* أيضًا يسأل الطوباوي داود من الرب طالبًا الفهم عينه، حتى يدرك وصايا الله، بالرغم من معرفته يقينًا أنها مكتوبة في كتاب الشريعة، فيقول: "عبدك أنا، فهمني فأعرف شهاداتك" (مز 119: 125).
بالتأكيد كان لداود الفهم الموهوب له بالطبيعة كإنسانٍ، كما كان لديه وصايا الله المحفوظة في كتاب الشريعة، مع هذا يصلي إلى الرب لكي يعلمه الشريعة بإتقانٍ. فما حصل عليه من فهمٍ حسب الطبيعة لا يكفيه، ما لم يُنِرْ الله فهمه باستنارة يومية لكي يفهم الشريعة روحيًا، ويعرف وصاياه بوضوح.
كذلك أعلن الإناء المختار هذا الأمر بوضوحٍ وفي أكثر عمقٍ: "لأن الله هو العامل فيكم، أن تريدوا وأن تعملوا من أجل مسرته" (في 2: 13). أي وضوح أكثر من هذا أن الإرادة الصالحة وكمال عملنا يتم فينا بالكمال بالرب؟!
وأيضًا: "لأنه قد وُهب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله" (في 1: 29). هنا يُعلن أن قبولنا للإيمان وتحمُّل الآلام هما هبة وعطية لنا من الرب.
ولأن داود يعرف ذلك يصلي مثله، لكي يُوهب له هذا الأمر عينه من قِبَل رحمة الله، قائلًا: "أيدَّ يا الله الذي فعلته لنا" (مز 68: 28)، مظهرًا أنه لا يكفي فقط أن يُوهب لنا بداية خلاصنا كهبة ونعمة من قبل الله، بل ويلزم أن يكمل ويتمم بنفس تحننه وعونه المستمر .
الأب بفنوتيوس