وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ،18لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. وهنا هدف الممارسة الروحية أن أنت توصل لأبوك السماوى , وتوصل للعلاقة مع أبوك , وقال له أدهن رأسك وأغسل وجهك على حسب عادتك وما تغيرش العادة اللى أنت أتعودت عليها ولا تظهر بمظهر مختلف لكن يوم الصيام يكون زى أى يوم تانى ولا تكونوا عابسين , فالسيد المسيح مش عايز ناس عابسة ولكن عايز ناس فرحانة لأن ملكوت السموات اللى بيتكلم عنه فى الموعظة على الجبل هو ملكوت فرح , يعنى الإنسان العابس ما ينفعش , والإنسان العابس معناه أنه لن يذوق الملكوت أو لم يذق الملكوت , وإن كان الصوم هو محاولة لجذب إنتباه الله للإنسان , وكأن الإنسان بيقول لربنا من فضلك أنظر لى يارب لأن أنا مسكين وعلشان كده السيد المسيح لكى تظهر لأبيك الذى يرى فى الخفاء , أجذب بصيامك أنظار أبيك مش أنظار الناس اللى حواليك أو أنظار نفسك , والخطر هنا أن الصوم بعد ما كان دليل على التوبة الحقيقية أن هو يصير بديلا عن التوبة وليس برهانا عليها , وإن الصوم يبقى فى حد ذاته يكون هو الهدف , فأدهن رأسك وأغسل وجهك , فدهن الرأس أو أن الإنسان يضع طيب على رأسه معناه أن هو فرحان , يعنى دهن الرأس هنا هو إشارة إلى الفرح وغسل الوجه هو أيضا رمزا للنقاوة , فكأنه عايز يقول لك صوم بفرح وصوم بنقاوة , ولا تصوم غصب عنك أو بحزن أو بضيق أو بنرفزة , وده اللى بنشوفه لما تكثر الخناقات وبعدين يبرروا الخناقات ويقول لك أصلهم صايمين ! الله طيب هو الصوم بينشىء خناقات بين الناس وبعضيها أو المفروض أن الصوم ينشىء فرحا , أدهن رأسك وأفرح لأنك صايم وأنك داخل فى علاقة بتلفت أنظار أبيك , علشان كده بيقول السيد المسيح أدهن رأسك والرأس هى الفكر فأجعل أفكارك فرحة ومقدسة وأغسل وجهك , والغسل كما قلت أشارة للنقاوة , والوجه فيه معظم الحواس يعنى فيه العينين وفيه الشم وفيه التذوق وفيه السمع , وكأنه عايز يقول لك صوم وأنت غاسل حواسك ومنقيها , ولذلك أبونا فى القسمة بيقول فلنصم بطهارة وبر , يعنى لما الإنسان يمارس الممارسة الروحية يمارسها بفرح وبنقاوة , وبيقول أحد الآباء القديسين تعبير حلو قوى أنه لن يلام أحد بسبب أنه أكل , يعنى ربنا مش حايلومك أنك أكلت لحمة , لكن الإنسان حايلام نتيجة إرتباطه وإستعباده للأكل , يعنى مش لأنك أكلت وربنا مش حايقولك أنت شربت لبن أو أكلت لحمة أو ما أكلتش لكن الإنسان حايلام نتيجة إرتباطه وإستعباده للأكل أو للشهوة أو للمادة , والسيد المسيح هنا بيصر على أن الإنسان فى ممارساته الروحية يبقى محدد هدفه أنه وسيلة تقوده إلى الله فيأخذ من بر الله , لكن الممارسة الروحية ليس بها بر فى حد ذاتها , وخطورة أن الهدف من الممارسة ما يكونش واضح أن الممارسة تكون أتحولت إلى هدف هى فى حد ذاتها أو إلى تمجيد الذات أو أنها أصبحت عادة فى حياة الإنسان من غير ما تعطيه بر السيد المسيح فأبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية , والكلمة دى بتتكرر كثيرا لأن كل ممارساتك تقودك إلى أبيك ولا تقودك إلى تمجيد ذاتك أو إلى نظرة الناس أليك أو إلى أى شىء لكن تقودك إلى أبيك السماوى , ولذلك لو كل واحد فينا بيحاسب نفسه كويس فى كل مرة بيروح فيها الكنيسة ومرواحه للكنيسة هو ممارسة روحية يسأل نفسه سؤال هل مجيئى للكنيسة او للإجتماع حقق الهدف وأتقابلت مع أبويا أو لأ وصوم يونان (نينوى) اللى أنا صمته هل قربنى من أبويا السماوى أو أصبحت عادة وأصبح الصيام هدف فى حد ذاته أو شىء لتمجيد الذات أو واحد يصوم علشان ضميره ما يتعبوش ويبقى راضى عن نفسه , ومهم جدا إن الإنسان يشوف ويراجع نفسه وهو بيمارس الممارسات الروحية اللى هو بيعيشها .