رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عرض تفصيلي لخطايا إسرائيل: 8 وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَصِلُونَ بَيْتًا بِبَيْتٍ، وَيَقْرِنُونَ حَقْلًا بِحَقْل، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ. فَصِرْتُمْ تَسْكُنُونَ وَحْدَكُمْ فِي وَسَطِ الأَرْضِ. 9 فِي أُذُنَيَّ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: «أَلاَ إِنَّ بُيُوتًا كَثِيرَةً تَصِيرُ خَرَابًا. بُيُوتًا كَبِيرَةً وَحَسَنَةً بِلاَ سَاكِنٍ. 10 لأَنَّ عَشْرَةَ فَدَادِينِ كَرْمٍ تَصْنَعُ بَثًّا وَاحِدًا، وَحُومَرَ بِذَارٍ يَصْنَعُ إِيفَةً». 11 وَيْلٌ لِلْمُبَكِّرِينَ صَبَاحًا يَتْبَعُونَ الْمُسْكِرَ، لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْعَتَمَةِ تُلْهِبُهُمُ الْخَمْرُ. 12 وَصَارَ الْعُودُ وَالرَّبَابُ وَالدُّفُّ وَالنَّايُ وَالْخَمْرُ وَلاَئِمَهُمْ، وَإِلَى فَعْلِ الرَّبِّ لاَ يَنْظُرُونَ، وَعَمَلَ يَدَيْهِ لاَ يَرَوْنَ. 13 لِذلِكَ سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، وَتَصِيرُ شُرَفَاؤُهُ رِجَالَ جُوعٍ، وَعَامَّتُهُ يَابِسِينَ مِنَ الْعَطَشِ. 14 لِذلِكَ وَسَّعَتِ الْهَاوِيَةُ نَفْسَهَا، وَفَغَرَتْ فَاهَا بِلاَ حَدٍّ، فَيَنْزِلُ بَهَاؤُهَا وَجُمْهُورُهَا وَضَجِيجُهَا وَالْمُبْتَهِجُ فِيهَا! 15 وَيُذَلُّ الإِنْسَانُ وَيُحَطُّ الرَّجُلُ، وَعُيُونُ الْمُسْتَعْلِينَ تُوضَعُ. 16 وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ، وَيَتَقَدَّسُ الإِلهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ. 17 وَتَرْعَى الْخِرْفَانُ حَيْثُمَا تُسَاقُ، وَخِرَبُ السِّمَانِ تَأْكُلُهَا الْغُرَبَاءُ. 18 وَيْلٌ لِلْجَاذِبِينَ الإِثْمَ بِحِبَالِ الْبُطْلِ، وَالْخَطِيَّةَ كَأَنَّهُ بِرُبُطِ الْعَجَلَةِ، 19 الْقَائِلِينَ: «لِيُسْرِعْ، لِيُعَجِّلْ عَمَلَهُ لِكَيْ نَرَى، وَلْيَقْرُبْ وَيَأْتِ مَقْصَدُ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لِنَعْلَمَ». 20 وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْرًا وَلِلْخَيْرِ شَرًّا، الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُورًا وَالنُّورَ ظَلاَمًا، الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْوًا وَالْحُلْوَ مُرًّا. 21 وَيْلٌ لِلْحُكَمَاءِ فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ، وَالْفُهَمَاءِ عِنْدَ ذَوَاتِهِمْ. 22 وَيْلٌ لِلأَبْطَالِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، وَلِذَوِي الْقُدْرَةِ عَلَى مَزْجِ الْمُسْكِرِ. 