كان متزوجًا بنت أخ البابا يوأنس السادس عشر، وهو من أراخنة الأقباط في عصر الدولة العثمانية وكان معاصرًا للبابا بطرس السادس. كان المتولي على مصر يومئذ الوالي رجب باشا، فسعى إليه جماعة بأن وشوا في حق المعلم لطف الله، فأوقع رجب باشا الوالي الطلب على المعلم لطف الله، ولكن جماعة من أكابر الدولة والذين يحبون هذا المعلم تمكنوا من تطييب خاطر الوالي المذكور، بنحو أربعين كيسًا قام بدفعها من عنده من ماله الخاص ولم يأخذ من الأراخنة شيئًا لأنه كان رجلًا غنيًا، ولم يكن في زمانه من يعادله ثروة وجاهًا، وكان طيب القلب متمسك بالدين.من أشهر أعماله الاهتمام بتعمير كنيسة الملاك ميخائيل بمصر القديمة، وكنيسة مارمينا بفم الخليج، كما قام بمصاريف حفلة إقامة البطريرك على الكرسي، إلا أن الشيطان أثار عليه من قتله وهو في طريقه إلى منزله في شهر مسرى سنة 1436ش، فقاموا بتجنيزه.
يروي الإصحاح الحادي عشر من إنجيل القديس يوحنا قصة إقامة السيد المسيح للعازر من الأموات، الذي كان من بيت عنيا وشقيق مرثا ومريم، وكانوا جميعًا أصدقاء للسيد المسيح الذي كان يحبهم. لا يروي لنا الكتاب المقدس شيء عن حياة لعازر بعد ذلك، ولكن بعض الروايات الغير مؤَكَّدة تقول أنه تبع بطرس الرسول إلى سوريا، إلا أن تقليد الكنيسة الشرقية يروي عنه أن يهود يافا Jaffa وضعوه هو وشقيقتيه وآخرين في سفينة بها تسرب ماء قاصدين إغراقهم، ولكن بقوة إلهية رست السفينة بسلام في جزيرة قبرص، حيث أقيم لعازر أسقفًا على كتيون (لارناكا) Kition (Larnaca)، وهناك تنيّح بسلام بعد نحو ثلاثين عامًا. وفي عام 890 م. بنى الإمبراطور لاون السادس Leo VI في القسطنطينية كنيسة ودير على اسمه، ونقل جزءً من رفاته إليها من قبرص. هناك أدِلّة وفيرة على أن ذكرى القديس لعازر كانت تُكرَّم في الأيام الأولى في أورشليم، ثم بعد ذلك في الكنيسة كلها. فتروي السيدة إثيريا (إيجيريا) Etheria التي ذهبت لزيارة الأراضي المقدسة سنة 390 م. عن موكب احتفالي في اللعازرية Lazarium -حيث أُقِيمَ لعازر من بين الأموات- وذلك في يوم السبت السابق لأحد السعف، وقد تأثرت إثيريا بسبب الجمع الغفير الذي ملأ المنطقة كلها. وفي ميلان بإيطاليا كان أحد البصخة يسمى Dominica de Lazaro، وفي أفريقيا كما نتعلم من القديس أغسطينوس كان إنجيل إقامة لعازر من الموت يُقرأ في عشية ليلة أحد السعف. حاليًا تقيم أغلب الكنائس الأرثوذكسية تذكارًا لإقامته في يوم السبت السابق لأحد الشعانين، أي حوالي أسبوع قبل عيد الفصح المسيحي.العيد يوم 17 ديسمبر.
