منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 05 - 2023, 05:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,335

ميخا النبي | اعتراف بالخطأ



اعتراف بالخطأ:

في هذه الدعوى تنفضح البشرية كلها، فلا تقدر أن تبرر جحودها وعدم أمانتها أمام الله الأمين في حبه لها، فتعلن الحقيقة المرّة. إنها قد صارت ككرْمٍ بلا ثمرٍ، وتينةٍ بلا باكورةٍ. سرت البغضة في دماء البشر، فحملوا الكراهية، الشخص ضد أخيه، وتسلل سفك الدماء بينهم بلا مبرر، وصارت العداوة بين أفراد الأسرة ذاتها.





وَيْلٌ لِيّ لأَنِّي صِرْتُ كَجَنَى الصَّيْفِ،
كَخُصَاصَةِ الْقِطَافِ.
لاَ عُنْقُودَ لِلأَكْلِ،
وَلاَ بَاكُورَةَ تِينَةٍ اشْتَهَتْهَا نَفْسِي. [1]
صورة مؤلمة عن مدى الجفاف الذي حلَّ بالمملكة بسبب الشر. هذا يتناسب مع عصر آحاز أشر ملوك يهوذا أو بداية عصر حزقيا قبل حركة الإصلاح. ويرى البعض أنه يتنبأ عما ستؤول إليه المملكة في أيام منسى.
تبدو يهوذا وأورشليم كبستان بعد القطاف، منظر الأوراق جميل للغاية، لكنه لا يجد الإنسان عنقودًا واحدًا ولا تينة يأكلها.
بقوله: "ويل ليّ" يحسب أن ما حلّ بالمملكة كلها إنما كما لو حلّ به وحده، إذ ينسب كل مرارة يعيش فيها الشعب إنما يذوقها هو. هذه هي مشاعر رجال الله الصادقة، فنسمع أنات إرميا النبي: "أحشائي! أحشائي! توجعني جدران قلبي. يئن فيَّ قلبي!" (إر 4: 16). "من مُفرج عني الحزن؟ قلبي يئن فيّ... من أجل سحق نبت شعبي انسحقت. حزنت، أخذتني دهشة" (إر 8: 18، 21).
* من المتكلِّم حين يقول النبي: "ويل ليّ يا نفسي، فقد صرت كمن يجمع قشًّا في الحصاد؟" فهل يجمع النبي قشًّا حرفيًّا، أو حتى يُريد أن يجمع؟ هل لدى النبي حقل؟ على أي الأحوال، الوحيد الذي بحق يجمع ممَّا يزرعه كمحصولٍ، ليس النبي بل الرب المخلِّص يسوع المسيح. وحيث توجد أخطاء كثيرة بين الأمم الوثنيَّة بل وأيضًا بين الذين يُظن أنَّهم من الكنيسة، لهذا يحزن النبي وينوح على خطايانا حين يقول: "ويل ليّ، إذ صرت كمن يجمع قشًّا" (مي 7: 1). ليت كل واحدٍ يفحص بدقَّة نفسه. هل هو سنبلة قمح؟ هل يكتشف ابن الله فيه شيئًا ليلتقطه أو يحصده؟ هل نجد بعضًا منَّا تحملهم الرياح؟ حتى وإن كنا لا نزال قلَّة قليلة في أنفسنا، حبَّتين أو ثلاثة حبوب، فإن خطايانا كثيرة ضدَّنا. إذ يتطلع إلى الكنائس أو ما تُدعى بالكنائس مملوءة بالخطاة يقول: "ويل ليّ فقد جئت كمن يجمع عشبًا في وقت الحصاد، وكمن يجمع خصاصة (لقاط) العنب وقت صنع الخمر. يأتي (الرب) يطلب ثمرًا من الكرمة، فإن كل واحدٍ منَّا قد زُرع ككرمة في أرض خصبة (إش 5: 1)، أو ككرمةٍ نُقلت من مصر (مز 80: 8)، لكنها زرعت لكي تحمل ثمرًا (إر 2: 21). إنه يأتي ليلتقط، فيجد خصاصة عنب، وعناقيد قليلة؛ إنها ليست مزدهرة ولا مثمرة. من هو من بيننا يحمل عناقيد الفضيلة؟
العلامة أوريجينوس
* يُغرْبل الأشرار مثل قشٍ خفيفٍ، أما الأبرار فيخلصون مثل حنطة ثقيلة. لهذا فلتنتبه إلى الرب وهو يقول لبطرس: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغرْبلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو 22: 31-32). الذين يُغربَلون كالقش يفنون، أما الذي لا يفنى، هذا الذي يشبه البذرة التي تسقط وتنبت، فإنها تزيد وتأتي بثمر كثير (لو 8: 8). هكذا يقول النبي: "ويلي، فقد صرت كمن يجمع الجُذامة (بواقي الحصاد) في الحصاد". هكذا يشبَّه الشر بالجُذامة، الذي يُحرق سريعًا، مع التراب. لهذا قال أيوب: "يكونون كالقش، يحملهم الريح" (أي 21: 18). وفي الحال أضاف سطرًا مختصرًا قائلًا: "مثل التراب تحمله الريح بعيدًا". حقًا، لكي يعرف أن الشريِّر يتفتَّت سريعًا ويتبدَّد كالتراب، تجد هذا واردًا في المزمور الأول: "كالتراب الذي يحمله الريح عن وجه الأرض" .
القديس أمبروسيوس




