رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
معرفة الله وأسراره سفر ابن سيراخ كسائر أسفار الكتاب المقدس لم يهدف إلى تقديم منهج لاهوتي نظري systematic theology، إنما يهدف إلى بثِّ الشوق إلى معرفة الله وأسراره ورعايته الإلهية التي تمسُّ حياتنا وأبديتنا وشركة المجد، وعمل الله فينا لكي نسترد صورته فينا. ما يشغل السفر تأكيد حقيقة الحكمة الصادقة وارتباطها بالتقوى أي مخافة الرب؛ مصدرها هو الربّ. وفي نفس الوقت تظهر تعاليمه واضحة عن وحدانية الله، وعلى سبيل المثال يقول: "ليعرفوك كما نعرفك نحن، لأنّه لا إله إلا أنت يا رب" (36: 4). يرى ابن سيراخ أن الله يظهر في جميع أعماله، وأنه بعيد عن الميول التي تنادي بألوهية الكون. الله هو خالق كل شيءٍ، جميع الأشياء المخلوقة هي نتاج الحكمة الإلهية، كما أَكَّد ذلك بوصف الله كمصدر لجميع المعرفة (42: 18-23). الله موجود في كلّ مكانٍ (16: 17-23)، خلق العالم بتدبيرٍ عجيبٍ كوحدةٍ متناسقةٍ (16: 26-30). وبينما تعتقد الفلسفة الهيلينية أن عمل الله كخالق يتمثَّل في الصياغة والتشكيل والتجميل، فإن السفر هنا يؤكد أن الله هو خالق الكون من العدم كما ورد في سفر التكوين. الله رحوم غافر الخطايا، "ما أعظم رحمة الرب ويُقَدِّم نفسه كفارة للراجعين إليه!" (17: 24). "إنه يرى ويَعْلَم نهايتهم أنها شريرة، لذلك يُقَدِّم لهم كفّارة كاملة. رحمة الإنسان هي لقريبه، أما رحمة الربّ فلكل ذي جسد. يُوَبِّخهم ويُدَرِّبهم ويُعَلِّمهم كراعٍ يردّ قطيعه إلى الحظيرة. إنه يرحم الذين يَقبْلَون تأديبه، والذين يبادرون إلى أحكامه" (18: 11-13). أعماله لا تُستقصَى، "لا يسمح لأحدٍ أن يُخبِر بأعماله، لأنه من الذي يقدر أن يستقصي عظمة أعماله؟ من يقيس عظمة قدرته برقم؟ ومن يضيف إلى هذا القياس وهو يصف مراحمه؟ ما من أحد يقدر أن يُنقص منها أو يزيد عليها، ولا يوجد من يقدر أن يبحث في عجائب الربّ" (18: 3-5). الله أعظم من كل أعماله، "كيف يمكننا أن نُسَبِّحَه كما ينبغي؟ فهو أعظم من جميع أعماله. رهيب هو الربّ وعظيم جدًا وعجيبة هي قوّته. مَجِّدوا الربّ وعَظِّموه ما استطعتم، فهو فوق هذا كله. وعندما تُعظِّمونه، عظِّموه بكل قوتكم، ولا تَكِلُّوا، فإنكم لن تُمَجِّدوه بالقدر الكافي. من رآه فيصفه؟ ومن يقدر أن يُعَظِّمه بالحق كما هو؟ مع هذا توجد خفايا كثيرة أعظم من هذه، فقد رأيناه، ولكن القليل من أعماله. لأن الربّ صنع كلّ الأشياء، ووهب الأتقياء (خائفي الربّ) حكمة" (43: 28-33). |
|