23 الَّذِينَ يُبَرِّرُونَ الشِّرِّيرَ مِنْ أَجْلِ الرُّشْوَةِ، وَأَمَّا حَقُّ الصِّدِّيقِينَ فَيَنْزِعُونَهُ مِنْهُمْ. بعدما كشف الرب عن حبه لكرمه ورعايته الفائقة له، وكيف حرم الكرم نفسه من الثمر الحلو الروحي أو من الخمر المفرح فصنع أشواكًا ضفرت إكليلًا على رأس السيد المسيح، بدأ يستعرض أهم خطايا الشعب وثمرهم الرديء الذي جلب ويلات مُرّة عوض التمتع ببركات الرب وشركة أمجاده. أ. "ويل للذين يَصِلون بيتًا ببيت، ويقرنون حقلًا بحقل، حتى لم يبق موضع، فصرتم تسكنون وحدكم في وسط الأرض" [8]. يعني بهذا أنهم انهمكوا في شراء البيوت والحقول بكل الطرق، في أنانية حتى لم يترك الواحد موضعًا لأخيه، خاصة الفقير والمحتاج. لقد ملكت قلة قليلة الأرض الزراعية والبيوت لتستغل عامة الشعب، وذلك على خلاف الناموس الذي طالب أن تبقى الأراضي موزعة بالتساوي (عد 33: 54) وأنه في سنة اليوبيل يعود للكل ملكيته (لا 25). الأرض في كنعان هي عطية مجانية قُدمت للشعب كله ليعيش الجميع في رخاء يتمتع بما تفيضه من لبن وعسل، كأنها ملك للرب الذي يقدمها لهم. لكنهم بتصرفاتهم هذه ارتكبوا خطية الجشع وأيضًا الكبرياء مع العصيان وكسر الناموس. لذا انتزعت البركة وحلت اللعنة، فتصير البيوت خرابًا بسبب الموت أو السبي، ففي لحظة مات 185 ألفًا في الحرب. هذا ولا تثمر الحقول كالعادة، فعشرة فدادين كرم تنتج بثاَ (حوالي 27,5 كيلو جرام) عوض حوالي 500 بثًا؛ وحومر (283,5 كيلو جرام) البذار يصنع إيفه [عشر حومر (حز 45: 11)]، أي يبلغ المحصول عُشر البذار التي أُلقيت في الأرض. ب. "وَيْلٌ لِلْمُبَكِّرِينَ صَبَاحًا يَتْبَعُونَ الْمُسْكِرَ، لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْعَتَمَةِ تُلْهِبُهُمُ الْخَمْرُ" [11]. إن كان الويل الأول منصبًا عليهم بسبب الطمع والظلم فالثاني بسبب اللهو الزائد. صاروا يسكرون في الصباح المبكر عوض قيامهم للعمل وأيضًا يبقون حتى ساعة متأخرة بالليل، أي يسكرون نهارًا وليلًا. هكذا يكسرون الوصايا الإلهية: "الإنسان يخرج إلى عمله وإلى شغله إلى المساء" (مز 104: 23). تحولت حياتهم عن الفرح الروحي الممتزج بجدية الحياة والعبادة إلى اللهو الممتزج برخاوة يستخدمون كل آلات الطرب [12] مع الانشغال بإقامة ولائم لإثارة مشاعرهم وأحاسيسهم للشر، متجاهلين الحياة التقوية في الرب. وكما يقول عاموس النبي: "الهاذِرون مع صوت الرباب المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود، الشاربون من كؤوس الخمر والذين يدَّهنون بأفضل الأدهان ولا يغتمون على انسحاق يوسف؛ لذلك الآن يسبون في أول المسبيين ويزول صياح المتمددين" (عا 6: 6-7). * أنظر كيف يلوم الله الترف أيضًا؛ فإنه لا يدينهم هنا على طمع اقترفوه وإنما لمجرد التبذير. ها أنت تأكل بتخمة والمسيح ليس له ما هو ضروري. أنت تأكل كعكًا متنوعًا والمسيح ليس له الخبز الجاف. أنت تشرب خمرًا من Thasian ولا تمنح المسيح كأس ماء بارد خلال من هو ظمآن. أنت ترقد على فراش ناعم