قَدْ بَادَ التَّقِيُّ مِنَ الأَرْضِ،
وَلَيْسَ مُسْتَقِيمٌ بَيْنَ النَّاسِ.
جَمِيعُهُمْ يَكْمُنُونَ لِلدِّمَاءِ
يَصْطَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَبَكَةٍ. [2]
لقد باد الصالح من الأرض ولم يعد يُوجد من هو مستقيم بين الناس، فالحكام يغتصبون الممتلكات، والقضاة يرتشون، والخيانة دبٌت بين الأصدقاء، والكراهية وسط أعضاء الأسرة الواحدة. وهكذا صار الفساد عامًا بين الشعب. لكن يبقى الله أمينًا يقود شعبه من الظلمات إلى نوره العجيب.
تحولت المملكة البشرية إلى غابة كلٍ يود أن يفترس الآخر، ناموسها الظلم وسفك الدماء، يجد كل شخصٍ سعادته في اصطياد أخيه كما بشبكةٍ. وكما يقول المرتل: "خلص يا رب لأنه قد انقرض التقي، لأنه قد انقطع الأمناء من بني البشر. يتكلمون بالكذب، كل واحدٍ مع صاحبه بشفاهٍ ملقة بقلبٍ فقلبٍ يتكلمون" (مز 12: 1-2).
* لنحزن إلى حين فنفرح أبديًا. لنخشَ الرب، لنسبق فنعترف له بخطايانا. لنصحح ارتدادنا، ونصلح من أخطائنا، لئلا يُقال عنا: "ويل ليّ يا نفسي، لأن الإنسان التقي قد باد من الأرض، وليس من بين البشر من يصلح من أمرهم" (مي 7: 2 Lxx).
القديس أمبروسيوس
* أقصد إن كان السَفرْ في ذاته مشقة، فإنه بالأكثر عندما يكون المسافر وحده، ليس من يشاركه رحلته؛ هذا هو الحال هنا. بمعنى آخر الشركة والتشجيع الأخوي ليس بالأمر الهين. لهذا يقول أيضًا بولس: "ولنلاحظ بعضنا بعضًا للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة" (عب 10: 24). لهذا السبب استحق القدامى أن يتجملوا (روحيًا)، ليس لأنهم مارسوا الفضيلة، وإنما لأنهم مارسوها بالرغم من غيابها مع ندرة من يفعلها في أي موضع. هذا، على أي الأحوال، ما يقصده الكتاب المقدس بقوله: "كان نوح رجلًا بارًا كاملًا في أجياله" (تك 6: 9).
على هذا الأساس نعجب من إبراهيم، ومن لوط، ومن موسى، إذ أشرقوا ككواكبٍ وسط ظلمةٍ دامسةٍ، كورودٍ وسط الأشواك، وكقطيع وسط ذئابٍ لا حصر لها، سالكين الطريق المضاد لكل واحدٍ آخر وبدون تردد. ها أنتم ترون كم يكون الأمر صعبًا في الصحبة عندما يأخذ واحد اتجاهًا مخالفًا لكثيرين، وعندما يسافر في اتجاه مضاد للجمهور، فإنه سيعاني من متاعب كثيرة. كما تجد السفينة صعوبة في الإبحار حينما تصدها الأمواج نحو الاتجاه المضاد، والأمر أكثر صعوبة في حالة الفضيلة .
* "ويل ليّ... قد باد التقي من الأرض" (مي 7: 1-2) هذا هو دورنا أن نحزن، أو بالحري نحتاج أن نقول هذا كل يوم. فإذ لا تنفع صلواتنا بشيءٍ ولا نصيحتنا ولا تحذيرنا بقي لنا أن نبكي. هكذا فعل المسيح، بعدما حث الذين في أورشليم ولم ينتفعوا شيئًا، بكى على محنتهم. هكذا أيضًا فعل الأنبياء، وهكذا لنفعل نحن أيضًا. من الآن فصاعدًا إنه وقت للحزن والدموع والنحيب. يليق بنا أيضًا أن نقول: "ادعوا النادبات فيأتين وأرسلوا إلى الحكيمات فيصرخن" (إر 9: 17). ربما بهذا نستطيع أن نزيل مرض الذين يحيطون أنفسهم بأراضٍ يقتنوها بالسلب.
* ليس شيء مزعجًا ومثيرًا للاضطراب أكثر من الاجتماع بشعبٍ كهذا، فإن الدخان والسخام لا يؤذي العينين مثلما تحطم الشركة مع الأشرار النفوس.
القديس يوحنا ذهبي الفم




