رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أزمة إبراهيم (تك 15: 1-6) يروي كاتب سفر التكوين، حوار جديد بين الرّبّ وإبراهيم، قبل تغيير إسمه هو وسارة. فيمكننا أنّ نقرأ هذا الحوار في سياق أزمة أو معاناة الشيخ إبراهيم الّذي يرى قربه من الموت أكثر قُربًا من تحقيق وعد الله له وهو النسل. لذا وبعد مرور فترة على بدء علاقة صلبة بين الله وإبراهيم نقرأ في هذا النص فقدان أمل إبراهيم في أن يتمتع بأبناء، ولو واحد، حتى يضمن مستقبل لإسمه فيحكي للرّبّ أزمته قائلاً: «أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، ماذا تُعْطيني؟ إِنِّي مُنْصَرِفٌ عَقيمًا، وقَيِّمُ بَيتي هو اليعازَرُ الدِّمَشْقيّ. وقالَ أَبْرام: "إِنَّكَ لَم تَرزُقْني نَسْلاً، فهُوَذا رَبيبُ بَيتي يَرِثُني"» (تك 15: 2- 3). من خلال تعبير إبراهيم، نتفهم أنّ العقم والشيخوخة معًا يصيرا عاملين لإستحالة تحقيق الوعد الإلهي، بحسب المنطق البشري، ولذا يقدم أمام الرّبّ البديل هو أن الخير الّذي بناه في حياته سيتمبع به خادمه، ومشيراً بأنّ الرّب هو الّذي لم يسمح بأنّ يرزقه بنسل. وهنا تأتي كلمة الرّبّ لتهدي من أزمة إبراهيم، أيّ صديق الله، إذ يعلن من جديد وعده بشكل أوضح (راج تك 12: 1-3)، محاوراّ إياه بلهجة التأكيد: «"لن يَرِثَكَ هذا، بل مَن يَخرُجُ مِن أَحْشائِكَ هو يَرِثُكَ". ثُمَّ أَخرَجَه إِلى خارِجٍ وقال: اُنْظُرْ إِلى السَّماء وأَحْصِ الكَواكِبَ إِنِ إستَطَعتَ أَن تُحصِيَها وقالَ له: "هكذا يَكونُ نَسْلُك"» (تك 15: 5- 6). من خلال صيغة النفي "لن" ثم صيغة الإثبات "هكذا..." يؤكد الرّبّ بإتمام وعده على نطاق أوسع. لذا مدعوين للخروج من نطاق التفكير الّذي يعوق بداخلنا وعود الله وننتظر بصبر تحقيق كلمة الرّبّ في الوقت الّذي يسمع به فهو الخالق ونحن خلائقه. فالكلمة الأخيرة بالنص تعود للرّبّ وما على الإنسان أن يحيا في العالم غير تابع لفكر العالم والمنطق البشري بل يُحلق في تحقيق الوعد الإلهي بثقة حتى وإنّ نالّ منه طوّل الإنتظار وتأزمّ الزوجين المنتظرين لإبن كثمرة علاقتهما. الحوار مع الله، والتعبير عما يؤرقنا، هو الحل لكل الأزمات الّتي نواجهها. يوجهنا إبراهيم في قلب معاناته أنّ لا نسمع لما هو منطقي وبشري بل مَن يطرح أمام الرّبّ معاناته بثقة فيه، سيجد ما لا يتوقعه بشريًا، بل ما يفوق توقعاته، لأنه إله وليس إنسان. ويختتم الكاتب النص بسّمة ميزّت إبراهيم كرجل العهد فيقول: «فآمَنَ بِالرَّبّ، فحَسَبَ لَه ذلك بِرّاً» (تك 15: 6). هذا هو النموذج في رد الفعل البشري. الثقة في الرّبّ والإستمرار فيها بالرغم من طول أم قصر الوقت. الأبناء هم ثمرة كل زوجين، هذا هو مخطط الرّبّ للبشريّة فمَن يتحد بالطرف الآخر يعطي مساحة أوسع ليشارك الله في الخلق من خلال الزواج بطرف من الجنس الآخر، فيصير إبراهيم، وسّارة وإسحق أُسرة بحسب قلب الله. |
|