الثقة بالنفس أساليب تنميتها
تعد الثقة بالنفس من أهم العوامل التي تمكن الإنسان من
تحقيق النجاح في حياته؛ لأنها تهبه القوة والقدرة على
التركيز للوصول إلى النتائج المطلوبة بثبات. وتتكاتف جهود
الأسرة والمدرسة لتشكيل شخصية الطفل؛ بحيث ينشأ واثقا
بنفسه، ومعتمدا على قدراته في إنجاز مهامه، وهذا يتطلب
وجود الطفل في بيئات أسرية ومدرسية واعية. والأسرة
المستنيرة تهيء الأجواء الملائمة لأطفالها لكي يتربوا
متحررين من أحاسيس الخوف والقلق والتردد، وذلك بتوفير
جو من الاستقرار النفسي المتولد عن عواطف الأمومة
والأبوة المشحونة بالحب والحنان، والمغلفة بالهدوء
والطمأنينة والخالية من مختلف أساليب التسلط التربوي.
غير أن بعض الأطفال ينشأون في بيئات غير متوازنة
ومضطربة بالمشاحنات والخصومات بين الوالدين مما
يورثهم قلقا يتمخض عنه ضعف في شخصياتهم، وعدم ثقتهم
بأنفسهم.
فما المقصود بالثقة بالنفس؟
وكيف السبيل لتنميتها
وتطويرها؟
يرى العديد من علماء النفس أن القوة النفسية وقوة الشخصية
لا تمثل تعريفا علميا لموضوع بعينه؛ فإن هذه الاصطلاحات
تستخدم للتعبير عن قدرة الفرد على الثبات الانفعالي
والضبط الذاتي وتوكيد الذات، كما أنها تعكس أخلاق وعادات
الفرد أثناء التعامل مع الضغوط والازمات، وكذلك قدرته
على الحلم وكظم الغيظ، وعدم الاهتمام بصغائر الأمور.
غير ان آخرين يرون أن الثقة بالنفس هي إحساس المرء
بقيمة نفسه مما يؤهله لإنجاز أعماله دون خوف أو قلق او
توتر، وهي تنبع من ذات الإنسان دون التأثر بملاحظات
وتعليقات ومواقف الآخرين. أو أنها تتمثل في حسن إعتداد
المرء بنفسه واعتباره لذاته وقدراته دون إفراط أو تفريط.
والثقة بالنفس سمة مكتسبة من البيئة المحيطة، ويمكن تنميتها
وتطويرها من خلال :
أخذ الأمور ببساطة دون تهويل أو مبالغة.
التحرر من كافة مظاهر الخوف والتردد؛ لأن النجاح يحصل
بالعمل الجاد والمثابرة عليه.
التحرر من الأفكار الانهزامية التي تسبب القلق والتوتر
والخوف.
الحوار مع الذات والتفكير الصامت والاسترخاء بما يحقق
للفرد الهدوء والتركيز، ويولد في نفسه قوة تمكنه من تجاوز
الفشل والاستمرار في المحاولة.
تدريب النفس على الهدوء في المواقف جة، وعدم
الاستسلام للضعف واليأس مهما كانت الصعوبات؛ والاقتداء
بأصحاب العاهات الذين انتصروا عليها مثل « هيلين كيلر «
التي تغلبت على عاهاتها وأبدعت في حياتها وشعارها في
ذلك « لو خلا العالم من البهجة والسعادة ما كنا لنتعلم
الشجاعة والصبر «.
- تحديد الهدف من الحياة بدقة ووضوح والذي من شأنه أن
يجعل لها معنى، والتسليم بأن كل هدف واقعي يمكن تحقيقه
بالجد والمثابرة وعدم استعجال النتائج.
- عدم وضع اللوم على الآخرين أو نقدهم أو إلقاء التبعات
عليهم؛ لأن ذلك من مظاهر الضعف، وبدل من ذلك فإن على
الإنسان أن يتحمل المسئولية بثبات وعزم دون فقد التوازن.
- عدم طلب الأمور المستحيلة، أو طلب الكمال في كل شيء
لأن هذا الطلب يسبب للإنسان الاضطراب، وإنما ينبغي
التعامل مع الأهداف الواقعية التي يمكن تحقيقها.
- عدم الالتفات إلى هموم الماضي أو الالتفاف بعباءته، وإنما
ينبغي النظر إلى المستقبل الباسم الذي ينتظر المجتهدين.
- توظيف التفكير الإيجابي، وطرد التفكير السلبي أو
الخرافي.
- الاستفادة من الأخطاء والفشل المتكرر للوصول إلى نتيجة
مرضية، وعدم اليأس؛ لأن في ذلك التسليم بالهزيمة، وكما
قال روزفلت فإن: « الفشل أمر سيء ولكن الأسوأ منه ألا
تحاول النجاح أبدا.»
- عدم تهويل الأمور وتضخيم النقائص، أو التأثر بإحباطات
الآخرين، والمراجعة المستمرة لمواضع القوة في النفس
وللنجاحات التي تحققت والاستمتاع بها؛ لأن في ذلك شحن
للطاقات وشحذ للهمم.
- احترام النفس وتقدير إمكاناتها والنظر إليها بإيجابية، وعدم
احتقارها أو اللجوء إلى جلد الذات.
- عدم الاستسلام للعجز، ولعدم القدرة على عمل شيء ذي
بال.
- التسلح بالقيم لأن من شأنها أن تعمل على زيادة الثقة
بالنفس، وقد كان الفيلسوف الإنجليزي هوبس يفسر قوة
الشخصية بأنها كل خلق حميد، فالصبر قوة وكذلك الحلم
والشجاعة والعدل والعفة.
ويرى المختصون أنه من المفيد أيضا :
-الاهتمام بالصحة وباللياقة البدنية.
- التزود بالعلم وبالمعرفة وبكل ما يحتاج إليه المرء لتحقيق
أهدافه.
- تكوين علاقات جديدة مع ذوي النفوس العالية.
- تقبل الثناء وعلامات القبول من الآخرين.
كما أن علماء النفس ينصحون كل فرد يرغب في تقوية نفسه
أن يخاطبها باستمرار قائلا لها :
إن إرادتي لن تضعف، وعزيمتي لن تفتر، ولو تكرر الفشل. لا يوجد مشكلة ليس لها حل، وسوف أحل كل مشاكلي بالصبر
والمثابرة والاتزان والتعقل؛ فإن الجد والمثابرة والصبر هي
التي تصنع الأعمال العظيمة. وقد كان ألبرت أينشتاين يقول:
«أنا أفكر لشهور وسنين، وبعد تسع وتسعين محاولة أصل
إلى نتيجة خطأ، غير أني في المرة المئة أصل إلى النتيجة
الصحيحة.»
وأخيرا فإن الإبتسامة الدائمة في الظروف الصعبة هي
مظهر من مظاهر قوة الشخصية، وكذلك فإن المبادرة
بالأعمال، والمسارعة للوقوف في الصفوف الأولى من سمات
الأفراد القياديين ذوي الشخصيات القوية الواثقين بأنفسهم.
منقول