وُلد هذا القديس في تول Toul سنة 383 م.، وتزوج من إحدى أخوات القديس هيلاري. وبعد ست سنوات من الزواج قضاها في شوق شديد لخدمة الرب في قداسة انفصل عن زوجته بإرادتهما المشتركة، وباع كل منهما ممتلكاته ووزعها على الفقراء. ثم كرس نفسه لحياة الرهبنة وذلك في دير شهير في لِرينس L'rins تحت رعاية القديس هونوراتُس Honoratus. أسقف تروي:
اختير حوالي سنة 426 م. ليكون أسقف تروي Troyes، وبالرغم من توليه هذا المنصب ظل على نفس تقشفه وإخضاع جسده كما كان في الدير، فكان يرتدي أبسط الملابس وينام على لوح من الخشب ويقضي ساعات طويلة في صلواته الخاصة ويصوم منقطعًا عن الطعام لعدة أيام، وفي نفس الوقت كان يمارس واجباته كأسقف بحماسة متواصلة. محاربة هرطقة البيلاجيين في بريطانيا:
وفي سنة 429 م. ذهب القديس جيرمانوس إلى بريطانيا لمحاربة هرطقة البيلاجيين ورُشِّح لوبُس لمرافقته في هذه المهمة. كان الأسقفان مصممان على إنجاز هذه المهمة بالرغم من المشقة التي تنتظرهما، وبواسطة صلواتهما وعظاتهما ومعجزاتهما استطاعا أن يقضيا على التعاليم الخاطئة. عودة القديس لوبُس إلى كرسيه:
بعد عودة القديس لوبُس إلى كرسيه بدأ بنشاط كبير في تعليم وإصلاح شعبه من جديد، مظهرًا حكمة كبيرة وتقوى نابعة من إيمانه حتى أُطلِق عليه: "أب الآباء وأسقف الأساقفة ودستور الأخلاق وعماد الصدق وصديق الله وشفيع الشعب". كان هذا القديس لا يبخل بتعبه حتى لإنقاذ حَمَل صغير، ويُذكَر عنه أن أحد رجال إيبارشيته هجر زوجته وسافر بعيدًا، فكتب القديس إلى أسقف تلك المدينة التي سافر إليها الزوج رسالة قوية جدًا مكتوبة بأسلوب هادئ وحكيم لكن في نفس الوقت شديد وموَبِّخ أثَّرت في الزوج حتى عاد إلى بيته، مما جعل الأسقف يقول عن القديس لوبُس: "ما أعظم هذا التوبيخ الذي يقود الخاطئ إلى التوبة عن خطيته، وأيضًا يحب موبخه
في ذلك الوقت أتى أتيلاّ Attila بجيش عظيم وغزا بلاد الغال، وكان يُطلَق عليه "غضب الله" الذي أرسله ليعاقب الناس على خطاياهم، حتى وقع في أسره الكثير من البلاد وكانت تروي هي محطته التالية. أخذ القديس لوبُس يصلي للّه متضرعًا من أجل شعبه ثم ذهب لمقابلة المعتدي محاولًا إنقاذ المنطقة من عدوانه، لكن القديس اضطُر أن يصاحب أتيلاّ كأنه أسير لديه، وبعد هزيمة هؤلاء الهمجيين اتُّهِم لوبُس أنه ساعد في هروب أتيلاّ، فحُرِم من دخول مدينته لمدة سنتين وعاش حياة نسك ووحدة في الجبال طوال هذه المدة، وعندما تغلَّب خيره وصبره على حقد الناس عاد إلى كنيسته مرة أخرى ليرعاها بحكمته وحماسته، إلى يوم نياحته سنة 478 م.العيد يوم 29 يونيو.
كان لورنتيوس أول شمامسة روما التقليديين السبعة، يخدمون في كنيسة روما في زمن البطريرك سيكستوس الثاني Sixtus الذي استشهد في زمن الإمبراطور فالريان Valerian سنة 258 م. كان الشماس لورنس أو لورنتيوس مسئولًا عن ممتلكات الكنيسة كما كان مسئولًا عن توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين. شوقه للاستشهاد:
يقول التقليد الغربي أنه بينما كان البطريرك سيكستوس يساق إلى الاستشهاد كان شماسه لورنس يسير وراءه باكيًا يقول: "يا أبي إلى أين تذهب تاركًا شماسك؟"، فأجابه قائلًا: "إنني لن أتركك يا ابني، وسوف تلحق بي بعد ثلاثة أيام". فرح لورنس جدًا بهذا الإعلان عالمًا أنه بعد قليل يلحق بأبيه الروحي، فسعى إلى كل الفقراء والأرامل والأيتام الذين كان يخدمهم ووزع عليهم كل ما معه من أموال، بل أنه باع الأواني المقدسة حتى يزيد قيمة ما معه ووزعه أيضًا عليهم. كنوز الكنيسة:
