رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزامير المصاعد مزمور 131 مرفأ السلام 1يَا رَبُّ لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ وَلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي. 2بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ. 3لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ. ينسب البعض هذا المزمور القصير والغنى إلى داود النبى - كما جاء فى عنوانه - وهو يتذكر تعليقات أخيه القاسية ضده قبيل لقائه مع جليات الفلسطينى (1صم 17 : 28). على أن البعض الآخر يربطه بباقى أغنيات المصاعد خاصة فى العـدد الأخير (3) الذى يتشابه فى لغته مع مزامير 130 : 7 "الَّذِي لاَ يَمْلَأُ الْحَاصِدُ كَفَّهُ مِنْهُ وَلاَ الْمُحَزِّمُ حِضْنَهُ."، مز 121 : 8 "الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ"، مز 125 : 2 "أُورُشَلِيمُ الْجِبَالُ حَوْلَهَا وَالرَّبُّ حَوْلَ شَعْبِهِ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ." مز 131 : 3 "لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ "، ولذلك يعتقد هذا الفريق أن هذا المزمور يُعَّد من النسيج الحقيقى لمجموعة ترانيم المصاعد. ولنتوقف قدامه كالتالى: أولاً : النفس الثائرة (1) : يصوّر المزمور فى تركيز شديد، طبيعة النفس الإنسانيّة، ومأساتها وشططها، ومراحل عودتها وشفائها، فمن خلال الكلمات تلمح ثورة وألماً وصراعاً وجنوح النفس البشرية. جنوح وثورة تتمثل فى قلب يندفع بنوازعه إلى المال أو الترف أو الملذات بلا شبع ... وفى عين تتجه إلى القوة والنفوذ والسلطة بلا حدود .. وفى عقل ينشغل فى شطحاته بأمور أعلى من قدرته على الفهم .. وفى نفس تمتلىء أمام مآسى الحياة بالصخب والتمرد والألم والتمزق والشك .. وفى كيان يغوص، نتيجة لهذا كله، فى متاهات القلق والكبرياء والحسد والصراع والمرارة، وينحدر فى إحساس مريض بالعظمة إلى الإقلال من قدر الآخرين وإلى المغالاة فى تقدير الذات. وكل هذا يحدث للفرد كما للشعوب، وللحكام وللمحكومين ، ويعبر عن تشامخ فكرى أو اجتماعى طبقى أو عنصرى عرقى أو عسكرى أو دينى. وهكذا تعيش النفس الثائرة الصاخبة فريسة المطامع والمطامح الخيالية الوهمية اللانهائية، ومستعبدة للمخاوف المضللة فى روح التذمر والشكوى والأسى والأنين .. لاتهدأ .. لا تشبع .. لا تعرف حدوداً للشطط مع النفس أو مع الآخرين .. هى فى حالة حرب أهلية داخلية مستمرة من جراء تعُبدها لأنانيتها. قال أحد الحكماء مرة : "من الممكن ترويض أسد أسهل من ترويض نفس ثائرة". وحتى تاريخ الأديان - بما فيه تاريخ المسيحّية- يحكى الفواجع من الصراعات والدماء والسلطة والتعصب والتكفير ونفىّ الآخر واحتقاره وصلبه. هذه هى "تراجيديا" النفس الإنسانية التى اكتوى بنارها المرنم عندما واجه معاناته وآلام شعبه، فصرخ من أعماقه إلى الله، وانتظرت نفسه الرب اكثر من المراقبين الصبح، فاختبر صلاحه وقوته المخلصة، وعاوده من جديد هدوء النفس وسلام الضمير، وعبر منطقة الليل إلى نور الصباح، وتطهر من نوازعه الجامحة، وتحرر من قلقه المدمر، وعاد إلى الاتضاع الناضج والبساطة النقية والمحبة الخادمة (مت 18 : 1 - 4) فيقول فى اتضاع القلب أو الفكر أو النظر والسلوك : "يَا رَبُّ لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي " Iam not high minded "وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ وَلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي"... فما يختزنه القلب من تشامخ وكبرياء يظهر فى العينين . وهذه الفكرة تتضح فى كثير من كتابات الحكمة فمثلاً : "مُسْتَكْبِرُ الْعَيْنِ وَمُنْتَفِخُ الْقَلْبِ لاَ أَحْتَمِلُهُ" (مز 101 : 5) ، و"11جِيلٌ يَلْعَنُ أَبَاهُ وَلاَ يُبَارِكُ أُمَّهُ 12جِيلٌ طَاهِرٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ وَهُوَ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ قَذَرِهِ 13جِيلٌ مَا أَرْفَعَ عَيْنَيْهِ وَحَوَاجِبُهُ مُرْتَفِعَةٌ 