رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مالك والقبر يا سيد…..قد أنتن آه منك، آه من روح التحدي فيك، بدوت وكأنك لا تُبالي بمرضه. جاءتك الدعوة، فأنت معروف بيديك الشافيتين لك سُعمة طيبة بين مُنكسري القلوب، وقد سمعنا ورأينا كثيرين يُشفوّن على طيب يديك، برغم من مرض نفوسنا التي التصق بنا ونحن نجول معك نرى شفاءاتك، لقد جاءتك الدعوة باكرًا: أن حبيبك مرض. ولكنك لم تُبالي! ولست أعلم إن كنت تعرف أن مرضه قديم وقد سكنه قبل لقاءاتك السابقة به ولم تشفه، أم انه مَرَضَ حديثًا ليكون مرضه المُميت. وكيف لي أن أعلم وأنت غير مُتوقَع، فقليل جدًا ما نعرفه منك وعنك، ولكن قلوبنا بايعتك مُنذ عهدٍ قديم. لقد سألناك كل يوم، ألا تود أن تذهب لُتلقى نظرة على حبيبك؟ ولكن كعادتك صمتْ، ولم تبُح بشيء لنا، صمتك كان قاتلًا يا سيدي، مُرعب، خطير، ونحن نعلم أن أخينا يتألم، لكنك تعمدت الجلوس في موقعك، يومين، سنتين، عُقدين من الزمان او الفيتيّن. لقد أنتظرت أن تسؤ حالته، كان يتألم، يزداد تعثُرًا، يزداد جرحه، وتسوء تقرحاته. حبيبتك مريم من سكبت الطيب على قدميك، كانت هناك، كانت تُناجيك، فلقد بعثوا لك برسالة، ووجعها عدم مجيئك فيما ظنوه هم الميعاد المُناسب. فاقت حيرتها آفاق العقل البشري مع كل صرخة آه خارجة من الم حبيبك لعازر، ما كل هذه القسوة يا سيدي، لماذا أنت صامت؟ لماذا هان عليك قارورة الطيب؟، لماذا لم تضع تعب وجهد مرثا في الحسبان؟. تلاميذك متوترون، فصديقهما مريض، وصاحب السلطان ماكثًا مكانه منُتظرًا، بينما حبيبه يتألم. لقد نام! تعني تعافى؟ جيد. لا، ماذا تقصد إذًا؟ مات! وهل النوم موت؟، نعرف أن النوم شفاء، فهوم مات! وكيف عرفت؟ صحيح أنت تعرف كل شيء ولكن لماذا الصمت؟ لماذا انتظرت؟ لماذا كللت أوج مرضه بموت؟، ثم بكل أريحية تُعلن لنا موته؟ لماذا؟ وفي موته تقول: “أنا فرحت من أجلكم”، تفرح كيف وانت لابد أن تبكي مع الباكين؟ لماذا تفرح؟ لأننا أحياء؟ ام لأنه ميت؟ أم تفرح لأن الموت ظهر على حقيقته؟…نحن مُضطربون جدًا يا سيدي. لماذا الانتظار؟، ولماذا الفرح؟. نقول لك: “لنذهب فلنمت معه إذًا، إذ كان الموت يُفرحك. طوال الطريق لم نتجاسر أن نُكلمك، وانت أيضًا لم تُبادر بأي حديث، وكان موت نفسيتنا في الطريق يُضاهي عذاب موت حبيبك. ولأول مرة نخاف منك! رأيناك في السابق تشفى، واليوم نراك منُتظرًا حتى تصاعد عذاب حبيبك ليبتلعه مرضه،ويموت!!! أهذا انت؟! صاحب الموعظة على الجبل؟ شافي المفلوج؟ أهذا أنت؟ لطالما كنت تجول تشفى وتُحرر من تسلط عليهم إبليس، إلا حبيبك فقد تركته لبراثن الألم حتى أبتلعه الموت. وصلنا، وكما توقعنا…رائحة الموت فجَّة، والحزن في أعلى قياساته، والألم والأنين مُتزايد، وناره خارجة من أنين من تُحبهم. سؤال عتاب خرج من فم أصدقاءك، لماذا تأخرت؟! لو كنت ههنا، لم يمت حبيبك!