إذ سمع حاكم روما - الذي كان محبًا للمال - بما يفعله لورنس، ظن أن المسيحيين يملكون ثروات طائلة وأراد اغتصابها قبل أن يفعل بها لورنس ما فعله بمثيلتها، فأرسل إليه قائلًا: "إنكم معشر المسيحيين تَشْكُون أننا نعاملكم بقسوة، ولكنني أؤكد لك أن هذا غير وارد بالنسبة لتفكيري الآن، ولكنني أتساءل بهدوء عما يخصك. لقد سمعت أن كهنتكم يَمنَحون الذهب ويحفظون الدم المقدس في أواني فضية، وفي عباداتكم المسائية تضعون الشموع في حوامل ذهبية. وأنا أريدك أن تأتي لي بهذه الكنوز لأن الإمبراطور يريدها لمصاريف جيشه، وحسب معلوماتي فإن شريعتكم تعلمكم أن تعطوا ما لقيصر له، وإلهكم لم يأتِ بأموال إلى العالم إنما أتى بكلام فقط، فأعطونا المال واحتفظوا أنتم بالكلمات". أجابه لورنس قائلًا: "إن الكنيسة غنية حقًا، ولا يملك الإمبراطور أي كنوز مما تملكه الكنيسة، وسوف أريك جزءً من ممتلكاتها ولكن أسألك أن تمنحني فرصة قصيرة حتى أُعِدَّ كل شيء لك"، فمنحه الحاكم مهلة ثلاثة أيام وأخذ يحلم بكنوز المسيحيين المخفية بين يديه. في هذه المهلة طاف لورنس أنحاء المدينة لتجميع الفقراء الذين كانت الكنيسة تخدمهم، وفي اليوم الثالث تجمَّع صفوف طويلة من الشيوخ والعمي والعرج والبرص والأيتام والأرامل، ثم ذهب لورنس إلى الحاكم يدعوه لمشاهدة ثروة الكنيسة. ذُهِل الحاكم من المنظر البائس وتحول إلى لورنس قائلًا بتهديد عما يعني هذا؟ فأجابه الشماس: "لماذا تغضب؟ لقد سألت عن كنوز الكنيسة وها هي أمامك". اشتعل الحاكم غضبًا وثورة عليه وصرخ فيه: "إن الإمبراطورية الرومانية لا يصح أن تُهان، أنا أعلم إنك تطلب وتشتهي الموت ولكنني لن أتركك تموت مباشرة كما تظن بل ستموت موتًا بطيئًا". مر الحاكم بإحضار شبكة حديدية وربط فوقها القديس وأشعل تحتها الفحم حتى يحترق ببطء، وقد رأى المسيحيون نورًا جميلًا يشع من وجهه واشتموا رائحة ذكية تخرج من جسده المحترق، والعجيب أن غير المؤمنين لم يروا أو يشموا شيئًا. يقول القديس أمبروسيوس عن الشهيد لورنس أنه بينما كانت النيران تشتعل في جسده كانت نيران الحب الإلهي تشتعل بقوة أكبر في قلبه حتى أنه لم يهتم بالألم. وبعد معاناة طويلة التفت إلى الحاكم بابتسامة قائلًا: "أديروا جسدي فإن ناحية واحدة قد استوت بما يكفي"، ولما أداروه أضاف: "لقد نضجت الآن يمكنكم أن تأكلوا". ثم صلى من أجل انتشار المسيحية في روما والعالم كله وبعدها أسلم الروح. يقال أن صلاته هذه قد أتت مفعولها، إذ آمن عدد كبير من الواقفين وكان منهم أعضاء في مجلس الشيوخ وكبار رجال الدولة، الذين تأثروا بشجاعة الشهيد فأخذوا جسده ودفنوه بإكرام بعد أن أعلنوا إيمانهم، ويقال أن موته كان موتًا للوثنية في روما، إذ بدأت تندثر فيها منذ ذلك الوقت، ومنذ القرن الرابع صار الشهيد لورنس من أكثر القديسين المكرمين في كنيسة روما وصار اسمه يُذكَر في القداس الإلهي.بعد استشهاده دفنوه في قبر، ويقال أن الإمبراطور قسطنطين الكبير بنى فوقه كنيسة كبيرة تكريمًا للشهيد، وقد أعاد بنائها أو ترميمها دماسوس Damasus أسقف روما. وتُعيِّد له الكنيسة الغربية في العاشر من شهر أغسطس.
