أولاً، يبدو أنها كانت تعرف أن وقت موت المسيح على الصليب قد إقترب، وهي حقيقة فات على التلاميذ إدراكها رغم إعلان المسيح الواضح لتلك الحقيقة. فيبدو أن مريم كانت مكتفية بالإصغاء إلى الرب والتأمل في كلماته، بينما تنازع التلاميذ حول من سيكون الأعظم بينهم في ملكوت الله. وبهذا، لم يستوعبوا الحقائق المهمة التي كان المسيح يعلمهم إياها عن قرب موته وقيامته (مرقس 9: 30-35). كم من المرات تفوتنا الحقائق الروحية لأننا نركز على أنفسنا ونهتم كثيراً بمكافآتنا أو مكانتنا أو سمعتنا بين الناس؟
ثانياً، نرى في مريم قناعة راسخة وثقة في ربها، حتى أنها لا تشعر بضرورة للدفاع عن نفسها أمام الإنتقاد. كم من المرات نسارع لتبرير أنفسنا أمام الآخرين الذين ينتقدوننا أو يسخرون منا، خاصة بشأن إيماننا؟ ولكن إن كنا، مثل مريم، نجعل الجلوس عند قدمي المسيح والإصغاء إليه هو أهم شيء بالنسبة لنا، سيكون لنا عمق الفهم الذي كان لها، وشغفها بالمسيح، وإيمانها الكامل في خطته للحياة. قد لا يكون المسيح جالساً بجسده معنا، ولكن لدينا كلمته، الكتاب المقدس، وفيها لنا كل المعرفة والفهم الذي نحتاجه لكي نحيا حياة الإيمان الآمنة والمطمئنة مثل مريم بيت عنيا.