رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النفس المتواضعة تحاول ان تخفي عن عيون الناس قيمتها الحقيقية في عيون الله ان الملاك الذي أُرسله الرب الي مريم لم يهز فيها أعظم تسبحة من المحتمل قبولها عندما قال لها انها ستصبح أم ابن الله، وفي ذاك الوقت لم تقل بعد لأي أحد ما الذي قاله الملاك لها. لم تتدعي ان تكون أماً للمسيّا او تبادر بالقيام بالإعلان انها أصبحت الشخص المختار الذي اختاره الله لتحقيق مواعيده، ولكن بالعكس تصرفت بشكل خارجي عادي لأي امرأة أخرى. على الرغم انها كانت تحترم خطيبها القديس يوسف وتتحادث معه كالمعتاد ولكنها لم تخبره عما حدث. عندما ذهبت القديسة مريم لزيارة اليصابات وجدت ان السر قد أُعلن وها هو الروح القدس يكشف عنه على لسان نسيبتها “وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟(لوقا42:1-43). كل هذا خرج من فم اليصابات قبل ان تكون لدى مريم اية فرصة لتقل كلمة عن زيارة الملاك لها في الناصرة وحبلها الإعجازي، ولهذا كيف عرفت اليصابات ان مريم تحمل بطفل في احشائها؟ وكيف عرفت ان مريم ليست بأم لطفل عادي ولكن اما للرب؟ بالطبع ومن المؤكد ان مريم لم ترسل لأليصابات خطابا او رسالة اليكترونية او غيرت حالتها في الFacebook؟ فكيف يا ترى عرفت اليصابات؟ لقد تركت مريم الأمر الي الله ليقرر متى يعلن ويكشف عن السر العجيب لمجده العظيم، وأما هي فظلت متضعة فالإنسان يجب ان يخبئ في أعين البشر قيمته الحقيقية في أعين الله وعن العطايا والنِعم التي قد يحصل عليها حتى لا تنتابه الكبرياء، فالفضيلة التي تختبئ ستكون آمنة دائما ويجب ان تترك كلية لمشيئة الله ليكشف عنها إذا ما أراد. لقد قالت مرثا لأختها:” وَلَمَّا قَالَتْ هذَا مَضَتْ وَدَعَتْ مَرْيَمَ أُخْتَهَا سِرًّا، قَائِلَةً: «الْمُعَلِّمُ قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ يَدْعُوكِ».“(يوحنا 28:11) وهنا همست لها بالرسالة. ان الإنسان عندما يتكلم عن المقدسات يجب ان يعيي تماما كيف ولمن يكشفها وكما يقول القديس بولس:” وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ”(1كورنثوس14:2). ان الروح القدس يتواصل مع الإنسان محدثاً إياه في قلبه وكاشفا اسراره والتي يجب ان تختزن داخل الإنسان الي حين ان الروح هو الذي يكشف ذلك. لقد أشار انجيل لوقا انه عندما سمعت اليصابات سلام مريم “فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”(لوقا41:1). ان تلك الجملة التي ذكرها لوقا كما جاءت “امتلأت من الروح القدس” وردت في مواضع كثيرة من الكتاب المقدس واستخدمت لتصف كيف ان شخص يُعطى له ان يكشف عن نبؤة ما وهكذا فإن الروح القدس هو الذي كشف لأليصابات وجعلها تسبح مريم وحبلها الفريد وتحييها “وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (لوقا42:1-45). لو تأملنا أكثر في نغمة التحية، فهي من أعظم وأجمل التحيّات ومن السهل إدراك فرحة قلب اليصابات عند لقاءها بأم الرب وهي تحمل الرب القدير في رحم الوالدة البتول مريم. “من اين لي هذا”، تلك الجملة تكشف كيف ان اليصابات قد داخلها الفرح حقيقة واعتبرت هذا اللقاء بركة لا حدود لها، ومن العجيب ان اليصابات كانت اكبر سنا بكثير من القديسة مريم وكان من المتوقع حضور مريم لمساعدتها فكأن تلك الزيارة كانت أمر مفروض وليس بغريب ولكن اليصابات لم تتقبل الأمر بذلك الشكل المفروض بل اعتبرته عملا يستوجب الشكر العميق. أيضا من الواضح ان اليصابات لم تكن وحدها التي بُوركت من زيارة القديسة مريم أم الله مع طفلها الإلهي وهي حبلى بل طفل اليصابات، يوحنا المعمدان، والذي كان في احشائها امتلأ هو أيضا بالفرح و”ركض” كتعبير عن الفرح والسعادة بذلك اللقاء. هنا قد يتبادر سؤال في قلبك هل تشعر بحضور المسيح عندما يأتي اليك؟ إذا ما كان طفل اليصابات الذي لم يُولد بعد قد تصور قدوس الله فهل نحن أيضا يمكن ان نتصوره ونشعر بحضوره الإلهي عندما ندخل الي الكنيسة مثلا؟ هذا مع العِلم اننا نؤمن بذلك الحضور الإلهي لإلهنا والموجود في سر القربان الأقدس! وماذا عن حضوره الفعلي وقربه منا خاصة عندما نقبله في سر التناول المقدس فهل قلبك يكون مبتهجا بإستقبال قدوس القديسين فيك؟ ان هذا الأمر يتطلب إيمان مع عيون شاخصة ومتشوقة لمجيئ الرب. ان الروح القدس الساكن في قلب الإنسان الذي يُخضع مشيئته ذلك الإنسان للمشيئة الإلهية فلا يتفاخر او يتباهى بفعل أي شيئ كأنه صادر منه” كَيْ لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ. 7 لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟”(1كورنثوس 18:4). صلاة: أيّها الإله الأزليّ القدير، الذي أوحيت إلى القدّيسة مريم البتول، وهي حامل بابنك المتجسّد، أن تخرج إلى زيارة أليصابات وهي حامل بيوحنا وتخدمها، إجعلنا ننقاد إلى صوت الرّوح القدس، فتعظمك نفوسنا وتبتهج بك أرواحنا مع البتول أمّنا للأبد. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: استعد استعدادا حسنا للاعتراف والتناول نافذة : ياشفاء المرضى اشفي امراضنا |
|