وُلدت القديسة لوسيا (أو لوسي، ويعني اسمها "نور" أو "منيرة") في سيراكوزا بصقلية في نهاية القرن الثالث الميلادي، وكان والداها من أغنياء المدينة الأتقياء، وقد ربياها تربية مسيحية حقة وعلماها الصلاة والتسبيح ومطالعة الكتاب المقدس والتمتع بحياة الروح والذهاب إلى الكنيسة كل يوم أحد والتناول من جسد الرب ودمه الأقدسين. رغبة والدتها في تزويجها:
تربت لوسيا في حرارة العبادة والاحتشام، وعندما مات والدها وهي في السادسة من عمرها اختارت لها أمها أوتيكا عريسًا شابًا ذا أخلاق حميدة غير أنه كان وثنيًا، وظنت أنه لابد أن يصير مسيحيًا بمعاشرته للوسيا. لما شعرت القديسة بنية والدتها طلبت منها أن تؤخر الأمر وتدعها بضع سنين حتى تقرر أمرها، فوافقت الأم إلا أن الشاب أخذ يلح عليهًا مرارًا بينما كانت لوسيا تصلي ليلًا ونهارًا بدموع لكي ينقذها السيد المسيح من هذه التجربة. وبعد مدة مرضت الأم فتشفعت القديسة لوسيا لدى القديسة أغاثي التي ظهرت لها في حلم، وقالت لها أن تطلب من رب المجد فيستجيب لطِلبتها، وفعلًا قامت وصلَّت صلاة حارة فشفيت والدتها ووعدتها بأنها لن ترغمها على الزواج من ذلك الشاب الوثني.
فقأ عينيها:
وقامت الأم وابنتها ببيع ممتلكاتهما للتصدق على الفقراء، إلا أن الشاب وشى بهما لدى الحاكم بسكاسيوس، فأرسل وقبض على لوسيا وأخذ يلاحقها تارة ويعذبها تارة أخرى حتى أمر الشرير بإرسالها إلى بيت الخطية لأنه كان معجبًا بعينيها مراودًا إياها لفعل الخطية. رفعت البتول يديها إلى السماء مستغيثة بالسيد المسيح له المجد ثم اقتلعت عينيها وألقتهما في وجه الحاكم، حينئذ ظهر لها رب المجد وجعلها تثبت في مكانها كالصخرة حتى عجز الجنود عن أن يزحزحونها من مكانها، فربطوها بحبال وأخذوا يشدونها من مكانها حتى خارت قواهم. وعندما ألقوها في النار كانت تصلي لوسيا للرب يسوع وخرجت معافاة، فأمر الحاكم بضرب عنقها بالسيف ولكن الضربة لم تكن كافية لفصل رأسها عن جسدها فلم تمت القديسة حالًا، فأخذها المؤمنون إلى بيت قريب وأحضروا لها القربان المقدس فتناولت منه ثم رقدت بسلام وكان ذلك في 13 ديسمبر.منذ بداية القرن الرابع والتقليد المسيحي الغربي يتخذ من القديسة لوسيا الشهيدة شفيعة للمكفوفين وضعاف البصر وترسم صورتها دائمًا وهي حاملة عينيها في طبق.
قَدُم القديس لوسيان من روما وكرز بالإنجيل في بلاد الغال Gaul وذلك في القرن الثالث الميلادي، وكان يصحبه رفيقاه ماكسيميان Maximian وجوليان Julian وقد ختم خدمته بسفك دمه في بيوفيه Beauvais حوالي سنة 290 م.، بينما استشهد رفيقاه قبله بقليل في نفس المكان. قد عُثِر على أجساد الشهداء الثلاثة في القرن السابع، واشتهرت رفاته بعمل الكثير من المعجزات.العيد يوم 8 يناير.
درسا السحر الأسود واشتغلا به ثم تحولا إلى الإيمان المسيحي حين اكتشفا أن سحرهما يفقد قوته أمام شابة مسيحية عذراء. إذ انفتح قلباهما أخذا كتب السحر وحرقاها أمام الجموع في مدينة نيقوميديا Nicomedia، ثم غسلا كل شرورهما بسر المعمودية. بعد ذلك وزعا كل أموالهما على الفقراء، وتحولا إلى حياه الوحدة والتأمل، حتى بالصلاة والنسك يثبتا في النعمة التي نالاها.
