رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* تنسب هذه العبارة لأيوب تقوى عظيمة للغاية. فإن أناسًا كثيرين اعتادوا أن يبكروا لممارسة أعمال أرضية وكل ما يفكرون فيه خلال الليل هو الوسيلة لتكديس ثروة أو مجدٍ أو كرامات، فيسرعون في القيام لتحقيق أفكارهم عمليًا. يعبر النبي في أنشودة مرثاة ما يلزم أن يُقال عن هؤلاء: "ويل للمفتكرين بالبُطل، والصانعين الشر على مضاجعهم، في نور الصباح يفعلونه" (مي 2: 1). أمّا عن أيوب فلم ينشغل بهذا، وإنما كان في الفجر يقدم لله خدمة، هذا الذي يجعل النور مشرقًا... فإن الذبيحة الحقيقية هي حفظ الناموس وممارسة الفضائل (ابن سيراخ 35: 1-3). تخدمنا في هذا كلمات رسالة بولس إلى العبرانيين كمثال: "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح... ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع، لأنه بذبائح مثل هذه يُسر الله" (عب 13: 15-16). "لأن أيوب قال ربما أخطأ بني، وجدفوا على الله في قلوبهم" [5]. استقامة أيوب واضحة! يكمل برَّه نحو الصلاح. إنه أب حكيم وسيد مختبر، برج (من الكواكب) يتسم بالتعقل، مرشد صالح كمن يمسك بلجام خارجي ليلجم الشهوات الداخلية... لم يقتنع داود بالترنم بتلك الكلمات: "السهوات من يشعر بها؟ من الخطايا المستترة أبرئني" (مز 19: 12)، وإنما وضع أيضًا وصية الإنجيل في العملٍ. نقول بأن أيوب سلك حسب الناموس والنعمة، وحسب وصية الإنجيل:"...الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلبٍ جيدٍ صالحٍ" (لو 8: 15). إنه لم يكن مستهينًا بذلك. لقد كتب يوحنا اللاهوتي في هذا: "نُسكِّن قلوبنا قدامه، لأنه إن لامتنا قلوبنا، فالله أعظم من قلوبنا، ويعلم كل شيء. أيها الأحباء، إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله" (1 يو 3: 19-21) والرب نفسه يقول: "لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف، هذه التي تنجس الإنسان، وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولة فلا يُنجس الإنسان" (مت 15: 19-20). إذن لنتطهر من هذه الأفعال. لنطلب كل يوم الثمر من نفوسنا، فقد كان أيوب "حقًا وبلا لوم"، متطلعين أيضًا إلى ما كُتب: "هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام" [5]. الأب هيسيخيوس الأورشليمي |
|