن إحدى القلالي القريبة من قلاية مار افرام السرياني. وقد أحب الرب من كل قلبه وتحلّى بكل فضيلة، وكان يتبادل الزيارات مع مار افرام، ويقول القديس مار افرام عن نفسه أنه كان ينتفع من محادثاته. دموعه:
بعد أن انخرط في سلك الرهبنة اقتنى خشوعًا عميقًا وتواضعًا، وكان شأن باقي النساك يعمل بيديه قلوع المراكب. ومن المواهب التي أُعطيت له موهبة الدموع، حتى أن المجتازين بقلايته كانوا يسمعون صوت بكائه لأنه كان يجهش كمن هو يبكي على ميت عزيز، وذلك بسبب تذكره لخطاياه، وكان كثير السهر في الصلوات. كان أميًّا لكنه تعلم القراءة والكتابة، وبالروح القدس أوتي معرفة معاني الكتب المقدسة، حتى كان كثيرون يقصدونه لاستشارته في بعض الأمور. يذكر مار افرام أنه في أحد الأيام رأى بعض حروف من الكتابة قد مُحيت، ولما سأله أجابه يوليانوس: "لا أكتم عليك شيئًا، فإن الزانية تقدمت إلى المخلّص وقبّلت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، وأنا إذا قرأت الكتب فحيث أجد اسم إلهي مكتوبًا أبله بدموعي لكي ما آخذ منه غفرانًا لخطاياي". فقال له مار افرام مسرورًا: "إن اللَّه متعطف على الناس وقد قَبِل نيتك، فأطلب إليك أن تشفق على المصاحف". فقال له: "لا يطمئن قلبي إن لم أبكِ قدام الرب إلهي".بعد أن قضى في النسك والعبادة أكثر من 25 سنة، رقد في الرب بسلام، وله تعاليم وأقوال كثيرة نافعة، وقد كتب مار افرام مديحًا عنه.