بعد فترة قاما برحلات متعددة ليكرزا بالمسيح للوثنيين. وحين أُعلِنت قرارات ديسيوس Decius ضد المسيحيين في بيثينية Bithynia قُبِض عليهما وأُحضِرا أمام الحاكم سابينوس Sabinus. سأل الحاكم القديس لوسيان: "بأي سلطان تكرز بيسوع المسيح؟" أجابه القديس: "كل إنسان يعمل حسنًا حين يجتهد أن يجذب أخاه من الأخطاء الخطرة"، وبالمثل كان ماركيان يمجد قوة السيد المسيح. أمر الحاكم بتعذيبهما، فعاتباه قائلين انهما حين كانا يعبدان الأوثان ارتكبا جرائم عديدة ومارسا علنًا أعمال السحر ومع ذلك لم يُتَّهَما أو يُحاكَما بشيء، بينما حين أصبحا مسيحيين ومواطنين صالحين عوقبا وعُذِّبا بشدة. هددهما سابينوس بعذابات أكثر فردا قائلين: "إننا مستعدان لتحمل أي شيء ولكننا لن نترك الإله الحقيقي، حتى لا نُلقَى في النار التي لا تطفأ". وعند ذلك أمر سابينوس بحرقهما أحياء، فذهبا فرحين إلى مكان الاستشهاد يترنمان ويسبحان الله بفرح وشكر، وكان استشهادهما حوالي سنة 250 م.العيد يوم 26 أكتوبر.
وُلد في ساموساطا Samosata بسوريا، وكان أبواه تقيين، درباه منذ نعومة أظافره على العبادة. انتقلا من هذا العالم ولم يكن لوقيانوس قد بلغ سوى إثنتي عشر سنة. وزّع لوقيانوس كل ما ورثه على المساكين وتتلمذ على يديّ مكاريوس في الرُها Edessa الذي كان يفسر الكتاب المقدس في مدينة أرفا. بين حياة الهدوء والخدمة:
أصبح خبيرًا عظيمًا في فن الفلسفة والبلاغة، وقد أعد نفسه لدراسة الكتب المقدسة، إذ كان مقتنعًا أن واجبه ككاهن يحتم عليه أن يكرس وقته ونفسه بالكامل لخدمة الله والناس، لم يكتفِ فقط باقتناء الفضائل بالكلام والقدوة ولكن تعهد بمراجعة الكتاب المقدس بعهديه حتى تتطابق ترجماته المختلفة. قام بمراجعة التوراة إما بمقارنتها بالطبعات القديمة أو عن طريق النسخة العبرية كونها اللغة التي كتب بها الكتاب المقدس، ومن المؤكد أن نسخة القديس لوسيان نالت تقديرًا عظيمًا، وكانت ذات فائدة عظيمة للقديس جيروم. التهب قلب لوقيانوس بمحبة الله، وكان يزهد كل شيء في العالم. يأكل مرة واحدة كل يوم عند الغروب، وأحيانًا كان يصوم سبعة أيام متوالية بلا طعام ولا شراب. وكان يقضي فترات طويلة صامتًا، يختلي مع الله. وإذا تحدث مع أحد كان حديثه حول الكتاب المقدس. اتجه إلى إنطاكية سوريا ليخدم الكنيسة هناك حيث سيم كاهنًا. هناك أنشأ مدرسة لدراسة الكتاب المقدس مجّانًا. وكان ينفق على نفسه من النسخ حيث اتسم بالخط الجميل وسرعة الكتابة. يقول القديس ألكسندروس بطريرك الإسكندرية أن القديس لوسيان تأثر لفترة طويلة ببولس الساموساطي الهرطوقي الذي أدين في إنطاكية عام 269 م.، فحُرِم من شركة الكنيسة لفترة، ولكن من المؤكد أنه مات في الشركة، وهذا يتضح من بقايا جواب كتبه للكنيسة في إنطاكية. اضطهاده:
إذ صار مكسيميانوس قيصرًا أرسل إلى إنطاكية تاوتيكس المُبغض للديانة المسيحية، فيهيج الرعاع على المؤمنين، وطلب من المسيحيين أن يسجدوا للأوثان وإلا تعرضوا للتعذيب. وإذ كان لوقيانوس مكرمًا من المسيحيين والوثنيين أراد الملك أن يحطمه فتتحطم معه الديانة المسيحية في إنطاكية. أُلقي القبض عليه وأتوا به إلى نيقوميدية عاصمة مملكته. هناك التقى بمكسيميانوس الذي سمع الكثير عن شخصية لوقيانوس القوية الجذابة. خشي قيصر من أن يتأثر بلوقيانوس فكان يتحدث معه عن بعد ويضع منديلًا على وجهه حتى لا يراه. تحدث معه خلال مترجم وصار يعده بأن يجعله شريكًا معه في الحكم وفي تدبير أمور البلاد إن عبد