رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنْ نَسَمَةِ اللهِ يُجْعَلُ الْجَمَد ُ(الجليد)، وَتَتَضَيَّقُ سِعَةُ الْمِيَاهِ [10]. يُسمح بنزول الجليد (الماء المجمد). وإن كان ظهور الجليد نتيجة عوامل طبيعية، لكن حتى الظواهر لا تتم اعتباطًا، بل الله هو ضابط الطبيعة. يقول المرتل: "الذي يعطي الثلج كالصوف، ويذري الصقيع كالرماد. يلقي جمده (ثلجه) كفتات، قدام برده من يقف؟" (مز 147: 16-17). * من الذي يصب الهواء بفيضٍ شديدٍ... لا يقدمه بمقاييس حسب رتبة البشر وثرواتهم، ولا يُحد بواسطة تخوم معينة، ولا يقسمه حسب أعمار الشعب، وإنما كما كان يوزع المن (خر 16: 18)، يقدم بما فيه الكفاية للكل بالتساوي، ومركبة الخليقة المجنحة، وكرسي الرياح، وفصول السنة الوسيطة، والمحيي الكائنات الحية، أو بالأحرى حافظ الحياة الطبيعية للجسم، التي بها تعيش الأجسام وبها تتكلم، وفيها يكون النور وكل ما يشرق عليها، والبصر الذي يفيض خلالها...؟ ما هي مخازن الرياح؟ ما هي كنوز الثلج...؟ وكما يقول الكتاب من الذي ولد قطرات الندي؟ من أي رحم جاء الثلج؟ ومن الذي يربط الماء في السحب، ويثبت أجزاء السحب... * "عندما ينفخ الله يتجمد الثلج" [10]. إذ ينفخ الروح القدس على قلوب المؤمنين، ويهب عجائب القوة العظيمة، ينمو الجسد الذي يسبب شللًا (تخديرًا) في بلادة قلوب غير المؤمنين. تصير الجموع غير المؤمنة قاسية ضد الله بذات الأسباب التي تجعل الشعب المتواضع يكف عن العناد الذي ارتبط به. فإنه إذ ينفخ الله عليهم، أولئك صاروا ثلجًا، إذ قالوا خلال حسدهم على المعجزات التي صنعها: "هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يو 12: 19). لقد رأوا الآيات، وأدركوا المعجزات التي تمت بواسطة خدامه، وسبق فرأوا العالم كله يذهب ليتبع كرازة الإيمان. ومع هذا فكلما ملأ الروح القدس العالم تشبثوا بالأكثر بخبث الحسد الذي يقيد أذهانهم. "ويفيض بالماء بغزارة". لأنه الرب بالحقيقة يسكب المياه بغزارة بعد هذا الجليد. بعد أن احتمل قسوة اليهود، بعد موته، للحال أذاب قلوبهم من قسوة عدم إيمانهم، إذ نفخ عليهم نسمة الحب نحوه، حتى يجروا إليه لطاعته بشغفٍ، قدر المستطاع كما قيل بالحكيم: "كما الجليد في جو سليم هكذا تذوب خطاياكم وتُنزع عنكم" راجع (سي 3: 15)... عن المياه، أي الشعب المحتشد معًا نحو الرب، يُقال: "يُرسل كلمته فيذيبها. يهب بريحه (بنسمته) فتسيل المياه" (مز 147: 18). ألم يكن بولس جليدًا وهو ذاهب إلى دمشق، بعدما تسلم رسائل، وكان يعمل ضد بذور كلمة الله التي انتثرت في قلوب المؤمنين كما في الأرض، حتى لا تنبت وتبلغ كمال الأعمال الصالحة؟ لكن هذا الجليد تحول إلى ماء، وإذ رُوي فيما بعد بمجاري النصائح المقدسة أولئك الذين سعى قبلًا للضغط عليهم بالاضطهاد. هذا لكي ما يأتوا بحصادٍ وفيرٍ للمختارين قدر ما ترويها أمطار الله من فم المُضطهد. القديس غريغوريوس النزينزي |
|