رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دانيال دارس النبوات: "في السنة الأولى لداريوس بن أحشويرش من نسل الماديِّين الذي ملك على مملكة الكلدانيِّين" [1]. تمت أحداث هذا الأصحاح بعد سقوط بابل، في السنة الأولى من حكم داريوس بن أحشويرش أو Astyages كما يدعوه المؤرخ زينوفون، أي تقريبًا في ذات التاريخ الذي للأصحاح السادس، حوالي سنة 537 ق.م.، قبل أن يسمح كورش لليهود بالعودة إلى أورشليم بسنة. كان اسم أحشويرش شائعًا بين كثير من ملوك مملكة فارس ومادي. بالقول "الذي مُلك made king" يعني أن داريوس لم يصر ملكًا ببسالته، إنما وُهب له المُلك من آخر؛ أي من كورش ابن أخته وزوج ابنته. "في السنة الأولى من مُلكه، أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكمال سبعين سنة على خراب أورشليم" [2]. يظهر دانيال ليس كنبي فحسب، لكنه أيضًا كدارسٍ للنبوات (إر 25: 9-11؛ 29: 10؛ 31: 38؛ 2 أي 36: 21)، يدرس كلمة الله والنبوات، ويمزج دراسته بالصلاة، مقدمًا ثلاث صلوات كل يوم. لم تكن دراسته لإشباع لذة فكرية، أو كحب استطلاعٍ ليتعلم شيئًا جديدًا، ولكن للتمتع بوعود الله. كان دانيال قد كبر في السن، وأُحيل على المعاش، قضى حوالي 69 عامًا في السبي منذ عام 606 ق.م. إلى عام 537 ق.م. (حتى لحظات هذه الرؤيا)؛ أما قلبه فلم يشخْ قط، ولا اعتزل العمل الإلهي كرجل الله، بل مع الزمن كانت نفسه تمتلئ قوة ورجاءً في مواعيد الله الصادقة. لهذا التجأ دانيال إلى الكتاب المقدس، يجد فيه كنز هذه المواعيد التي يتمسك بها. هذا وقد مزج دراسته للكتاب بحياة النسك والصلاة بروح الانسحاق أمام الله. "أنا دانيال فهمت من الكتب" [2]. يزعم بعض النقاد المتحررين أن كلمة "الكتب" جاءت مُعرَّفة في اللغة العبرية، وهذا يعني أن دانيال النبي كان يتحدث عن قانونٍ كاملٍ لأسفار العهد القديم، في حين أنهم يزعمون أن هذا القانون لم يتم إلاَّ في القرن الثاني ق.م، وما يدعيه النقاد مبني على أفكار القرون الثلاثة الماضية وقد أثبتت الدراسات العلمية والأبحاث بطلان هذه المزاعم: أولًا: لم يكتب الأنبياء أسفارهم لكي يخفوها حتى يأتي من يضعها في القانون كما توهم النقاد، وإنما كان الشعب يحفظ ما جاء في أسفار الأنبياء قبل أن تُكتب، لأن ما بها من إعلانات أُعلنت على الشعب أولًا ثم دُونت في أسفارٍ بالروح القدس بعد ذلك. ثانيًا: كانت هذه الأسفار تُجمع في الهيكل ومع الأفراد، خاصة الأنبياء وعلماء الدين. وبالطبع فإن كل ما سبق فكُتب قبل دانيال كان معه نسخة منه. كانت النسخة الأصلية توضع دائمًا في الهيكل، كما وُجدت نسخ عديدة في المجامع التي أُنشئت في السبي للعبادة اليهودية وكبديلٍ مؤقت للهيكل. |
|