الأوثان، فأجابه لوقيانوس: "ما وعدتني به وكل ما هو أعظم منه ولو امتلاك كل ما في العالم من مجدٍ وفخرٍ، فإنه لا يوازي سعادة التعبد للسيد المسيح. لأنه باطلًا يربح الإنسان العالم كله إن خسر الإيمان به، فإنه بدون هذا الإيمان يخسر الإنسان نفسه ويهلكها أبدًا". إذ لم ينجح بإغرائه أمر بتعذيبه بقسوة، فضُرب بالسياط ووُخز بأسنة محمّاه، وأُلقي في السجن على أرض مفروشة بحجارة مسننة، وأوثقوا عنقه وساقية بقيود حديدية. أعيد للسجن وصدر قرار بمنع الطعام عنه، لكن بعد 14 يوم حيث كان على وشك الموت من الجوع قُدِّمت له اللحوم التي تقدم للأوثان، لكنه رفض تناولها أو حتى لمسها، ليس لنجاسته في ذاته إنما لأنه في هذه الحالة يعتبر شهادة بوثنية من يأكل منه. إذ قرب عيد الظهور الإلهي اجتمع حوله كثيرون من تلاميذه، جاءوا من إنطاكية لزيارته في السجن وينالوا بركته. كانوا قد اعتادوا أن يتناولوا من يديه في مثل هذا العيد. أخذ يعزّيهم وأقام لهم قداسًا إلهيًا، وإذ لم يوجد مذبح وضع القرابين على صدره بعد أن رفعوا رأسه قليلًا وهو منهك القُوى. وصلى تلاميذه وهم راكعون حوله، ثم ناولهم. في الغد أرسل قيصر إلى السجن ليروا إن كان حيًّا أم ميتًا. أُحضِر للمحاكمة للمرة الثانية، وفى هذه أيضًا كانت إجاباته على كل الأسئلة التي وجهت له هي "أنا مسيحي" وكان يكررها حتى وهم يعذبوه، وكرر ذلك ثلاث مرات وسلّم روحه بيد مخلصه في السجن إما بسبب الجوع أو بحد السيف كما يقول القديس ذهبي الفم، وذلك سنة 312 م.، ودفن في دريبانوم (هيلينوبوليس) Drepanum (Helenopolis).. عانى القديس من سجن طويل بسبب إيمانه، وكتب من حبسه يقول: "كل الشهداء يسلمون عليكم، أُعلِمكم أن البابا أنسيموس Anthimus أسقف نيقوميدية قد أنهى خدمته بالاستشهاد." وكان هذا عام 303 م.، لكن يوسابيوس يخبرنا أن القديس لوسيان قد استشهد بعد استشهاد القديس بطرس السكندري عام 311 م، ولذا يبدو أنه قضى حوالي تسع سنوات في السجن. وقد بنت القديسة هيلانة كنيسة عظيمة في نيقوميدية باسم هذا القديس.يعيد له الغربيون في 7 يناير (كانون الثاني).
كان كاهنًا وثنيًا في نيقوميديا Nicomedia قبل أن يتحول إلى المسيحية في سن كبير. بسبب مسيحيته قُبِض عليه أثناء حكم الإمبراطور أوريليان Aurelian، وأُحضِر أمام الوالي سيلفانوس Silvanus. رفض لوسيليان بكل شجاعة أن ينكر المسيح فأخذوا يضربونه بالحجارة على وجهه ثم جلدوه بالسياط وعلقوه من رقبته، ألقوه بعد ذلك في السجن، وهناك وجد أربعة شبان من المسيحيين هم كلوديوس Claudius هيباتيوس Hypatius بولس Paul وديوناسيوس Dionysius. أخذ لوسيليان يشجع هؤلاء الشباب على الثبات في الإيمان، حتى أنهم حين وقفوا مرة أخرى للمحاكمة اعترفوا بكل شجاعة وقوة بإيمانهم. وُضِع لوسيليان في أتون نار ولكنه خرج منه بدون أية أذية. أخيرًا أُرسِل الخمسة مكبلين بالأغلال إلى بيزنطة Byzantium حيث صُلب لوسيليان وقُطعت رؤوس الأربعة الباقين، فنالوا إكليل الشهادة وذلك سنة 273 م. كانت امرأة مسيحية اسمها بولا Paula تهتم بالشهداء الخمسة أثناء حبسهم، فكانت تطعمهم في السجن وتداوي جراحاتهم. قُبِض عليها هي الأخرى وعُذبت ووضعت في أتون النار فلم تضرها، وأخيرًا قطعوا رأسها ونالت إكليل الشهادة. بعض القصص التي تروى عن هؤلاء القديسين تقول أنهم كانوا مصريين واستشهدوا في مصر، وقصص أخرى أنهم استشهدوا في نيقوميديا ثم نقلت أجسادهم فيما بعد إلى القسطنطينية Constantinople.العيد يوم 3 يونيو.
