يحتفل اللاتين بعيد استشهاد الكاهنين إفانتيوس Evantius وثيؤدولس مع القديس ألكسندروس الأول، أسقف روما.تم ذلك حوالي سنة 117 م في عهد الإمبراطور هادريان وبواسطة الوالي أوريليانوس. ألقى الثلاثة في أتون نار وإذ لم يمسهم أذى، قُتل الكاهنان بالسيف بينما طعن الأسقف في كل جسمه بأدوات حديدية مسننة حتى أسلم الروح.
اتسم الأب افبربيوس أو إبربيوس Euprepios بزهده الشديد في أمور هذه الحياة، حتى عندما سلبه بعض اللصوص كان يساعدهم على نقلها، ولما تركوا له العصا رآها فأخذها وسار وراءهم ليعطيهم إياها، وإذ خشوا منه سلمها لبعض المارة كي يسلمونها لهم.
إذ تعرف أن الله أمين وقدير ليكن لك إيمان به فتشاركه ما له.
كلنا نؤمن أنه القدير وأن كل شيء مستطاع لديه، فامسك بالإيمان به في أمورك الخاصة، إذ هو قادر أن يصنع معك معجزات أيضًا.
الأمور الجسدية مادية؛ من يحب العالم يحب فرص السقوط. لهذا إن حدث وفقدنا شيئًا لنقبل هذا بفرح وامتنان متحققين أننا قد تحررنا من الاهتمام بما فقدناه.
سأل أخ أبا إفبربيوس عن حياته، فأجاب الشيخ: "كلْ قشًا، البس قشًا، نمْ على قش، بمعنى احتقر كل شيء واطلب لنفسك قلبًا من حديد!"
في أيامه الأولى زار أبا إفبربيوس شيخًا، وقال له: "أبا، قل كلمة لكي أخلص". أجابه: "إن أردت أن تخلص فإنك إن ذهبت لترى إنسانًا لا تبدأ بالكلام قبل أن يوجه إليك الحديث". فشعر أبا إفبربيوس بالندامة على ما نطق به، وصنع له مطانية، وهو يقول: "قرأت كتبًا كثيرة من قبل ولم أجد تعليمًا كهذا"، وخرج من عنده منتفعًا جدًا.
إن اقتنى إنسان التواضع والفقر وعدم إدانة الآخرين، تحل مخافة الله فيه".
هو تلميذ القديس يوحنا الإنجيلي، وبعد أن مكث هذا القديس مع الرسول زمنًا طلب إليه أن يذهب إلى القديس بولس الرسول فأذن له بذلك، فسار إليه وكرز معه باسم المسيح وردَّ كثيرين من اليهود والوثنيين إلى الرب يسوع وعمدهم، وحوَّل برابي الأصنام إلى كنائس. وقد صبر على القيود والحبس زمانًا طويلًا، وطُرِح في النار فلم تؤذه وللسباع فلم تقربه بأذى بل استأنست إليه. وقد ذهب هذا القديس إلى سبسطية وبشَّر فيها، وكان ملاك الرب يسير معه ويؤيده، ولما أكمل سعيه بسلام تنيح في شيخوخة صالحة. وقيل عن هذا القديس أنه هو ذلك الشاب الذي كان جالسًا في الطاقة مثقلًا بنوم عميق في الوقت الذي كان يلقي فيه بولس الرسول خطابه، فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل وحُمِل ميتًا، فأقامه بولس الرسول بصلاته.ويعيد له يوم 1 نسيء.