14جِيلٌ أَسْنَانُهُ سُيُوفٌ وَأَضْرَاسُهُ سَكَاكِينُ لأَكْلِ الْمَسَاكِينِ عَنِ الأَرْضِ وَالْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ." (أم 30 : 11 - 14). لكن المرنم يقول لله هنا : "َلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ .." أىّ : لم أتخذ من الأشياء والشكلياّت طريقاً للعظمة المريضة. ثم يقول "وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي" أى لم أسلك فيما يفوق إدراكى. وهذه الكلمات لا تعنى كبح روح المغامرة والتقدم بل تعنى التوجه الصحيح للنفس البشرية (رو 12 : 16 ، فى 2 : 3 ، 4). ولكن ما هو السر وراء هذا الفهم الصحيح الذى توصَّل إليه المرنم ؟ يقول المرنم فى العدد الثانى : "بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ". ثانياً : النفس المطمئنة (2 و3) : إن المرنم يقول هنا إننى سكنَّتُ أو سوّيتُ أو مهدت نفسى. أى إن رغائبى وعواطفى الهائجة المتلهفة كبحر هائج أو كريح عاصف قد أصبحت متزنة هادئة .. " كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ" أىّ قد أصبحت فى اطمئنان واثق كالطفل الذى فطم، فلم يعد محتاجاً أو مهتاجاً أو مغتاظاً لعدم وجود ما كان لا يمكنه الاستغناء عنه قبلاً، ولكن الآن يكفيه أن يستند إلى أمه فى استسلام هانئ، لا يفكر فى الأشياء أو الأشخاص بل قد صارت أمه كلِّ شىء بالنسبة له. هكذا " نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ". نفسى داخلى كفطيم نحوك .. أنت كل ما أشتهى، أنت كل الشبع الأعلى فى الحياة .. أنت اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن.. فيك أهدأ واستريح .. بك أثق وأتعلق وأغلب .. ومعك تحلو الحياة. إن هذه الآية ترد فى ترجمة كتاب الحياة : "ولكنى سكّنت نفسى وهدّأتها فصار قلبى مطمئناً كطفل مفطوم مستسلم بين ذراعىّ أمه". ولذلك يختم مزموره بالقول "لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ" ليكن فيه وحده كل الرجاء وكل اليقين .. كل الاتكال على مدى السنين .. إذا أردت هدوء النفس وسط صخب الحياة .. إذا أردت راحة للضمير وسط قلق الأيام .. إذا طلبت الاطمئنان والسلام وسط عواصف الدهر .. إذا التمست كل ذلك فضع رجاءك فى الله وحده. سكّن نفسك أمام الرب ليعيد إليها راحتها وسكينتها. قل له يارب إننى أجد العظمة فى الاتضاع عند قدميك وأجد شبعى فيك ورجائى فى الوجود بجوارك. إن رسالة هذا المزمور تمثل الاحتياج الملِّح لعالمنا الهائج الثائر اللاهث وراء المادة والسلطة والنفوذ، لكن الشبع الحقيقى الذى يسكن النفس هو فى الوجود الرائع فى محضر الله. نحن مشهورون جداً بالفخر، نتحدث كثيراً ونجيد فى الكلام، واُعتُبر الفخر - من قرون طويلة - أنه لون من ألوان الأدب والشعر. وهناك بيت شعر معروف للشاعر العربى أبى الطيب المتنبى ، يقول فيه : الخيلُ والليلُ والبيـداءُ تَعْرِفُـنى والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ أنا الذى نَظَرَ الأعمـى إلى أدبى وأسمعـتْ كـلماتى مـَنْ به صَمَمُ وهى حقيقة ظاهرة للكل، أن النفس التى تتربى داخلها مشاعر الفخر والقوة والتفوق والجدارة الشخصية والاستحقاق، هذه النفس من الصعب أن تنفطم بالمعنى الذى سبق شرحه. لذا فإن السؤال الذى يُلَّح علينا هو : كيف يحدث فطام النفس ؟ أولاً : بالتوبة والإيمان بعمل الله فى المسيح: هذه هى الخطوة الأولى والرئيسية لكل من يريد أن يختبر فطام النفس الداخلية. فى رواية "ترويض النمرة" للأديب الإنجليزى وليم شكسبير، يحكى الكاتب قصة رجل له بنتان، البنت الكبرى تتميز بالشراسة والصرامة والتمرد والقسوة، أما الصغرى فعلى النقيض من ذلك تماماً، فهى وديعة مسالمة هادئة. وذات يوم تقدم أحد الشبان لخطبة الابنة الصغرى قبل أختها الكبرى. وعرض الأب على العريس المتقدم أن يطلب الكبرى وأخبره عن أخلاقها الحقيقية وعن شراستها. وأحس الشاب أن هذا الزواج سيمثل نوعاً من التحدى له، فقبل. وبعد الزواج استطاع هذا الشاب أن يروض زوجته العنيدة من خلال اتباع سياسة التجويع، حى