* يوحنا الإنجيلي، بين زملائه وأصحابه الإنجيليين الآخرين تقبَّل هذه الهبة الخاصة من الرب. إذ اتكأ على صدره في العيد، إشارة إلى شربه أسرارًا أعمق، وذلك من قلب (الرب) العميق. فصار ينطق بهذه الأمور الخاصة بابن اللَّه، التي قد تثور في أذهان الصغار المتيقظة، ولكنها لم تقدر أن تشبعها إذ هي عاجزة عن استيعابها. بينما بالنسبة لأذهان من هم أكثر نموًا، الذين بلغوا نوعًا من الرجولة الداخلية، فتعطيهم هذه الكلمات ما يختبرونه ويقتاتون به
* في الأناجيل الأربعة أو بالأحرى في الأربعة كتب للإنجيل الواحد ليس عن غير استحقاق يشبه القديس يوحنا الرسول بخصوص فهمه الروحي بالنسر. لقد ارتفع بكرازته أعلى وأكثر سموًا من الثلاثة الآخرين، وبارتفاعه هذا أراد أن يرفع قلوبنا أيضًا. لأن الثلاثة إنجيليين الثلاثة ساروا مع الرب على الأرض كما مع إنسانٍ، أما عن لاهوته فتحدثوا القليل عنه. أما هذا الإنجيلي فإنه كمن استهان بالسير على الأرض، كما في مقدمة مقاله، فرعد علينا، وحلّق بنا ليس فقط فوق الأرض بل وفوق كل محيط الهواء والسماء، بل وفوق كل جيش الملائكة وكل نظام القوات غير المنظورة، وبلغ إلى ذاك الذي "به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان" .
القديس أغسطينوس