رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قصد الله من السبي: 9 مِنْ أَجْلِ اسْمِي أُبَطِّئُ غَضَبِي، وَمِنْ أَجْلِ فَخْرِي أُمْسِكُ عَنْكَ حَتَّى لاَ أَقْطَعَكَ. 10 هأَنَذَا قَدْ نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ بِفِضَّةٍ. اخْتَرْتُكَ فِي كُورِ الْمَشَقَّةِ. 11 مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ نَفْسِي أَفْعَلُ. لأَنَّهُ كَيْفَ يُدَنَّسُ اسْمِي؟ وَكَرَامَتِي لاَ أُعْطِيهَا لآخَرَ. 12 «اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ، 13 وَيَدِي أَسَّسَتِ الأَرْضَ، وَيَمِينِي نَشَرَتِ السَّمَاوَاتِ. أَنَا أَدْعُوهُنَّ فَيَقِفْنَ مَعًا. 14 اِجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ وَاسْمَعُوا. مَنْ مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِهذِهِ؟ قَدْ أَحَبَّهُ الرَّبُّ. يَصْنَعُ مَسَرَّتَهُ بِبَابِلَ، وَيَكُونُ ذِرَاعُهُ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ. 15 أَنَا أَنَا تَكَلَّمْتُ وَدَعَوْتُهُ. أَتَيْتُ بِهِ فَيَنْجَحُ طَرِيقُهُ. 16 تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هذَا: لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ» وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ. 17 هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيق تَسْلُكُ فِيهِ. 18 لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ. 19 وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي. يقدم الله لشعبه أسباب السماح بسبيهم: أ. "من أجل اسمي أُبطئ غضبي، ومن أجل فخري أمسك عنك حتى لا أقطعك" [9]... بمعنى آخر كان يلزم أن يهلك هذا الشعب تمامًا ويُقطع، لكن الله في غيرته على اسمه ومجده قدمهم للتأديب لعلهم يرجعون إليه فلا يهلكون. وكأن السبي هو "عطية" بكونه تأديب إلهي يقدم للمحبوبين بالرغم من عدم استحقاقهم لهذا الحب الأبوي التأديبي. هذه نظرة روحية رائعة نحو التأديب، خلالها يدرك المؤمن أنه ليس أهلًا لهذا التأديب بكونه علامة حب أبوي. يقول الرسول: "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله؛ إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين" (عب 12: 6-7). * إن كان عدم التأديب علامة خاصة بالنغول (عب 12: 8)، إذن يليق بنا أن نفرح بالتأديب كعلامة على شرعية بنوتنا! القديس يوحنا الذهبي الفم القديس جيروم إنها رحمة (الله) ليس فقط أن يدعوهم وإنما أيضًا أن يؤدبهم ويجلدهم. لتكن يّد أبيك عليك، فإن كنت ابنًا صالحًا لا تتذمر على التأديب... ليؤدبه ما دام لم ينزع رحمته عنه؛ ليضربه عندما يخطئ ما دام لا يمنعه من أن يرث. إن كنت تدرك مواعيد أبيك حسنًا لا تخف من جلداته بل خف لئلا لا ترثه... ليت الأبناء الأتقياء لا يقولون: "إن كنت تأتينا بعصا فلا تأتِ قط. فانه من الأفضل أن تتعلم بعصا الآب عن أن تهلك باهتمام اللص بك. * الرب الحافظ الصغار (مز 116: 6) يجلد هؤلاء الذين عندما يصيرون ناضجين، يطلب أن يكونوا ورثة (له)... لقد أعانني إذ كنت في ضيق، فان الألم الذي يسببه الطبيب بمشرطه ليس للعقوبة بل للتكريم. القديس أغسطينوس * مغبوط هو الإنسان الذي يؤدب في هذه الحياة مرتين، فإن الرب لا يُعاقب عن شيء مرتين (نا 1: 9) LXX. القديس جيروم ما يحققه كورش ليس من عندياته بل من قبل الله مخلص شعبه: "أنا أنا تكلمت ودعوته، أتيت به فينجح طريقه" [15]... منذ وجوده أنا هناك، والآن السيد الرب أرسلني وروحه" [6]. أُرسل كورش بواسطة الرب وبروح الله القدوس، كرمز للسيد المسيح الذي جاء بإرادته وفي نفس الوقت مرسلًا من الآب والروح القدس... كيف؟ هنا وحدة عمل الثالوث القدوس؛ الثالوث القدوس كأقانيم غير منفصلة جوهر إلهي واحد يعمل لخلاص البشرية. الآب يحب البشرية، وفي حبه أرسل كلمته غير المنفصل عنه، حاسبًا ذبيحة المسيح عطاء من جانب الآب، وكما قال السيد المسيح نفسه: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16). الآب محب البشر أرسل ابنه ذبيحة حب. الابن من جانبه قدم نفسه للبذل في طاعة للآب، وأيضًا بكامل إرادته، إذ يقول الرسول: "الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" (غل 2: 20). أما الروح القدس فلم يقف في دور سلبي بل كان له دوره الايجابي في كل العمل الخلاصي؛ به تحقق التجسد الإلهي في أحشاء البتول (لو 1: 35)، وهو الذي أصعد يسوع ليُجرب، وهو الذي يشهد للسيد المسيح (يو 15: 26). و. لممارسة الطاعة لله، فان السبي لم يحدث مصادفة ولا قضاءً وقدرًا إنما هو ثمرة طبيعية للعصيان، بدونه ما سقطوا تحت السبي. لهذا وجب عليهم عند عودتهم أن يمارسوا الطاعة فيتمتعوا ببّر الله وخيراته. "ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر. وكان كالرمل نسلك وذرية أحشائك كأحشائه، لا ينقطع ولا يُباد اسمه من أمامي" [18-19]. لو أنهم أطاعوا الله ليس فقط لم يسقطوا تحت السبي البابلي، وإنما لأفاض سلام الله كنهر متسع وعميق ودائم الجريان ومُروي للكثيرين. |
|