كان راهبًا بدير القديس مقاريوس ورُسِم بطريركًا سنة 1102 م.، ورغم جلوسه على كرسي مار مرقس نحو ستة وعشرين سنة إلا أن هذه المدة لم يحدث فيها ما يستحق الذكر سوى أمرين: أولًا: بعد أن خلا كرسي مصر، يبدو أن هذا البطريرك طمع في ضم أسقفية مصر إليه ولا يقيم أسقفًا عليها، فاجتمع أراخنة مصر وقالوا: "كما أنه لا يجوز لنصراني أن يكون له زوجتين كذلك لا يجوز أن يكون لأسقف كرسيين، والأنبا مكاريوس هو أسقف مدينة الإسكندرية فكيف يمكن أن يكون له أسقفية مصر؟" وأخذوا يفكرون فيمن يصلح للأسقفية لهذا الكرسي الذي كان يعتبر تاليًا للبطريرك، ثم اختاروا أربعة كان أولهم مرقورة الحبي بابيار، ثم أقاموا قداسًا إلهيًا وعملوا قرعة بين هؤلاء الأربعة وتقدم صبي شماس وأخذ من الرقاع واحدة وكانت باسم يوأنس بن سنهوت، وعملوا محضرًا بذلك وأرسلوه للبطريرك ومعه رسالة من الشعب، وهكذا تمت رسامة أسقف لمصر. وهذه القصة توضح حق الشعب في اختيار أسقفهم وتفهم الآباء البطاركة لهذا الأمر. ثانيا: في عهده هاجمت أول حملة صليبية البلاد المصرية، فقد اتجه بولدوين Boldwin ملك مملكة بيت المقدس اللاتينية إلى البلاد المصرية لغزوها وكان ذلك سنة 1117 م. ووصل إلى الفرما وفتك بأهلها بلا أدنى تمييز بين مسلمٍ ومسيحيٍ وأشعل النار فيها، واستمر في زحفه حتى وصل إلى تانيس لكنه اضطر إلى العودة بعد أن مَرِض مَرَض الموت. ولم يحاول المصريون الانتقام من ذلك الهجوم ووقفوا موقفًا سلبيًا حتى نهاية الخلافة الفاطمية. مما يذكر أن الوزير الأفضل لقي حتفه أواخر سنة 1121 م. مقتولًا بتدبير الخليفة الفاطمي الآمر. ولا شك أن الأفضل كان إنسانًا حكيمًا أحسن معاملة الأقباط لكن غيرة الخليفة من نفوذ وزيره قادته إلى هذه الجريمة الشنعاء. ويُذكر أن عن الخليفة الآمر أنه كان يتردد على دير نهيا بجوار الجيزة ويقضي فيه بضعة أيام، وكان في كل مرة يزور الدير يمنح رهبانه ألف درهم، أما في زيارته الأولى فقد أوقف عليه ثلاثين فدانًا لا يدفعون عنها مالًا، وبلغ جملة ما قدمه للدير أكثر من ثلاثين ألف درهم.وقد تنيح البابا مكاريوس في سنة 1128 م.