من خلال كلام الله أن نعرف أن الغالبين الحقيقيين هم أولئك الذين مرّوا بدينونة الله وتوبيخه، وكذلك كل أنواع التجارب والتنقية، والذين لديهم بعض المعرفة بالله، وكذلك لديهم بعض المعرفة بطبيعتهم الفاسدة، وقد وصلوا إلى الطاعة الحقيقية، وبغض النظر عن التجارب أو الضيقات التي تصيبهم، فإنهم قادرون على طاعة الله وقبول دينونة وتوبيخ كلام الله، وفي النهاية تتغير وتتطهر شخصياتهم الفاسدة الشيطانية. وعندما تأتيهم إغواءات الشيطان، يمكنهم أن يتمسّكوا بالشهادة لله، وأن يتغلّبوا على شراسة الشيطان ويتحرّروا من تأثيره. إنهم لا يعودون يعيشون فيما بعد بحسب شخصياتهم الفاسدة، فأفعالهم وسلوكهم كلها تستند إلى كلام الله، ويعيشون بحسب حقيقة كلام الله. فقط هؤلاء الناس هم الغالبون الحقيقيون. عندما يختبرون عمل الله، يكتسبون تدريجيًا بعض المعرفة عن شخصياتهم الفاسدة الشيطانية، مثل الغطرسة والغرور، والأنانية والحقارة، والكذب والغش، ويرون حقيقة كيف أن الشيطان أفسدهم حتى النخاع، وأنهم قد يقاومون الله ويخونونه في أي لحظة. يرون أنهم يعيشون بالكامل على صورة الشيطان وأنهم لا يستحقون العيش أمام الله. في نفس الوقت، يقدّرون أيضًا أن شخصية الله لا تتهاون مع أي إثم، ومن ثمّ يقتنون قلبًا يخاف الله ويصبحون قادرين على طاعة الله والعيش بحسب كلامه. ما هو أكثر من ذلك، لأنهم يفهمون الحق ويعرفون الله، فهم يميزون الأمور السلبية، ويمكنهم أن يكشفوا مخططات الشيطان وأن يتمسكوا بالشهادة لله عند مواجهتهم جميع أنواع الإغواءات من الشيطان. إنهم يصبحون أولئك الذين يحبون الله ويطيعونه ويخافونه حقًا، وتتطهّر شخصياتهم الفاسدة الشيطانية وتغيّر كليّة، ويربحهم الله بالتمام. هؤلاء الناس هم فقط الذين يصلون إلى المعايير اللازمة ليصيروا غالبين، تمامًا مثل أيوب، كما هو مكتوب في الكتاب المقدس: بغض النظر عن الوسائل القاسية التي اتبعها الشيطان في تعذيب أيوب، سواء بجعله يفقد عددًا هائلاً من الأغنام والماشية بالإضافة إلى ثروته العظيمة، أو بتغطية جسده بالقروح، أو باستخدام أصدقائه لمضايقته، أو بمهاجمة نزاهته عن طريق زوجته، لم يخضع أيوب للشيطان ولم يتكلم ولو بشكوى ضد الله، ولكنه بدلاً من ذلك قال: "يَهوَه أَعْطَى ويَهوَه أَخَذَ، فَلْيَكُنِ ٱسْمُ يَهوَه مُبَارَكًا" (أيوب 1: 21). و"أَٱلْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ ٱللهِ، وَٱلشَّرَّ لَا نَقْبَلُ؟" (أيوب 2: 10). في مواجهة هذه التجارب تمكّن أيوب من التمسك بالشهادة لله، واتباع طريق مخافة الله والحيدان عن الشر، لذا فقد كان غالبًا خرج من الضيقة والتجارب. بطرس هو نموذج آخر: لقد اتبع الرب يسوع طوال حياته، واتخذه كمثل أعلى له، وسعى إلى محبة الله العليا، وصُلِبَ منكّس الرأس من أجل الله، وكان مطيعًا لله حتى الموت، ومن ثمّ قدَّم شهادة مدويّة ورائعة. لقد كان أيضًا غالبًا حقيقيًا خرج من الضيقة، وكباكورة أكملها الله، ودخل ملكوت الله وربح حياة أبدية.