في معجزة إشباع الجموع كشف لهم عن ذاته أنه الخالق الذي يرعى قطيعه (حز 34) ويهتم به. وفي نفس الوقت هو الخبز الحيّ السماوي المشبع لنفوس أولاده، أما في مشيه على البحر فيعلن تحركه المستمر بالحب من أجل شعبه، لينطلق بهم حتى وسط البحار، حاملًا إياهم فيه فلا يغرقون. في القديم بسلطانه الإلهي أمر موسى أن يضرب البحر بالعصا كما بالصليب ليجد شعبه لنفسه طريقًا وسط المياه، فينجو من قبضة إبليس (فرعون وجنوده)، وأمر يشوع أن ينطلق الكهنة بالتابوت إلى نهر الأردن، ليعبر شعبه إلى أرض الموعد. وكأن الله، في محبته للبشرية، يود على الدوام أن يعبر بشعبه من قبضة عدو الخير وينطلق بهم لا إلى أرض الموعد المادية، وإنما إلى الأحضان الإلهية. إن كانت المياه تعوقنا عن الانفلات من يديّ العدو والتمتع بأرض الموعد السماوية، فإن الله نفسه يحملنا ليعبر بنا، إذ قيل عنه: "الباسط السماوات وحده والماشي على أعالي البحار" (أي 9: 8)،"في البحر طريقك وسبُلك في المياه الكثيرة وآثارك لا تعرف"(مز 77: 19)، "الجاعل في البحر طريقًا وفي المياه القوية مسلكًا" (إش 43: 16).