اَلْيَدَانِ إِلَى الشَّرِّ مُجْتَهِدَتَانِ.
الرَّئِيسُ وَالْقَاضِي طَالِبٌ بِالْهَدِيَّةِ،
وَالْكَبِيرُ مُتَكَلِّمٌ بِهَوَى نَفْسِهِ، فَيُعَكِّشُونَهَا. [3]
ما بلغته المملكة أبشع من الغابة، لأنه توجد خطة مدروسة، تعمل القيادات معًا لكن بدون روح الحب، غايتها النهب والسلب والقتل. يدا كل واحدٍ منهم مجتهدتان في اصطياد النفوس وإهلاكها. فما تشتهيه قلوبهم، وما تنغمس فيه أفكارهم، تنفذه أياديهم بكل اجتهاد.
القادة الذين اؤتمنوا على الدفاع عن الحق، استخدموا سلطانهم لاقتناء المال، فيطلبون الرشوة على شكل هدايا؛ فيُلبسون الرذيلة ثوب الصداقة والفضيلة.
يُقصد بالكبير صاحب الثروة والسلطان، فإنه لا يخجل من أن يتكلم بصراحة عما في نفسه من هوى محبة المال، فيفسدون نفوسهم كما يفسدون نفوس من حولهم.







أَحْسَنُهُمْ مِثْلُ الْعَوْسَجِ
وَأَعْدَلُهُمْ مِنْ سِيَاجِ الشَّوْكِ!
يَوْمَ مُرَاقِبِيكَ عِقَابُكَ قَدْ جَاءَ.
الآنَ يَكُونُ ارْتِبَاكُهُمْ. [4]
لا يوجد شخص واحد يُعتمد عليه، فإن أفضلهم حاد كالعوسج، وأحكمهم كسياج الشوك. من يقترب منهم لا ينال منهم شيئًا سوى الجراحات والمتاعب. لقد صاروا أرضًا قفرًا، صدر ضدهم الحكم الإلهي: "شوكًا وحسكًا تنبت لك وتأكل عشب الحقل" (تك 3: 18)، عوض أن يكونوا سماءً مقدسة تُنتج ثمر الروح من محبة وفرح وسلام وصلاح ووداعة وتعفف (غل 5: 22-23).






لاَ تَأْتَمِنُوا صَاحِبًا.
لاَ تَثِقُوا بِصَدِيقٍ.
احْفَظْ أَبْوَابَ فَمِكَ عَنِ الْمُضْطَجِعَةِ فِي حِضْنِكَ. [5]
مما أحزن قلب ميخا النبي أنه بالرغم من العمل معًا إلاَّ أنه لا يأتمن الإنسان صديقه ولا زوجته! تدب الأنانية حتى بين أفراد الأسرة فيعمل كل فرد لحسابه ويخشى غيره. هكذا تفقد الأسرة الدفء الاجتماعي والروحي وينحل المجتمع خلال روح الأنانية والجشع.
إذ يسود الخداع حياة الإنسان لا يعود يأتمن حتى من هي في حضنه. يرى الأب يوسف أن شمشون إذ تزوج بامرأة شريرة مخادعة وكاذبة لم يستطع أن ينفذ هذه الوصية التي للنبي ميخا، فأباح بسرَهُ بعد أن كتمه زمانًا طويلًا، فكان ذلك سبب مرارة شديدة في حياته.
يجد الأب إسحق في هذه الآية دعوة للصلاة السرية.