استمر الاضطهاد الذي أثاره فالريان Valerian ضد المسيحيين لمدة سنتين نال خلالهما الكثيرون إكليل الاستشهاد، ومن بينهم القديس كبريانوس وذلك في سبتمبر سنة 258 م. اضطهاد الوالي سولون:
بعد استشهاده بفترة قصيرة مات الوالي غالريوس ماكسيموس Galerius Maximus الذي كان قد أصدر الحكم عليه، ولكن تولى بعده الوالي سولون Solon الذي استمر في اضطهاد المسيحيين. واشتعلت ثورة ضد سولون في قرطاجنة Carthage مات فيها الكثيرون، وبدلًا من أن يبحث الوالي عن الجناة صبّ جام غضبه على المسيحيين واعتقل ثمانية منهم، كانوا من تلاميذ القديس كبريانوس ومعظمهم من الإكليروس. بعد القبض عليهم اقتيدوا مكبلين بالأغلال إلى السجن، وحين علموا من خدام الحاكم أنهم سوف يُساقون للحرق صلوا إلى الله أن يجيز عنهم تلك العقوبة، فاستجاب الله الذي في يديه قلوب البشر إلى صلاتهم، فقد عدَّل الحاكم العقوبة وألقاهم إلى أعماق السجن حيث وجدوا الكاهن فيكتور Victor مع عدد آخر من المسجونين. رؤيا في السجن:
لم يرهبوا ظلمة السجن أو يجزعوا من قذارته، إذ ملأهم الروح القدس من الإيمان والفرح حتى يتحملوا المعاناة التي لا يُمكن التعبير عنها بكلمات. وفي نفس الوقت تعزّوا برؤيا رآها أحدهم وهو رينوس Renus، حيث رأى العديد من المسجونين يسيرون للخارج وأمام كل واحد منهم سراج مضيء، بينما آخرون لم يكن لهم هذا السراج قد ظلوا في الخلف. وقد رأى رفقاؤه من ضمن التابعين للنور، فامتلأوا فرحًا عالمين أن السراج يرمز للسيد المسيح النور الحقيقي، وأنهم سوف يتبعونه بالاستشهاد. في اليوم التالي أرسل الحاكم يستدعيهم للمثول أمامه، فساروا مكبلين بالأغلال في الطرقات والأسواق. وإذ لم يكن الجنود يعلمون المكان الذي ينوي الحاكم الاستماع إليهم فيه أخذوا يجرونهم من مكان إلى آخر، وأخيرًا وقفوا أمامه وكانت إجابتهم عليه واضحة ومحددة، وفي نهايتها أُرسِلوا مرة أخرى للسجن. رؤيا أخرى:
وكانت أعنف تجربة تحملوها هي الجوع والعطش، غير أن الله عزاهم في وسط تلك المعاناة الشديدة برؤيا للكاهن فيكتور الذي نال إكليل الشهادة بعدها بقليل. رأى فيكتور طفلًا يشع وجهه بنورٍ بهيجٍ بداخل السجن، وأخذ يقودهم في كل اتجاه للبحث عن مخرج ولكن لم يكن يوجد، فقال للكاهن: "سوف تبقى هنا ولكن لا تخف لأني معك، أخبر رفقاؤك أنهم سوف ينالون إكليل مجد أكبر". سأله فيكتور عن مكان وجود السماء فأجاب: "خارج العالم"، فطلب فيكتور منه أن يريه إياها فقال له الطفل: "وأين إذًا هو إيمانك؟" قال فيكتور: "لا أستطيع أن أتذكر ما أمرتني به، فاعطني علامة أعطيها لهم"، فأجاب الطفل: "أعطهم علامة يعقوب التي هي سُلَّمه السرّي الصاعد إلى السماء". تعزّوا وفرحوا جميعًا بالرؤيا، وبعدها بقليل نال فيكتور إكليل الشهادة. ظلّ القديسون عدة أيام بدون تناول أي طعام، وبعد مدة استطاع الكاهن لوسيان Lucian الذي صار فيما بعد أسقفًا على قرطاجنة تخطي الصعاب وتوصيل الطعام إليهم بيد هيرينيان Herennian الشماس وجانوارياس Januarius. مصالحة بين المعترفين في السجن:
