في جَنَّة عَدَن، رِياض الأزهار بَينَ البَراعِم والوُرود، وسط الأشجار الخَضراء الشَّامِخة البَهِيَّة، عِندَ ضِفاف الأنهار الدَّائِمَة الجَرَيان بِالمِياه العَذبَة المُنعِشة، سَكَنَ آدَم وامرَأتَهُ حَوَّاء.
لَيسَت الطَّبيعة فَقَط ما مَيَّزَت عَدَن بَل أيضاً المَكانة التي تَحَلَّت بِها، إذ أنَّها كانَت مَكان التِقاء الله بِالبَشَر.
لم يَستَمتِع الثُّنائي الأوَّل بِجَمال الخَليقة فيها فقَط، بَل أيضاً بِوُجود الخالِق في وَسطِها وشَرِكَتَهُما الرُّوحِيَّة مَعَهُ.
الجَنَّة كَما نَصِفها اليَوم هي مَكان حُضور الرَّب، المَحضَر الذي بِهِ نَسمو ونَمتَلِئ روحِيّاً. هذا كُلّهٌ تَمَتَّعَ بِهِ آدَم أبو البَشَرِيَّة وزَوجته، حَيثُ يَصِف لنا الإصحاح الأوَّل مِن سِفر التَّكوين الحَياة وكأنَّها بِلا هَمّ ولا غَمّ ولا أيّ شَيء يَشغَل البال أو يُرهِق الفِكر ويوجِع القَلب، إنَّها بِكُل بَساطة، جَنَّة عَدَن.