|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انهيار بابل: 1 «اِنْزِلِي وَاجْلِسِي عَلَى التُّرَابِ أَيَّتُهَا الْعَذْرَاءُ ابْنَةَ بَابِلَ. اجْلِسِي عَلَى الأَرْضِ بِلاَ كُرْسِيٍّ يَا ابْنَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ، لأَنَّكِ لاَ تَعُودِينَ تُدْعَيْنَ نَاعِمَةً وَمُتَرَفِّهَةً. 2 خُذِي الرَّحَى وَاطْحَنِي دَقِيقًا. اكْشِفِي نِقَابَكِ. شَمِّرِي الذَّيْلَ. اكْشِفِي السَّاقَ. اعْبُرِي الأَنْهَارَ. 3 تَنْكَشِفُ عَوْرَتُكِ وَتُرَى مَعَارِيكِ. آخُذُ نَقْمَةً وَلاَ أُصَالِحُ أَحَدًا». 4 فَادِينَا رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. 5 «اجْلِسِي صَامِتَةً وَادْخُلِي فِي الظَّلاَمِ يَا ابْنَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ، لأَنَّكِ لاَ تَعُودِينَ تُدْعَيْنَ سَيِّدَةَ الْمَمَالِكِ. "انزلي واجلسي على التراب أيتها العذراء ابنة بابل، اجلسي على الأرض بلا كرسي يا ابنة الكلدانيين لأنك لا تعودين تُدعين ناعمة ومترفهة" [1]. دُعيت بابل "العذراء"؛ هذا التشبيه في الكتاب المقدس بخصوص المدن (إش 1: 8؛ 37: 22؛ إر 31: 21؛ 46: 11، مرا 1: 15). هذه العذراء إما تُخطب لله كعروس مقدسة له مثل أورشليم أو تخطب لعدو الخير فتصير عروسه، متحدة به، تحمل مملكة الظلمة التي له. إذ تمثل بابل النفس الساقطة خلال الكبرياء مع الترف والفرح الزمني وطلب الشهوات الأرضية فان ما حلَّ بها يكشف عما يُصيب الإنسان بسبب الخطية. ماذا حلَّ ببابل؟ أو ما هي ثمار الخطية؟ أ. بكونها عاصمة أكبر دولة في ذلك الحين مالت إلى الاهتمام بمظاهر البهرجة مع ممارسة الفساد، لها صورة الفرح الخارجي، فحّل بها الحزن الشديد لتنزل إلى التراب [1] كأنها فقدت رجلها أو أحد أحبائها (يش 7: 6؛ أي 2: 12؛ 10: 9، مز 22: 15؛ مرا 3: 29). عمل الخطية الأول هو فقدان الفرح الداخلي وسلام العقل الفائق، فتمتلئ النفس مرارة ويأسًا مع شعور بالعزلة والحرمان. * نعم يا إلهي... في غياب نورك ظهور للموت، أو بالحري مجيء للعدم.... يا لشقائي... أصابتني جراحات كثيرة، ومع أنك أنت المعزي واهب السلام، غير أنني ابتعدت عنك. يا لشقائي... لقد انتابتني حماقات جمة، ومع أنك أنت هو الحق، غير أنني لم أطلب منك المشورة... شروري سببت ليّ جراحات عميقة، إذ لم أسلك في الطريق الضيق؛ فمع كونك أنت الحياة، إلاَّ أنني لم أكن معك. القديس أغسطينوس لقد خلق الله الإنسان سيدًا على الأرض، وهبه كرامة وسلطانًا، لكن الكبرياء نزل به إلى الهاوية. صار الإنسان في مذلة العبيد، ينحني للخطية وينقاد وراء شهوات الجسد كعبد بعدما كان ملكًا يعرف كيف يوجه مشاعره وأحاسيسه وكل طاقاته لحساب ملكوت الله، لذلك قيل: "مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" (أم 