سأل راهبان الله أن يعلن لهما مدى ما وصلا إليه من تقدم روحي فسمعا صوتًا يقول أنه في قرية ما بمصر يوجد إنسان يدعى إفخارستوس (أو ايوخارستوس Eucharistos) وزوجته تدعى مريم، لم تبلغا بعد إلى درجة فضيلتهما. نهض الشيخان وذهبا إلى القرية، وإذ سألا عن إفخارستوس وجدا بيته والتقيا بزوجته. سألاها: "أين زوجك؟"، فأجابت: "إنه راعٍ يطعم القطيع". دخلا البيت، وفي المساء عاد إفخارستوس ومعه الغنم. وإذ رأى الشيخين أعد لهما المائدة، وجاء بماء يغسل أقدامهما، أما هما فقالا: "لن نأكل شيئًا حتى تخبرنا عن طريقة حياتك". أجاب إفخارستوس في تواضع: "أنا راعٍ وهذه زوجتي" أصر الشيخان أن يعرفا حياته، لكنه لم يرد أن ينطق بشيء. عندئذ قالا له: "الله هو الذي أرسلنا"، فقال إفخارستوس بخوف: "هنا يوجد الغنم الذي ورثناه من والدينا، فإن صنعنا ربحًا قليلًا بعون الله نقسمه ثلاثة أجزاء: نصيب للفقراء والثاني للضيافة والثالث لاحتياجاتنا الشخصية. ومنذ تزوجت لم نقترن ببعضنا بل هي عذراء، كل منا يعيش بمفرده؛ بالليل نلبس المسوح وبالنهار نلبس ثيابنا العادية، ولا يعلم أحد عنا شيئًا حتى الآن".إذ سمع الشيخان هذه الكلمات صارا في دهشة وخرجا يمجدان الله.
تحتفل الكنيسة بعيد استشهاد القديسة أفدوكيا أو أودكسية (تعني "مسرة الله" Eutychia في 27 من مسرى. نشأت مع أخيها بنيامين في شبشير طملاي (مركز منوف، محافظة المنوفية)، تحت رعاية والدين مسيحيين محبين للغرباء، وسالكين بخوف الله وتقوى. اشتاق بنيامين أن يتمتع بإكليل الشهادة، فانطلق إلى شطانوف بمركز أشمون (بالمنوفية)، غالبًا بناء على دعوة إلهية حيث اعترف بالسيد المسيح أمام الوالي، محتملًا عذابات كثيرة، وأخيرًا أُودع في السجن. سمع بذلك والداه وأخته، فجاءوا إليه باكين، أما هو فكان يعزيهم، معلنًا لهم عن زوال هذا العالم وانتظار المجد الأبدي. وإذ سمعت أخته عن المجد الأبدي قالت له: "حيّ هو الرب إني لا أفارقك، والموت الذي تموت به أموت أنا به معك". سمع الوالي بذلك فحبسها معه في مكان مظلم مدة عشرين يومًا، ثم أخرجهما وربط في عنقيهما حجارة ثقيلة وطرحهما في البحر. أرسل الرب ملاكًا حلّ الحجارة من عنقيهما فسبحا حتى بلغا قرب بلدة تدعى بسطرة؛ التقت بهما عذراء أعانتهما حتى استراحا من الماء.عادا إلى الوالي من جديد يعلنان إيمانهما، فأمر بقطع عنقيهما بالسيف، ونالا إكليل الاستشهاد. وبنى لهما المؤمنون كنيسة في بلدهما شبشير. بركة صلواتهما فلتكن معنا، آمين.