أصبحت طوع يديه تأتمر بكل ما يأمرها به. أما اللاهوتى الشهير رينهولد نيبور فيقول : "الإنسان يقف فى مفترق طرق بين الطبيعة والروح، أو بين الطبيعة Nature والروحانية .. لذلك فهو متورط فى كل من الحرية والضرورة". وهو يقصد أن الإنسان كشخصية روحية له قدرة وإمكانية نتيجة الحرية التى له، وكجزء من الطبيعة فهو محدود ومحكوم بقواعد معينة وقوانين ثابتة.. إن الإنسان (حلقة اتصال) بين الروح والطبيعة .. بين المحدودية والحرية.. بين العجز والعظمة فى نفس الوقت. وقد عَبِّر بسكال عن نفس هذه الحقيقة فقال : "الإنسان يقع فى موقع متوسط بين الملاك والوحش، وعليه أن يتجنب التطرف فى الجانبين، فيؤكد عظمته وبؤسه فى نفس الوقت". والفكر المسيحى يبتعد بالإنسان عن انحطاط النظرة الطبيعية وغرور النظرة المثالية .. ويرجع سبب بؤس الإنسان وعجزه إلى الخطية، فالإنسان بسبب الخطية يناقض طبيعته العليا وهدفه الأسمى ككائن روحى. هذا التناقض يسبب الانقسام والنشاز والصراع والثورة والجموح والسقوط والعجز عن إشبـاع أشواقـه الروحيـة، فالخطيـة تمنـع النفس من فعل ما تراه خيراً (رو 7 : 15 - 18) وتفسد وظائف الذات وتمسخ القلب فينشغل بأمور زائلة، وتشوه الخيال فيمتلىْ بتصورات حسّية وقتية، وتشوش العقل فينشغل بتوافه الأمور.. إنها حالة النفس عندما تغترب عن الله وتتمركز حول ذاتها. ومن هنا تنشأ الحاجة إلى التوبة والإيمان بعمل الله فى المسيح، وتظهر حاجتنا إلى نعمة الله المخلصة التى تغير حياة الإنسان وتدفعه إلى "نظام المحبة" وتعطيه نظرة جديدة للحياة وثقة واعتماداً كاملاً على الرب واتضاعاً قدامه وطاعة لفكره. إن الله هو الذى خلق النفس البشرية ، وهو بالتالى القادر على التعامل معها لكى تُفطم وتتحرر تدريجياً من قيودها. إنها لن تتحرر كلية مرة واحدة، لكنها بعمل الله والتدريب المتواصل ومعونة الروح القدس، تختبر مرحلة متقدمة من هذا الفطام الذى يشير إليه كاتب المزمور. ثانياً : الحياة فى المسيح فى الروح فى الكنيسة فالحياة المسيحيّة ليست مصالحة مع الله فحسب، بل هى صراع دائم ضد الخطية، وجهاد روحىّ مشفوع بروح المسؤولية، ومقاومة حتى الدم (عب 12 : 1 – 5 ، رو 6 : 11 - 14) ضد الخطية حتى لا تملك فى أعضائنا بل نقدمها آلات بر لله. يقول الرسول بولس : "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ،" (2 تى 4 : 7) ويقول أيضاً : "لِذَلِكَ أَنَا أَيْضاً أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِماً ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ." (أع 24 : 16). إذن الحياة فى المسيح فى الروح هى الجهاد الأكبر، لأنها الجهاد من أجل فطام النفس. والطريق إلى الغلبة هو ممارسة حضور المسيح وقوة الروح، فالروح القدس هو روح المسيح العامل دائماً فى الإنسان المؤمن ليخضع نفسه لفكر المسيح. والكنيسة هى المجال الذى يستمر فيه عمل المسيح الواهب حياة أفضل، وعمل الروح المانح للقداسة. هى مجال الغذاء للنمو، والشركة للتعضيد، والخدمة للتدرب، وممارسة وسائط النعمة من كلمة وفرائض مقدسة. وبالإجمال هى مجال النضوج كعملية دائمة لفطام النفس عندما تترجى وجه الله وحده .. فى النهاية ، كيف نتعرف ونختبر فكرة الفطام من خلال هذين العاملين ؟ إن فطام النفس حالة من الشبع بالله والاطمئنان والثقة والسلام بجواره وفيه. وفى المقابل، هى حالة من القناعة والاكتفاء والاستغناء عن الأشياء والأشخاص .. هذا بالطبع ليس معناه أن نتبنى موقفاً ضد الأشياء والأشخاص بل هو فقط عدم سيادة الأشياء والأشخاص على الحياة. أود الآن أن أضع بعض النماذج الكتابية وغير الكتابية لأشخاص تعلموا فطام النفس : موقف إبراهيم من المال حينما عُرضت عليه من ملك سدوم، فرفع يده إلى السماء قائلاً : "21وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ لأَبْرَامَ: «أَعْطِنِي النُّفُوسَ وَأَمَّا الأَمْلاَكَ فَخُذْهَا لِنَفْسِكَ». 22فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: «رَفَعْتُ يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلَهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ 23لاَ آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ." . (تك 14 : 21 - 23). أظهر أبرام حالة من الاستغناء والاكتفاء. موقف الرسول بولس أيضاً حين قال : "11لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أَنَا فِيهِ. 12أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضاً أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. 13أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي. 14غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَناً إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي." (فى 4 : 11 - 13). موقف يوسف كفطام نفس عن الجنس فى مواجهة التجربة القاسّية التى جاءت إليه عن طريق امرأة سيده، ويالها من كلمات رائعة : "..فَكَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟" (تك 39 : 9)، كذلك فطامه لنفسه عن الانتقام من إخوته الذين آذوه. "4فَقَالَ يُوسُفُ لإِخْوَتِهِ: «تَقَدَّمُوا إِلَيَّ». فَتَقَدَّمُوا. فَقَالَ: «أَنَا يُوسُفُ أَخُوكُمُ الَّذِي بِعْتُمُوهُ إِلَى مِصْرَ. 5وَالْآنَ لاَ تَتَأَسَّفُوا وَلاَ تَغْتَاظُوا لأَنَّكُمْ بِعْتُمُونِي إِلَى هُنَا لأَنَّهُ لِاسْتِبْقَاءِ حَيَاةٍ أَرْسَلَنِيَ اللهُ قُدَّامَكُمْ." (تك 45 : 4-5). موقف الفطام من النفوذ والسلطة والمجد العالمى الذى ظهر فى حياة دانيال حين رفض أطايب الملك "أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ فَطَلَبَ مِنْ رَئِيسِ الْخِصْيَانِ أَنْ لاَ يَتَنَجَّسَ." (دا 1 : 8)، والفتية "16فَأَجَابَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو: [يَا نَبُوخَذْنَصَّرُ لاَ يَلْزَمُنَا أَنْ نُجِيبَكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ. 17هُوَذَا يُوجَدُ إِلَهُنَا الَّذِي نَعْبُدُهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَجِّيَنَا مِنْ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ وَأَنْ يُنْقِذَنَا مِنْ يَدِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ. 18وَإِلاَّ فَلِْيَكُنْ مَعْلُوماً لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنَّنَا لاَ نَعْبُدُ آلِهَتَكَ وَلاَ نَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَهُ]." (دا 3 : 16 - 18) والمثال الأسمى هو الرب يسوع "5فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: 6الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. 7لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ." (فى 2 : 5 - 8). موقف الراوئى الروسى الثرى تولستوى الذى افتتح عام 1829 مدرسة لتعليم الفلاحين فى مزرعته، واشترك من ماله الخاص فى حملات إغاثة الجوعى، ولذلك أراد أن يوزع أرضه على الفلاحين فرفضت أسرته واتهمته بالجنون، فعاش حزيناً حتى مات عام 1910 . موقف دى كليرك الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب أفريقيا حينما سَلَّم السلطة بهدوء إلى نيلسون مانديلا لأنه يمثل رغبة أغلبية الشعب ، وقد صنع كليرك ذلك بناءً على توجيهات ونصائح أمه له، وهى بدورها كانت قد اختبرت من قبل حقيقة الشبع فى المسيح. فى كل هذه النماذج يصدق من جديد القول الحكيم : النفسُ كالطِّفِلِ إن تَتركَهُ شَبِّ على حبِ الرضاعِ وإنْ تَفْطِمَهُ يَنْفَطِمُ إذن : "لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ الرَّبَّ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ" ليكن فيه وحده هو كل الرجاء، وكل الكفاية. لنتضع قدامه فى إدراك واع بقصر الحياة، وضآلة الإنسان مهما كبر، وبعظمة إلهنا فنرجو رحمته ورضاه |
22 - 05 - 2012, 06:06 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
مشاركة جميلة جدا ربنا يفرح قلبك |
||||
22 - 05 - 2012, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
شكراً أختى مارى على مرورك الجميل
|
||||
|