لا تتطلب العِنايَة الإِلهِيَّة الثقة الكاملة فحسب، إنما تتطلب أيضا الثبات في الأمانة. إن هذه الثقة التي لا تتزعزع، هي أحد شروط الأمانة، كما جاء في تعليم بولس الرسول " فقَد صِرْنا شُرَكاءَ المسيح، إِذا احتَفَظْنا بِالثِّقَةِ الَّتي كُنَّا علَيها في البَدْء ثابِتَةً إلى النِّهاية، فلا نَدَعُها تَتَزَعزَع"(عبرانيين 3: 14)، لان عناية الله لا تقوم على طريقة قَدَر محتوم يؤدي بالإنسان إلى سحق حريته، بل تتطلب منه أن يكون شريكًا في العمل من خلال ثباته في الأمانة. ويدبِّر الله حاجات من يدعوهم ليكونوا أبناءه، لكي يساعدهم على الثبات في الأمانة نحو دعوتهم كشهود لمحبته. ونرى صدى لهذا التصرف في حكمة صاحب المزامير: " تَوَكَّلْ على الرَّبّ ومارِسِ الإِحْسان" (مزمور 37: 3).
كشف يسوع للناس عن المحبَّة اللامتناهية التي تعبّر عنها العِنايَة الإِلهِيَّة، وعلّمهم أيضاً، بمثله وكلامه كيفية التجاوب مع هذه العِنايَة. فيكون هذا التجاوب في البحث، قبل كلّ شيء، عن محبة الله، ورفض الخضوع لأي سيد آخر غيره "فَاطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه" (متى 6: 33).