،هذا إيماننان وثقتنا فيك…تخيَّل! نثق أنك كُنت قادر لأن تمنع موته، لكنك لم تفعل، وقررت بإرادتك الإنتظارن والأن أتيت لكنه مات، ونحن أيضًا مُتنا! من الوجع والألم والحسرة، أختنق إيماننا في انتظارك، ولم تبقى فينا قوة بعدما رأينا ماتحبه يموت بالبطيء، حتى تفشى مرضه وابتلعه الموت بالكامل، ولم تبقى فينا قوة بالأحرى لأننا رايناك تنتظر وتركته للمرض والموت. ويبقى إيماننا فيك، انك لو كنت ههنا، لم يمت حبيبك. والآن وقد مات، أتيت مثل الباقين لتواسينا، وتشاركنا أحزاننا، فجميع الحاضرين أتوا بعد الموت، لأن لا حول لهم ولا قوة، غير قادرين على فعل شيء، أما أنت فكان في قدرة يدك أن تأتي من قبل وتفعل شيئًا، لو كنت ههنا لم يمت أخي! تكلمت معك مرثا، وتحاجيتم سويًا، أعترفت بربوبيتك أخيرًا، ولكن لم يحدث شيئًا، لا لها ولا لوجعها ولا لأخيها. ثم….ثم رأتك مريم، ومن دون كلام سجدت لك، أربكتك، اضرمت نار قلبك، وازعجت تيارات الحياة داخلك، تحول فرحك بنا إلى حُزن، وها أنت تبكي ويسيل الدمع على وجنتيك! هل ندمت؟! هل ندمت على الانتظار؟ هل ندمت على تركك من وثقوا فيك وانتظروك؟، لكنها لم تُعاتبك، بل سجدت لك! فهل اخجلتك؟! وحينما قالت لك لو كنت ههنا لم يمت أخي، إزداد اضطرابك، فسألت: أين وضعتموه؟ لماذا تسأل؟! وأي سؤال هذا، فأين يوضع الموتى غير القبور؟! مالك والقبر؟ من تحبه مات! لا يا سيد بل تأخرت كثيرًا، لأنه قد أنتن. مالك والقبر!، والوجع فينا وصل أقصى حدوده، مالك والقبر!، ونحن مُتألمين، ولم تعد فينا قوة لنرى جُثة أخينا..مالك والقبر يا سيد!، ولماذا أنت مُضطرب هكذا؟ مالك والقبر يا سيد ورائحة النتن لايُمكن تجاهلها؟ مالك والقبر يا سيد وأنت من تأخر في مجيئه؟ مالك والقبر؟ لقد مات حبيبك، لقد أنتن. أنت مُضطرب جدًا، عيناك لهيب، يداك ترتجف، دموعك تغلي، وجهك شاحب، لونك قد تغيَّر، نظراتك ثاقبة لكنها مُتألمة! مالك والقبر؟ مالك يا سيد؟ ماذا بك؟ ولماذا كل هذا الهيجان؟! لم تجاوبك مريم على السؤال، لكن الحاضرين، الحاقدين، المتطفلين واليائسين قالوا لك: تعال وأنظر! تعال إلى النتن وأنظر جثة حبيبك الذي كان في يدك أن تشفيه، وبملء إرادتك تركت المرض ينهش فيه. ثم حدث ما لم نتوقعه، ما لم نحسب حسابه، لقد أنفجرت تيارات الحياة منكَ، وخرج صوتك كغدير مياه يدوي في برية حياتنا، وتناثرت شظايا اللهيب من فمك، لتُشعل كل نفس وروح راكدة، وخرجت صرخة سمعتها الأرض والسماء، حتى أن صداها وصل إلى الهاوية وأقاصي الأرض السُفلى، لينتبه لعازر من نومه أو موته، وما الفرق؟ إن كنت قادرًا على إيقاظ الجميع، فالنوم والموت تُصبح مُفردات فعل واحد أمامك، فبصوتك الجهوري كلاهما ينتبه لك. وماذا عن النتن؟! فهو الآخر لا مجال له ولا قوة، ولا حضور، فخرج لعازر نظيفًا، متوهجًا، مسرورًا وقد نسى تعب مرضه وظلام قبره، وعذاب روحه، وهتف الكل لك يا مُحيي البشر، ولكن ظل السؤال في أعماق مريم محبوبتك، لوكنت ههنا لما كان لكل هذا أن يحدث! نعم يا سيد لم تسأل لماذا! واليوم أنا لا أسال لماذا، لكنني اُناجي تيارات الحياة فيك، المرض تفشى، والموت حاضر، والقبر مليء، والألم في أعلى مراحله، ولم تبقى إلا سجده عند قدميك، تعترف بربوبيتك ولا تسأل لماذا… السؤال لا وجود أو معنى له، لكن الحقيقة لو كنت ههنا، لم يمت……………. واليوم هل لك شيء تصنعه مع قبري؟ وهل للنتن أن يختفي؟ وهل للموت أن يتحول نومًا، فيتخلله صوتك لُيلهب قبري، فيلفظني ويوقظ موت نومي؟ فأستفيق ناسيًا مرارة كل ما فات………… |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسمار والقبر |
قيامة المسيح والقبر فارغ |
الحجر مرفوع والقبر مفروغ |
لعازر والقبر |
رحم العذراء والقبر الفارغ |