رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
للعلامة أوريجينوس تعليق جميل على "النزول": [لنرى من خلال الكتاب المقدس نفسه ماذا قيل بخصوص وعاء الفخار الذي بين يدي الفخاري، وكيف أن النبوة نفسها تقدم لنا نقطة انطلاق لا يمكن إغفالها في تفسير قصة الأشياء التي بين يدي الفخاري. "الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب قائلًا: قم انزل إلى بيت الفخاري" [2]. كان إرميا فوق، لقد صعد أعلى من آنية الفخار. كانت آنية الفخار أسفل، أيضًا الطبيعة التي تتحكم وتدير هذه الآنية وُجدت أسفل، ذلك بتنازلها من أجل الآنية التي تديرها. لهذا فإن "الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب هو: قم أنزل إلى بيت الفخاري وهناك أُسمعك كلامي". أما موسى فقيل له: "اصعد إلى الجبل واستمع"، لأن كل من يسمع كلمة الله، يستمع إما إلى معلومات عن الأمور العليا السماوية وبالتالي يلزمه أن يرتفع بأفكاره إلى السماء ليتأمل فيها أو يستمع إلى تعليمات من الرب بخصوص أمور أرضية وبالتالي يلزمه أن ينزل بأفكاره إلى أسفل ليراها. أستعين بمثال من الكتاب المقدس حتى يمكن للجميع أن يتابعوني على قدر استطاعتهم: "لكي يجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (في 2: 10-11). توجد حكمة تناسب السمائيين، وهي معرفة الطريقة التي بها تُقسم الكائنات السمائية، وحكمة تناسب الكائنات الموجودة تحت الأرض؛ وأخرى تناسب الكائنات الأرضية. فإن أردت أن أفهم الحكمة التي تناسب السمائيين، يجب عليّ أن أصعد إلى قمة الجبل كما فعل موسى، حتى تكون الكلمات الآتية إلى من السماء مفهومة، كما يلزمني أن أعارف الليتورجيات السمائية، لأنه يوجد ظل وصورة للأسرار السماوية في الشريعة التي تسلمناها، وقد أوضح لنا ذلك بولس الرسول حين قال: "الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحى إلى موسى" (عب 8: 5). إن كان يجب عليّ أن أصعد لكي أتعلم الأمور السماوية، كذلك أنزل لكي أتعلم الأمور الموجودة تحت الأرض حتى إن كنت نبيًا. ربما لهذا السبب أيضًا نزل صموئيل النبي إلى الهاوية (إلى تحت الأرض)، ليس بسبب حُكم وقع عليه، إنما لينظر ويتعلم الأسرار الموجودة تحت الأرض (1 صم 28: 13). يمكننا كذلك أن نجد شيئًا مماثلًا لهذا في قول بولس الرسول بالنسبة للحكمة حينما يميز بين درجاتها، قائلًا: "حتى تستطيعوا أن تدركوا مع الجميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو" (أف 3: 18). إذا كُلفت من قبل الله بمعرفة الطول فعليك أن تصعد بعقلك إلى الطول؛ وإذا كُلفت بمعرفة العمق تنزل بعقلك إلى العمق. العقل الذي يستطيع أن يتبع الابن الكلمة يمكنه أن يفعل كل شيء طالما يقوده الرب ويعلِّمه كل شيء، ويتبعه إذا استطاع أن يترك العالم ويحمل صليبه، قائلًا: "قد صُلب العالم لي وأنا للعالم". إذًا، من بين الذين يسمعون يوجد أناس يصعدون ليتعلموا، لكنهم لا يصعدون بطريقة جسدية؛ ويوجد آخرون ينزلون لكنهم مع هذا يحتفظون بنفوسهم عالية مرتفعة. ربنا ومخلصنا يسوع المسيح نفسه قد صعد ونزل، لأن "الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات" (أف 4: 10). إذن إن كان عليك أنت أيضًا أن تفهم الابن الكلمة الذي يعلم الأمور السماوية والذي صعد إلى العلاء، وأن تفهم الابن الكلمة الذي يعلم الأمور الأرضية والذي نزل إلى أسفل، إذًا "لا تقل في قلبك من يصعد إلى السماء أي ليُحْدِر المسيح، أو من يهبط إلى الهاوية أي لُيصعد المسيح من الأموات، لكن ماذا يقول (الكتاب)؟ الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك" (رو 10: 6-8). يمكنك بواسطة الابن الكلمة أن تصعد إلى السماء أو أن تنزل إلى أسفل طالما أن "الكلمة قريبة منك". لأنه ماذا يمكن أن يوجد في داخل الإنسان البار إلا "كلمة الله" الذي يملأ الكل؟ فإنه بالفعل "ملكوت الله في داخلكم"]. |
|