16: 32). يُحذرنا الكتاب المقدس من الكبرياء؛ "قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح؛ تواضع الروح مع الودعاء خير من قسم الغنيمة مع المتكبرين" (أم 16: 18-19). * المجد الزمني يشبه صخرة مختفية في البحر، لا يعرفها البحَّار قبل أن تصطدم بها سفينة ويتمزق قاعها وتمتلئ ماء. مار إسحق السرياني إذ يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن صعودنا إلى السموات في المسيح يسوع الصاعد يكشف لنا كيف انحدرت حياتنا وطبيعتنا فصرنا أقل من الحيوانات، لكن مسيحنا رفعنا من هذه المذلة بصعوده ووهبنا التمتع بسمواته، إذ يقول: [انظروا إلى طبيعتنا كيف انحطت ثم ارتفعت. فإنه ما كان يمكن النزول إلى أكثر مما نزل إليه الإنسان، ولا يمكن الصعود إلى أكثر مما ارتفع إليه المسيح... ويوضح بولس ذلك إذ يقول: "الذي نزل هو الذي صعد أيضًا". أين نزل؟ "إلى أقسام الأرض السفلي"؛ وصعد إلى "فوق جميع السموات" (أف 4: 10-9)... إننا لم نكن سوى ترابًا ورمادًا.... لقد صرنا أكثر غباء من الحيوانات غير العاقلة، فقد صار الإنسان يُقارن بها وصار مثلها (مز 48: 21؛ إش 1: 3)... انظروا كيف صرنا أكثر غباءً من الحمار والثور (إش 1: 3)، ومن طيور السماء واليمامة والسنونة (إر 8: 7)... صرنا تلاميذ للنمل (أم 6: 6)... أكثر جمودًا من الحجارة (إش 6: 2)، نشّبه بالأفاعي (مز 58: 5)... نُدعى أبناء إبليس (يو 8: 44)... هكذا صار انحطاطنا وعدم استحقاقنا... لكن اليوم ارتفعت طبيعتنا فوق كل خليقة. اليوم استعاد الملائكة من فقدوهم منذ زمن طويل! اليوم رأى رؤساء الملائكة أولئك الذين يشتاقون إلى رؤيتهم منذ زمن بعيد! اليوم رأوا طبيعتنا في العرش الإلهي تتلألأ في جمال أبدي ومجد سرمدي!]. ه. "اكشفي نقابك، شمري الذيل" [2]؛ وهو أمر غير لائق بالفتيات الصغيرات الشريفات في ذلك الحين، أن يكشفن وجوههن أو يشمرن ذيل ثيابهن. بعد أن كانت تبحر بسفنها التجارية أو الحربية المزينة الكثيرة الثمن بكونها ملكة العالم، يُقال لها: "اكشفي الساق، اعبري الأنهار، تنكشف عورتك وتُرى معاريك. آخذ نقمة ولا أصالح أحدًا" [3]. لقد حطمت كثيرين وأساءت إلى الأمم كثيرة لهذا استحقت أن يرتد إليها عملها فتحمل ذات العار. وكأن الخطية تدخل بالإنسان إلى العار والخزي. لقد أفقدتنا الخطية ثياب النعمة الإلهية فصرنا عراة، لكن مسيحنا الحامل خطايانا تعرَّى من أجلنا ليُقدم نفسه لباسًا يستر خزينا. * عرّاه الصالبون من لباسه كالجزارين، أما هو فصمت يشبه النعجة قدام الجزار! ترك لباسه حين فرح (في عرس الصليب)، حتى يلبس الذين خرجوا من الفردوس عرايا! يلبسهم ثيابه ويبقى هو في هزء، لأنه عرف أنها تصلح لآدم المفضوح! عروا ثيابه وألبسوه ثوبًا قرمزيًا لون الدم، حتى يتزين به العريس المقتول (الذبيح)! ماريعقوب السروجي |
|