الإنجليزية: Eudokia of Heliopolis قصة فتاة وثنية منغمسة في الشر بكل طاقاتها، تأثرت بعبادة ناسك وصلاته الخفية فاهتزت أعماقها الداخلية لا لتقبل الإيمان المسيحي فحسب، وإنما وقد تذوقت عذوبة الشركة مع عريسها السماوي صارت سرّ بركة وبنيان لنفوس كثيرة. حداثتها:
ولدت أفدوكيا أو أوذكسية أو أوطاخيا Eutychia في بعلبك بالشام Baalbeck (عُرِفَت بعلبك أيضًا باسم هليوبوليس)، وكانت سامرية الجنس، والدها يُدعى يونان ووالدتها حكيمة. كانت أفدوكيا جميلة جدًا، جذبت بجمالها الكثيرين إلى الخطية، حتى سمحت عناية الله أن ينزل أحد النساك من القدس يسمى "جرمانوس" Germanos ضيفًا في بيت ملاصق لبيت أفدوكيا. وفي منتصف الليل قام الناسك كعادته يصلي بحرارة ثم بدأ يقرأ في الكتاب المقدس عن "الدينونة" بصوت عالٍ لكي ينزع عنه النوم، وإذ فرغ من ذلك بدأ يقرأ في كتاب روحي عن عذابات الأشرار، وكانت أفدوكيا تصغي باهتمام من وراء الحائط فاهتزت مشاعرها، وصارت تبكي حتى الصباح. التقت أفدوكيا بالناسك وصارت تسأله عما كان يقرأه فأخذ يحثها على التوبة، وكان يلتقي بها بصفة مستمرة حتى تهيأت للمعمودية، فقام الأنبا تيؤدورس أسقف بعلبك بتعميدها، حيث قدمت له كل أموالها ليوزعها على الفقراء.
انطلقت أفدوكيا إلى بيت العذارى حيث عاشت بقلب ملتهب حبًا لله، فأحبتها العذارى وألزمنها أن تكون رئيسة عليهن بعد نياحة الرئيسة التي كانت في أيام دخولها البيت، فصارت خير قدوة لهن بالحياة العملية، خلال سهرها وأصوامها وسلوكها المملوء حبًا، مما جذب الكثيرات إلى بيت العذارى. خدعة شيطانية:
حرك عدو الخير شابًا شريرًا ليسقطها في النجاسة، فتظاهر بالنسك والتقشف مع التقوى، وذهب إلى الناسك جرمانوس يسأله أن يقبله من بيت المتبتلين ليحيا مكرسًا حياته للعبادة، وإذ قال له الناسك أنه لا زال شابًا يحتاج إلى التأني أجابه أن سيرة أفدوكيا قد جذبته لهذا الطريق. بعد فترة ليست بقليلة سأله الشاب أن يلتقي بالقديسة أفدوكيا لينال بركتها، وإذ اطمأن له جرمانوس سمح له، فالتقى بها، وأخذ يخاطبها بكلام دنس، أما هي ففي حزم شديد وبخته وأبكمته، فضربه الرب للحال، وسقط ميتًا. اضطهاد الوالي لها:
لما أشهر الملك تريانوس الاضطهاد ضد المسيحية أرسل والي المدينة أوريليانوس جنوده للقبض على تلك الشابة، فوثب عليهم وحش قتل بعضًا منهم وهرب الباقون. لم يصدق الوالي الخبر فأرسل ابنه ومعه عدد كبير من الجنود، لكن في الطريق رفسه فرس ومات، فالتجأ الوالي إليها، وبصلاتها أقام الرب ابن الوالي، فآمن الوالي وأهل بيته وجمع كثير من المدينة. احتمالها الآلام بصبر:
إذ مات الوالي أوريليانوس، أراد خلفه ديوجنيتس أن يتزوج جلاسيا أخت الوالي الأول، وكان يبغض المسيحيين، فهربت الفتاة إلى أفدوكيا، فأرسل الوالي جنودًا لإحضار أفدوكيا لينتقم منها، فجاءت إليه وتحدثت معه بشجاعة، محتملة عذابات كثيرة من أجل إيمانها بالسيد المسيح، وقد تمجد الله فيها، إذ أثار زوبعة شديدة، بينما كان الجنود يضربونها بالسياط في وحشية حتى آمن البعض بالسيد المسيح. أخيرًا أطلق الوالي سراحها لتعود إلى بيت العذارى. استشهادها:
إذ تولى والي جديد اسمه فيسيسيوس الولاية من قبل تراجان الملك، حاول استمالة القديسة لتنكر الإيمان، وإذ رأى إصرارها أمر بقطع رأسها، في الخامس من شهر برمهات حوالي عام 114 م. فانطلقت أفدوكيا عروسًا مقدسة تلتقي بعريسها الأبدي في الفردوس. * يُطلَق عليها أيضًا: أوذكسيا، أودكسيا، أوذكسية، أودكسية، أفدوكية.
