ندئذ سألته السُّلطات: "إن كنت لا تحتل مركزًا رسميًا في الخدمة، فلماذا تعمد؟" كانت أجابته أن معموديته ليس غاية في ذاتها، بل هي تهيئة لعمل روحي أعظم يُحقِّقه ذاك الذي يأتي بعده وهو كائن قبله، وهو المسيح، وأنَّه غير مستحق أن ينحني ليَفُكَّ رِباطَ حِذائِه. ويعُلق القديس يُوحَنَّا الذَّهَبي " لقد ظن السُّلطات الدِّينية أن خضوع يُوحَنَّا للمسيح شيء لا مُبرِّر له، لأن أمورًا كثيرة كانت تُظهر يُوحَنَّا عندهم بهيًا جليلاً، أولها جنسه وجلالته وظهور شرفه، لأنه كان ابنًا لرئيس كهنتهم، ثم طعامه وصعوبة طريقته، وإعراضه عن الممتلكات المَاديَّة كلها، ولأنَّه كان مُهابًا بثوبه ومائدته وسكنه وطعامه بعينه". وبالرُّغم من كل ذلك، اعترف يُوحَنَّا المَعْمَدان أنَّه ليس بالمسيح المنتظر "فاعتَرفَ ولَم يُنكِرْ، اِعتَرَفَ: "لَستُ المسيح " (يُوحَنَّا 1: 20). ونفي أنه المسيح، وكان نفيه قاطعًا، إذ أن كثيرون ظنُّوا أنَّه المسيح " كانَ الشَّعبُ يَنتَظِر، وكُلٌّ يَسأَلُ نَفسَه عن يُوحَنَّا هل هو الـمَسيح"(لوقا 3: 15). استمر يُوحَنَّا المَعْمَدان على هذا التَّأكيد، لأنَّ جماعة من تلاميذ ظلت تؤمن به وترفض المسيح.