رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل كان يسوع يدرك أنه الله؟ رغم أن يسوع علم تلاميذه أن يتوجهوا إلى الله كآب، إلا أنه لم يُقِم أي رابط مساواة بين علاقته بالآب وعلاقة البشر به. نجد في كلام يسوع تمييز كبير بين “أبي” و “أبيكم” (راجع يو 20، 17). يقول اللاهوتي لويس فرنسيسكو لاداريا: “لا نجد أبدًا في العهد الجديد مقولة يضم فيه يسوع نفسه إلينا وكأننا على المستوى نفسه. فعلاقة يسوع بالآب هي فريدة لا تتكرر. هذا الأمر يظهر إن في كلماته وإن في تصرفاته، وبشكل خاص في صلاته الفردية”. إن بنوتنا تختلف كليًا عن بنوة يسوع. لا بل نحن أبناء بفضل بنوة يسوع الفريدة. فنحن نضحي “أبناءً بالتبني من خلال يسوع المسيح” (أف 1، 5؛ غل 4، 5). وكما يشرح بشكل جميع القديس إيرناوس: “نحن أبناء بالابن”. سنقدم بعض الشواهد الكتابية التي تثبت ما نقوله: يتحدث يسوع عن الله دومًا كـ “أبي” (راجع مت 7، 21؛ 10، 32؛ 11، 27؛ 16، 17؛ لو 2، 49؛ 10، 22؛ يو 2، 16؛ 5، 17، إلخ). في الأناجيل الإزائية، يتم الحديث عن يسوع كـ “ابن الله” في لحظات محورية من سيرته: في البشارة (لو 1، 35)، في المعمودية (مت 3، 17؛ لو 3، 22)، في التجلي (مت 17، 5؛ مر 9، 7)، في الموت على الصليب (مت 27، 54؛ مر 15، 39). هذا وإن أعداء يسوع بالذات يؤكدون تحت الصليب أنه قال عن ذاته: “أنا ابن الله” (مت 27، 43). ويقدم لنا إنجيل يوحنا إطارًا متينًا وغنيًا يكشف عن العلاقة الفريدة بين الآب ويسوع. فيسوع يتحدث عن ذاته دومًا كـ “الابن” بإشارة واضحة جدًا إلى الآب. ويقول علانية “ابن الله” (يو 11، 4)، و “الابن الوحيد” (يو 3، 16). هذا ويفتتح الإنجيلي مقدمة إنجيله بالاعتراف بألوهية يسوع: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله والكلمة كان الله” (يو 1،1) وبالشكل عينه يختتم المقدمة الشعرية: “الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي الله والذي هو في حضن الله، كشف عنه” (يو 1، 18). وفي ختام إنجيل يوحنا نسمح الإنجيلي يعلن عن مقصده في كتابة الإنجيل: “لكي تؤمنوا بأن يسوع هو المسيح، ابن الله، ولكيما، بإيمانكم به، تكون لكم الحياة باسمه” (20 ،31). هذا وإن الأناجيل الأربعة هي مشبعة بإعترافات الناس بأن يسوع هو “ابن الله”. إذا ما تعمقنا في قراءة الأناجيل، نرى أن يسوع لا يعتبر نفسه “ابن الله” مثل أحد أبرار العهد القديم. يسوع يدعو نفسه ابن الله بمعنى المساواة والوحدة مع الآب. لهذا السبب كان اليهود يريدون أن يرجموه، لأنهم كانوا يظنون أنه يجدف إذ أنه “يدعو الله أباه، مساويًا نفسه بالله” (يو 5، 18). وبالحديث عن نفسه، يستعمل يسوع في إنجيل يوحنا مرات عدة تعبير: “أنا هو” الذي يشير إلى اسم الله بحسب ما كُشف لموسى (راجع خر 3، 14). خيار يسوع هذا كان يثير غضب اليهود، الذين كانوا يدركون جيدًا معنى استعمال هذا الاسم (راجع يو 8). وعليه، فالأناجيل تبين لنا بوضوح تام أن وحدة يسوع بالله الآب، ليست مجرد وحدة أخلاقية، وحدة محبة وقداسة من قِبل خليقة أمينة نحو خالقها. وحدة يسوع بالآب هي وحدة جوهرية، كيانية، جذرية. يقول يسوع دون مراوغة: “أنا والآب واحد” (يو 10، 30). وعليه فالجواب على السؤال الذي نطرحه في عنوان هذه المقالة هو: نعم وألف نعم!!! خلاصة القول، إن الأناجيل، التي نملك مخطوطات قديمة جدًا منها تعود إلى القرن الأول، تشهد باستمرار لألوهية يسوع المسيح. لا كقرار أخذته الكنائس، بل كإرث تلقاه المسيحيون، كوديعة لا يحق لهم أن يتلاعبوا بها أو أن ينكروها. ولكمّ كان يطيب لهم أن يقولوا أن يسوع كان مجرد نبي، أو مجرد معلم وحاخام!!!! أما كان لذلك أن يعتقهم من اضطهاد اليهود ومن غضب الرومانيين؟؟؟؟ ما كانت مصلحة المسيحيين بإعلان ألوهية المسيح، لو تكن وديعة سلّمها لها يسوع؟؟؟؟ هذا، ومن ناحية أخرى، نسأل: كيف لنا أن نفهم بغض اليهود ليسوع لو أنه لم يشر دومًا إلى ألوهيته، جاذبًا غضبهم وغيظهم وكرههم لما اعتبروه تجديفًا؟؟؟ سيناريو سيرة يسوع التي يشهد لها التاريخ تؤكد أنه رُفِض من قبل اليهود بسبب إعلانه عن ذاته كابن الله. والمسيحيون عانوا فورًا بسبب أمانتهم ودفعوا بالدم ثمن إيمانهم. ولذا إعلان ألوهية يسوع كان وسيبقى فعل أمانة وإيمان بطولي. |
|