* قبل كل شيء يجب أن نلاحظ بكل اعتناء الوصية الإنجيلية التي تأمرنا أن ندخل مخدعنا ونغلق بابنا ونصلّي لأبينا. وهذا يتحقق كالآتي:
* نصلّي داخل مخدعنا عندما ننزع من قلوبنا الداخلية الأفكار المقلقة والاهتمامات الباطلة، وندخل في حديث سرّي مغلق بيننا وبين الرب.
* نصلّي بأبواب مغلقة، عندما نصلّي بشفاه مغلقة في هدوء وصمت كامل لذاك الذي يطلب القلوب لا الكلمات.
* نصلّي في الخفاء عندما نكتم طلباتنا الصادرة من قلوبنا وأذهاننا المتقدة بحيث لا نكشفها إلاَّ لله وحده، فلا تستطيع القوات المضادة (الشياطين) أن تكتشفها. لذلك يجب أن نصلّي في صمت كامل، لا لنتحاشى فقط التشويش على إخوتنا المجاورين لنا وعدم إزعاجهم بهمسنا أو كلماتنا العالية، ونتجنب اضطراب أفكار المصلّين معنا، وإنما لكي نخفي مغزى طلباتنا عن أعدائنا الذين يراقبوننا، وبالأخص في وقت الصلاة، وبهذا تتم الوصية: "احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك" (مي 7: 5).
الأب إسحق




لأَنَّ الاِبْنَ مُسْتَهِينٌ بِالأَبِ،
وَالْبِنْتَ قَائِمَةٌ عَلَى أُمِّهَا،
وَالْكَنَّةَ عَلَى حَمَاتِهَا،
وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. [6]
حقًا إنه زمن رديء فيه يهين الابن أباه، وتقوم البنت على أمها، والكنة على حماتها. هكذا يُنزع من الكل حتى المحبة الطبيعية.
هذا وقد أشار السيد المسيح إلى موقف غير المؤمنين من المؤمنين حتى وإن كانوا إخوتهم أو أبناءهم، فيقول: "وسيسلم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ولده، ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم، وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي" (مت 10: 21-22؛ لو 21: 16-17).
* ماذا يفعل السيف؟ سيف الكلمة يقطع خلال الدفاع. إنه يمارس عزل الشرير عن الصالح (عب 4: 12). بالحقيقة يخلق انقسامًا بين المؤمن وغير المؤمن (مت 10: 35). بل قد يثير الابن والابنة والعروس ضد الأب والأم والحماة، الصغار النشيطين ضد الكبار الوهميِّين .
القديس غريغوريوس النزينزي
* "أعداء الإنسان أهل بيته" (مت 10: 36). فإنه بالحق يوجد بين اليهود شيء مثل هذا. بمعنى يوجد أنبياء وأنبياء كذبة، فانقسم الشعب على ذاته، وحدث شقاق في العائلات، البعض آمن بواحدٍ والآخرون بالآخر. لذلك ينصحهم النبي: "لا تأتمنوا صاحبًا، لا تثقوا بصديقٍ، تحفظ من المضجعة في حضنك" و"أعداء الإنسان أهل بيته" (مي 7: 5-6).
القديس يوحنا ذهبي الفم


