البابا شنودة الثالث
كلما ازدادت قيمة الأمر في نظرنا ازداد عمقه فينا واهتمامنا به
لذلك فإن آباءنا الذين مات العالم في نظرهم، وحسبوه نفاية لكي يربحو المسيح (في 3: 8)، هؤلاء لم تَعُد لكل أمور العالم قيمة عندهم، مهما كانت قيمتها خطيرة في أعين الآخرين الناظرين إلى ما يُرى.. وبالتالي لم تعُد هذه الأمور تشغلهم، ولا يضطربون لها، بل يحيون في سلام. وينطبق عليهم قول القديس بولس الرسول: "والذين يستعملون هذا العالم، كأنهم لا يستعملونه" (1 كو 7: 31).
ولكننا كثيرا ما ننسى أنفسنا وروحياتنا. فنسمع مثلا خبرا معينا، أو نقرأ عن حادث ما، أو ندخل في إحدى المناقشات.. وهنا ننسى أن قلبنا وعقلنا كليهما للمسيح. ونظل نتكلم ونُعَلِّق ونُناقِش، ونُبْدي الآراء، ونتحمس في الرد على المُعارضين. وقد يكون الأمر لا يستحق شيئا من هذا. ولكنه مع ذلك يملك -لا على ألسنتنا فقط، ولا على فكرنا فحسب- وإنما أيضا على أعصابنا وعواطفنا.. وهنا تكون المياه قد دخلت إلى أنفسنا. وأصبحنا نهتم ونضطرب لأجل أمور كثيرة. أما الواحد الذي الحاجة إليه، فلا نكون متفرغين له، بل مفكرين أننا "عندما يحصل لنا وقت نستدعيه" (أع 24: 45).
وقد نرجع إلى بيوتنا، وما يزال الموضوع في أذهاننا، وقد نصبه أيضا في عقول غيرنا، فنشغل الآخرين به.