حياتها تمثل النفس التي عاشت مدللة زمانًا في شهوات الجسد، وإذ تذوقت عذوبة الشركة مع الله في المسيح يسوع مخلصها تصطاد أهل بيتها للإيمان، وتقف بجرأة تواجه آلام الاضطهاد متهللة بالروح. كان الغرب يحتفل بعيد استشهادها في الخامس من أغسطس، ولا زالت تكرم في اكسبرج Augsburg موطنها، وفي بعض مناطق بألمانيا، قيل أن رفاتها أكتشفها S.Ulric سنة 955 م، والآن توجد في كنيستي إلريك وأفرا في أقصى جنوب اكسبرج. أغلب الدارسين يؤكدون صدق استشهادها، وإن كان بعض النقاد يتشككون في أنها كانت زانية وتابت. نشأتها:
بحسب التقليد كانت أفراAfra امرأة زانية تعيش في اكسبرج في بداية القرن الرابع، تابت على يدي القديس ناركيسوس بجيرونا في أسبانيا St. Narcissus of Gerona، وقد تابت معها والدتها هيلارية، كما كسبت نفوس خادماتها الثلاث: ديجنا وإفنوميا وإفبريبيا اللواتي كن يسلكن معها في الفساد. استشهادها:
إذ التهبت نيران الاضطهاد في عهد دقلديانوس وشريكه مكسيميانوس استدعاها غايس قاضي Rhaetia، ودخل معها في الحوار التالي: - اذبحي للآلهة، فإنه خير لك أن تعيشي من أن تموتي بالعذابات. - يكفي ما ارتكبته من خطايا خلال جهلي، فإنني لن أضيف عليها ما تأمرني به. - اذهبي إلى الهيكل وقدمي ذبيحة. - المسيح هو هيكلي، أراه دائمًا أمام عيني، وأعترف له كل يوم بخطاياي، وأقدم نفسي ذبيحة إرادية. - لقد سمعت عنك، إنك زانية. إذن ضحِ، فإنه لا نصيب لك مع إله المسيحيين. - لقد قال ربي يسوع المسيح أنه جاء من السماء لأجل الخطاة. - ضحِ فتكسبين محبة محبيك، ويسكبون أموالهم في جرابك. - إنني لن أقبل بعد أموالهم البغيضة، هذه الأموال التي ألقيتها عني كنفاية. - لن يمكنك أن تصيري مسيحية فإنك زانية. - إن كل ما لديّ أقدمه لأنال لقب مسيحية هو رحمة الله.
- كيف تعلمين أن المسيح قبلك؟ - في أنه يسمح لي أن اعترف به أمام كرسي قضائك. - هذا كله وهن، مجرد تخيلات؛ قدمي ذبيحة! - المسيح هو خلاصي، الذي عُلق على الصليب، ووعد اللص الذي اعترف به بالفردوس. - لا تتركيني أحاورك كثيرًا، إنما قدمي ذبيحة، وإلا إن سلكتي بغباوة فسأعذبك وأحرقك حية. - ليت جسدي الذي أخطأ يتألم! إذ أصدر القاضي حكمه بحرقها حية، أمسك بها الجند وسحبوها إلى جزيرة في نهر Lech، وهناك جلدوها وربطوها في قائمة لحرقها، وإذا بها تبسط يديها وترفع نظرها إلى السماء والدموع تجري من عينها لتقدم صلاة لله قائلة: "أيها الرب يسوع المسيح، الله القدير، الذي جاء لا ليدعو أبرارًا بل خطاة للتوبة، اقبل في هذه الساعة آلام توبتي، وخلال هذه النار الزمنية التي أُعدت لإبادة جسدي أنقذني من النار الأبدية التي تحرق الجسد والنفس معًا". وإذ بدأت تدخل النيران، سُمعت تقول: "أشكرك أيها الرب يسوع، إذ جعلتني أهلًا أن أتألم لأجل اسمك، يا من قدمت جسدك على الصليب فداء عن العالم كله، البار يفتدي الظالمين، الصالح يفتدي الأشرار، الطوباوي يفتدي من هم تحت اللعنة، الحلو يفتدي من هم مرارة... لك أقدم ذبيحتي، يا من لك الملك مع الآب والروح القدس، إلى دهر الدهور، آمين". إذ قالت هذا صمتت لتنطلق نفسها إلى الفردوس متهللة بإكليل الشهادة. في المساء جاءت والدتها وخادماتها الثلاث يحملن جسدها ويدفن إياها... وإذ سمع غايس أرسل جنوده يحرقهن بالنار. يرى بعض الدارسين أن أفرا هذه جاءت مع الكتيبة الطيبية من مصر إلى ألمانيا، إذ كان من عادة الجند متى رحلوا يأخذون أحيانًا زوجاتهم وأولادهم. ورأي آخرون أنها فتاة زانية جاءت مرافقة لأحد الجند وبقيت هناك تمارس شرها.ويعيد لها يوم 5 أغسطس.