وَلَكِنَّنِي أُرَاقِبُ الرَّبَّ،
أَصْبِرُ لإِلَهِ خَلاَصِي.
يَسْمَعُنِي إِلَهِي. [7]
الفساد العام لا يبرر انزلاقنا في الشر؛ فإن كان لا يوجد إنسان واحد مستقيم بين الناس، يلزمنا مع ميخا النبي أن نتطلع إلى الرب ونترقب خلاصه.
إذ يعترف الإنسان بشره وفساده ينفتح باب الرجاء في عمل الله الفائق. فإن الله كمحب للبشر، في غضبه، إنما يغضب على الخطية ولا يطيقها، أما عن جهة الخاطي فهو موضع حبه. لهذا بالتوبة الصادقة تميل أذنا الرب لتسمع أناته ويستجيب لصرخاته.
إذ تطلع النبي إلى المجتمع المحيط به بدا الأمر خطيرًا للغاية، إذ صار كمريضٍ لا يُرجى شفاؤه، أما وقد رفع عيني قلبه لله، فرأى أبواب الرجاء المشرقة أمامه وترنمت أعماقه بالتسبيح والتمجيد لله واهب النصرة، والمشرق بنوره على الظلمات فيبددها.
يعترف النبي بأن الله لم يتغير، هو الذي خلص في القديم، يخلص الآن، وسيخلص، فإنه يُسر بالرأفة ولا يحفظ إلى الأبد غضبه.
* "طوبى لمن إله يعقوب معينه، ورجاؤه على الرب إلهه" (مز 146: 5). هل ترون غنى التشجيع والنصيحة؟ الآن إذ يُشير إلى التطويب، يقصد نوال كل البركات، ويظهر آفاق الرجاء. لهذا بعدما أشار إلى تطويب من يترجى الله، أظهر قوة المُعين، مبينًا أن الكائن البشري غير الله، واحد يهلك والآخر يبقى. ليس فقط يبقى هو بل وتبقى أعماله. لهذا أضاف الصانع السماوات والأرض البحر وكل ما فيها" (مز 146: 6)... ويضيف "الحافظ الأمانة إلى الأبد". هذا هو دوره؛ وهذه هي عادته؛ هذه هي سمة الله الخاصة به؛ أنه لا يتجاهل المخطئين، ولا يهمل الذين في محنة، إنما يرفع يده لصالح ضحايا المتآمرين، ويفعل هذا على الدوام.
القديس يوحنا الذهبي الفم
هكذا إذ تظلم الصورة جدًا أمام عيني رجال الله، يرفعون نظرهم إلى الله مترجين عمله، فهو إله المستحيلات، ليس من رجاء للخلاص إلاَّ في الله وحده مخلص العالم. لم يترجَ ميخا النبي إنسانًا ما ليصلح حال شعب الله، أو حال البشرية، إنما يتطلع إلى مخلص العالم وحده. هذا أيضًا ما عبر عنه المرتل في المزمور 146.
* يقول النبي لكل شخصٍ بصفة عامة: لا تتكلوا على الرؤساء ولا على الأباطرة، ولا الحكام ولا قضاة هذا العالم (راجع مز 146: 3)... من هم الرؤساء؟ أبناء البشر. من هم أبناء البشر؟ هم الذين لا خلاص عندهم (مز 146: 3). "تخرج روحه فيعود إلى ترابه" (مز 146: 4). عندما يعود إلى ترابه، ماذا يحدث؟ "في ذلك اليوم تهلك أفكاره". كل اعتماد على الرؤساء باطل، كل خططهم تهلك... كثيرون يتكلون على رئيس. إنه موجود اليوم، غدًا لا يعود يوجد .
القديس جيروم
بقوله "أصبر لإله خلاصي" يعلن النبي أنه لا يلقي باللوم على الظروف المحيطة به، ولا على الله الذي سمح بالضيق، وإنما يتقبل تأديب الرب بصبرٍ لأجل خلاصه وخلاص إخوته. وكما يقول إرميا النبي في مراثيه: "لماذا يشتكي الإنسان الحيّ الرجل من قصاص خطاياه؟ لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السماوات. نحن أذنبنا وعصينا" (مرا 3: 39-42). لنشكو أنفسنا ولا نشكو الأيام التي نعيشها. لنحتمل التأديب كدافع للتوبة، فنتمتع بالشركة مع "إله خلاصنا"، عندئذٍ "يسمعني إلهي".


لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي.
إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ.
إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ، فَالرَّبُّ نُورٌ لِيّ. [8]
إذ يعترف الإنسان بظلمته ويدرك أن الرب نور له لا يعود يخشى عدوًا ما، ما دام الرب معه. فإنه وإن سقط وكاد أن يتحطم يجد يديّ الله تنتشله وتقيمه. وكما يقول المرتل: "إذا سقط لا ينطرح، لأن الرب مسند يده" (مز 37: 24). وإن جلس في الظلمة يشرق عليه الرب فينيره. كما يقول: "يرى ذلك مبغضيَّ فيخزوا، لأنك أنت يا رب أعنتني وعزيتني" (مز 86: 17). فمع كل عملٍ إلهيٍ في حياة التائب يُصاب عدو الخير وجنوده بخيبة أملٍ وخزيٍ وعارٍ.
* السقوط في الضعف ليس فيه خطورة، إن كان الإنسان متحررًا من الرغبة في (السقوط). لتكن لك الإرادة أن تقوم. إنه مستعد، ذاك الذي يقيمك.
* ليتنا لا نفرح بخطية أحدٍ بل بالحري نحزن، إذ مكتوب: "لا تشمتي بي يا عدوتي، إذا سقطت أقوم، إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي..." (مي 7: 8-10). وهذا ليس عن عدم استحقاق، فإن من يفرح بسقوط آخر إنما يفرح بنصرة الشيطان. حري بنا أن نحزن عندما نسمع عن أحدٍ يهلك هذا الذي مات المسيح من أجله. هذا الذي لا يحتقر حتى القش في وقت الحصاد... فقد قيل: "ويل ليّ، لأني صرت كمن يجمع القش في الحصاد، وفضلات العنب في الكرمة" (راجع مي 7: 1)، لكي ما يأكل بكور ثمر نعمته فيَ.
القديس أمبروسيوس