حدث نتيجة نقاش دار بين أحدهم ويدعى مونتانُس وآخر يدعى جوليان Julian أن وبَّخ مونتانُس رفيقه جوليان، فصارا يتعاملان معًا ببرود وفتور، وصار ذلك بذرة للاختلاف فيما بعد. ولكن الله المتحنن أشفق عليهما وأراد مصالحتهما، فكشف لمونتانُس الحلم التالي الذي يصفه هو كالتالي: "رأيت الجلادين وقد قادونا في ممر طويل حتى وصلنا إلى ساحة واسعة حيث تقابلنا مع كبريانوس ولوسيوس Lucius، ثم أتينا إلى مكان مضيء جدًا حيث صارت ثيابنا بيضاء بينما كان لون جلدنا أكثر بياضًا من ثيابنا وشفّافًا حتى أن كل ما في قلوبنا صار مكشوفًا بوضوح للعيان. نظرت إلى نفسي فرأيت بعض القذارة على قلبي، ولما تقابلت مع لوسيوس وصفت له ما رأيت مضيفًا أن هذا الاتساخ الذي رأيته داخل صدري يعكس برودتي تجاه جوليان". بعد معاناة من الجوع والعطش الشديدين وعذابات أخرى كثيرة أثناء حبس القديسين لمدة طويلة، أُحضِروا أمام الحاكم حيث اعترفوا اعترافًا حسنًا. كان مرسوم فالريان يقضي بموت الأساقفة والكهنة والشمامسة فقط، فعمل أصدقاء فلافيان Falavian على إنقاذه فقالوا للقاضي أنه ليس شماسًا وبالتالي لا ينطبق عليه المرسوم، وبالفعل لم يُحكَم عليه بالرغم من محاولات فلافيان العكسية. حُكِم على الباقين بالموت فساروا فرحين إلى ساحة الاستشهاد، وفي مقدمتهم لوسيوس Lucius الذي بسبب ضعف جسمه وكثرة المعاناة في السجن سار مستندًا إلى بعض الأحباء حتى لا يسقط تحت ضغط الجموع المحتشدة وبالتالي يفقد كرامة سفك دمه. أما مونتانُس فقَبْل أن يقدم رأسه للسياف صلى إلى الرب لكي يلحق بهم فلافيان في اليوم الثالث، وطلب أن يتركوا مكانًا لدفنه إلى جوارهم حتى لا ينفصلوا عن بعضهم حتى في القبر. وإذ رأى فلافيان أن إكليله قد تأجل جعل هذا موضوع صلاته وطلبته باستمرار، وكانت أمه ترافقه متشوقة أن تراه يمجد الله باستشهاده. وفي اليوم الثالث أُحضِر أمام الحاكم، وإذ كان محبوبًا من الجميع حاول الجمع الموجود بكل الطرق إنقاذ حياته، فصرخوا إلى الحاكم أنه ليس شماسًا ويمكنه الاكتفاء بتعذيبه فقط إلا أنه حكم بقطع رأسه، فامتلأ فلافيان لفرحًا بهذا الحكم واقتيد إلى ساحة الإعدام برفقة جمعٍ غفير من بينهم كهنة كثيرون. وقف القديس ليودع المؤمنين، وأخبرهم عن رؤيا سأل فيها القديس كبريانوس إن كانت ضربة الموت مؤلمة، فأجابه الشهيد قائلًا: "الجسد لا يشعر بالألم حين تقدم الروح ذاتها بالكلية للّه". وفي الساحة صلى فلافيان من أجل سلامة الكنيسة ووحدة الإخوة، ثم ركع مصليًا وقُطِعت رأسه. وكان استشهاد هؤلاء القديسين في سنة 259 م.العيد يوم 24 فبراير.