مطرز وهو يهلك بردًا. القديس يوحنا الذهبي الفم أما عمل اللهو فهو سبي الإنسان الداخلي عن معرفة الحق، ليعيش أسيرًا للجهالة، يجوع ويعطش داخليًا، ولا يوجد ما يشبعه أو يرويه. يقول النبي: "لِذلِكَ سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، وَتَصِيرُ شُرَفَاؤُهُ رِجَالَ جُوعٍ، وَعَامَّتُهُ يَابِسِينَ مِنَ الْعَطَشِ" [13]. يقول الحكيم: "لأن السكير والمسرف يفتقران والنوم يكسو الخرق" (أم 13: 21). خلال اللهو يفقد الإنسان وعيه الداخلي لينحدر الهاوية، التي تفتح أبوابها على مصراعيها لتبتلع بغير حدود. بهذا يفقد الإنسان بهاءه وبهجته [14]، ويسقط في مذلة [15]. هذا هو الثمر المُرّ الذي يجتنيه السالكون في الباب الواسع، باب اللهو الدائم لإشباع الشهوات الزمنية. أما ما هو أخطر فهو هلاكهم الأبدي إذ يقول: "لذلك وسعت الهاوية نفسها وفغرت فاهها بلا حد فينزل بهاؤها وجمهورها وضجيجها والمبتهج فيها" [14]. يصور الهاوية Sheol أشبه بانفتاح الأرض لابتلاع الأشرار كما حدث مع قورح جماعته... تنفتح لتطلب المزيد، تبتلعهم إلى الأعماق ليبقوا في الظلمة إلى الأبد. هذا ما يحدث بالنسبة للمنشغلين بحياة الترف واللهو، أما بالنسبة لله رب الجنود فإنه يتمجد ويتقدس بإدانته للخطية بالعدل والبر [16]. ربما يتساءل البعض: ما هو حال البقية القليلة الأمينة للرب؟ يُجيب النبي: "ويرعى الخراف حيثما تُساق وخرب السمان تأكلها الغرباء" [17]. . ترعى الخراف -القطيع الصغير- حيثما يقودها الراعي الصالح، يسوع المسيح، إذ يحفظها من الظلم والاضطهاد. هؤلاء يأكلون في هدوء وأمان دون أن يزعجهم أحد (خر 34: 14). عندما تخرب كنيسة العهد القديم برفض اليهود الإيمان بالسيد المسيح ترث الأمم (الغرباء) المواعيد والعهود والشريعة والنبوات إلخ... ج. "ويل للجاذبين الإثم بحبال البطل، والخطية كأنه بربط العجلة" [18]. هذا الويل الثالث يحل بطالبي الخطية برغبة شديدة واجتهاد، يسعون إليها بمحض اختيارهم ويدفعون أنفسهم إليها دفعًا أو يسحبونها بقوة نحوهم. هؤلاء يحل بهم الخطر إذ يسقطون في حبال الباطل ويرتبطون بعجلة الخطية ليصيروا ملاصقين لها. إنهم يجتذبون الخطية كما بحبل، وإذ هي ثقيلة للغاية تنهار على رؤوسهم فتُحطمهم. يرى بعض الآباء أن الأشرار ينحدرون من خطية إلى خطية وكأنهم يصنعون حبلًا طويلًا يسحبهم نحو الشر في عبودية... كل سقوط يؤدي إلى سقوط آخر وكل انحدار يُسبب انحدارًا أكثر، فعوض أن يفكر الشرير في الصعود ينهار أكثر فأكثر. * حقًا، كل إنسان يضفر لنفسه حبلًا بخطاياه: "ويل للجاذبين الإثم بحبل طويل" [18 LXX]. من الذي يصنع حبلًا طويلًا؟ ذاك الذي يُضيف خطية إلى خطية. كيف تُضاف خطية على أخرى؟ حينما نُغطي على خطية ارتكبت بخطية أخرى. * عندما يُهدد (الأشرار) بقتل الأبرار، إنما يربطون أنفسهم بقيود، بحبل قوي خشن هو من عندياتهم. * طوبى للذين بالعمل والأخلاق يرنمون تسابيح المصاعد (الدرجات)، وويل للذين يسحبون الخطية كحبل طويل (فينحدرون معها). القديس أغسطينوس بجانب ما للخطية من خطورة أنها تسحب الإنسان إلى سلسلة من الخطايا، فتجعله أشبه بكُرَة تلهو بها الخطايا فإن الخطر الثاني هو أنها تبعث روح الاستخفاف والسخرية عوض رغبة الإنسان في التحرر منها، فيردد الأشرار: "ليسرع ليعجل عمله لكي نرى، وليقرب ويأتي مقصد قدوس إسرائيل لنعلم" [19]. إنهم يشكون في إمكانية قضاء الله، فيحسبون أنهم قادرون على مواجهته ببراهين وحجج. في استخفاف يرددون "قدوس إسرائيل" اللقب الذي استخدمه الأنبياء بالنسبة لرجائهم في مجيء المسيا المخلص... وكأنهم يضربون بهذا الرجاء عرض الحائط. في كل عصر يوجد أشرار يستهينون بطول أناة الله ويسخرون بمواعيده ومحبته كما بتأديباته ظانين أنها مجرد كلمات أو أوهام لن تتحقق: "ها هم يقولون لي: أين هي كلمة الرب؛ لتأتِ" (إر 17: 15). " قد طالت الأيام وخابت كل رؤيا" (حز 12: 22). "سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات أنفسهم وقائلين: أين هو موعد مجيئه لأنه من حين رقد الآباء كل شيء باقٍ هكذا من بدء الخليقة" (2 بط 3: 4). د. "ويل للقائلين للشر خيرًا وللخير شرًا، الجاعلين الظلام نورًا والنور ظلامًا، الجاعلين المُرّ حلوًا والحلو مرًا" [20]. يسقط الويل الرابع على الذين يخلطون بين الحق والباطل، الخير والشر، النور والظلمة، الحلاوة والمرارة، المعرفة والجهل. هؤلاء يعطون الخطية مسحة الفضيلة كأن يبرروا الغضب بالدفاع عن الحق أو إدانة الآخرين تحت ستار الرغبة في الإصلاح إلخ.. يرى القديس إكليمنضس السكندري أن هذا الويل هو تهديد ضد الكذابين والمتكبرين(125). الله هو الحق وإبليس هو الكذاب وأبو الكذابين، من يعرف إرادة الله يعرف الحق ويسلك في الخير، أما من يتجاهل الإرادة الإلهية فأنه يخرج من دائرة الحق ليعيش في الكذب، وبهذا يفقد قدرته على التمييز وإدراك الخير أو النور أو المعرفة الصادقة للسماويات والإلهيات. ه. ادعاء الحكمة والفهم مع الاستخفاف بآراء ومشورة الغير: "ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم" [21]. * من ينشغل بذاتيته ولا يطلب مشورة الغير، إنما يحمل علامة الغباوة. قيل: "أرأيت رجلًا حكيمًا في عيني نفسه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به" (أم 26: 12). القديس يوحنا الذهبي الفم و. الأبطال المفسدون لطاقاتهم: "ويل للأبطال على شرب الخمر ولذوي القدرة على مزج المسكر" [22]. حينما تنشغل القيادات بالولائم والترف والسكر تفقد دورها الحقيقي؛ هكذا كثيرًا ما نفسد طاقاتنا بأنفسنا بانحرافنا عن هدفنا الجاد وانغماسنا في ملذات هذا العالم. ز. أخذ الرشوة: "الذين يبررون الشرير من أجل الرشوة، وأما حق الصديقين فينزعونه منهم" [23]. |
|