أَحْتَمِلُ غَضَبَ الرَّبِّ،
لأَنِّي أَخْطَأْتُ إِلَيْهِ،
حَتَّى يُقِيمَ دَعْوَايَ وَيُجْرِيَ حَقِّي.
سَيُخْرِجُنِي إِلَى النُّورِ.
سَأَنْظُرُ بِرَّهُ. [9]
حلول الضيق بسبب انتشار الفساد دفع النبي إلى مراجعة نفسه ليعترف بخطئه في حق الرب، لذا يقبل كل تأديب، فيدافع الرب عن استقامته. يعترف الشخص بسقطاته، ويستره الرب ببرِّه، ويحفظه بنعمته الإلهية. لا يرى النبي في الضيق رفض الرب له، بل رغبته الإلهية في دفعه إلى التوبة وتمتعه بالشركة معه.
يشعر بحاجته إلى يد الله العاملة لبنيانه. هذه هي علامة قبول النور الإلهي: التسليم الكامل بين يدي الله صانع الخيرات، وواهب البرّ.
* نحن أحيانًا نحتمل مرضًا عقوبة (تأديبًا) عن خطيَّة بقصد تغييرنا. يقول الكتاب المقدَّس: "من يحبه الرب يؤدبه" (أم 3: 12). مرة أخرى يعلمنا الكتاب المقدَّس "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حُكم علينا. ولكن إذ قد حُكم علينا نؤدَّب من الرب لكي لا نُدان من العالم" (1 كو 11: 30-32). لذلك عندما نحن الذين ننتمي إلى هذه الطبقة نتعرف على معاصينا. يصير من اللائق أن نحتمل في صمتٍ وبدون استخدام أدوية -كل الأحزان التي تحل بنا- متذكرين كلمات النبي: "احتمل غضب الرب لأني أخطأت إليه" (مي 7: 9). علاوة على هذا يلزمنا أن نظهر دليلًا على تغييرنا بإظهار ثمارٍ تليق بالتوبة، متذكرين كلمات الرب: "ها أنت قد برئت، فلا تخطئ أيضًا لئلاَّ يكون لك أشر" (يو 5: 14). أحيانًا أيضًا يحل المرض بنا كطلب الشرير، ويقبل سيدنا صانع الخيرات أن يتنازل فندخل في معركة مع الشرير، حاسبًا إيَّاه كخصمٍ قدير فيبطل تشامخه بواسطة الصبر البطولي لخدًّامه.
القديس باسيليوس الكبير




وَتَرَى عَدُوَّتِي فَيُغَطِّيهَا الْخِزْيُ الْقَائِلَةُ لِيّ:
أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ إِلَهُكِ؟
عَيْنَايَ سَتَنْظُرَانِ إِلَيْهَا.
الآنَ تَصِيرُ لِلدَّوْسِ كَطِينِ الأَزِقَّةِ. [10]
صورة رائعة لحياة النصرة! فإذ يتمتع المؤمن بنور الرب لا يخشى ظلمة إبليس ولا لذة الخطية ولا ضعف الجسد، ولا خداع العالم الشرير. يبدأ عدو الخير بتعيير الساقط، فيصرخ في سخرية: "أين هو الرب إلهك؟"، وكأن الله يعجز عن أن يحفظ أولاده من السقوط. لكن إذ يرى يد الله تُقيمه يصيبه الخزي.
يتطلع الإنسان في سقطته إلى نفسه وتعييرات العدو له، فيرى نفسه كطين الأزقة تحت الأقدام للدوس، لكن إذ تنتشله النعمة الإلهية يدرك إمكانيات الله العاملة فيه.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
اعتراف حزقيا بالخطأ
ميخا النبي | ميخا وقوة الروح
ميخا النبي| يُشير ميخا النبي إلى عشرة مدن
هل تنبأ ميخا النبي عن مكة والكعبة ؟ ميخا 4: 1-4 و اشعياء 2: 1-4
ميخا النبي (ميخا المورشتي)


الساعة الآن 04:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024