عاش القديس أفراحات (أفراهات) Aphraates ناسكًا حقيقيًا، بفكر إنجيلي، في نسكه يتسع قلبه بالحب للكل، ويقابل الآخرين ببشاشة، مجاهدًا أيضًا من أجل حفظ الإيمان. نشأته:
قيل أنه نشأ في القرن الرابع ببلاد فارس، وكان والداه من عبدة الأوثان، أما هو فمنذ صبوته لم يسترح لفكر آبائه وحياتهم المملوءة بالرجاسات. لذا إذ التقى وهو في سن الرشد ببعض المسيحيين وتلامس مع محبتهم ووداعتهم وعفتهم سألهم عن إيمانهم، فتحدثوا معه عن وحدانية الله وتثليث الأقانيم الإلهية وعمل الله الخلاصي، فقبل الإيمان بفرح شديد واعتمد. رأى افراحات أن يترك بلده كإبراهيم ويذهب إلى أديسا (الرُها) فيما بين النهرين ليتشدد بإيمان المسيحيين هناك، وإذ كان يميل لحياة الوحدة سكن في مكان قريب من المدينة، يمارس حياة العبادة النسكية بروح تقوى حقيقي، ففاحت فيه رائحة المسيح الذكية وجاء الكثيرون يسترشدون به ويطلبون صلواته. يبدو أنه ترك موضعه وذهب إلى منطقة أخرى بسوريا حيث ازداد في نسكه، فلم يكن يأكل إلا خبزًا ويشرب ماء، مرة في اليوم مع بعض الخضراوات غير المطبوخة عندما كبر في السن. افتقده تارة أحد ولاة الشرق، يدعى أنثيموس، وقدم له ثوبًا جديدًا جاء به من بلاد فارس كهدية من بلد هذا المتوحد، وإذ كان بطبعه لطيفًا وبشوشًا تقبل الهدية وشكره عليها. وبعد قليل سأله أفراحات: إني أستشيرك في قضية تحيرني وتبلبل فكري، وهي إنني منذ حوالي 16 عامًا عزمت أن يكون لي صديقًا واحدًا اخترته ليرافقني ويعيش معي، وكان هذا الصديق يعجبني جدًا ويعزيني ولم يحزنني قط لكن جاء آخر من بلد بعيد وأراد أن يحتل مكانه فأي الاثنين أقبل؟! أجاب الوالي: "الأول" أبتسم أفراحات وقال له: "إن الصديق القديم هو ثوبي يلازمني هذه السنوات الطوال فكيف استبدله بآخر؟!" حينئذ ابتسم الوالي وأدرك أن أفراحات يود الاعتذار عن قبول هديته بلطف، فاسترد الثوب وهو متعجب من حكمته ولطفه، إذ لم يرد أن يجرح احساساته حتى في رفضه للهدية. مع الملك فالنس:
بقي القديس ملازمًا قلايته لا يخرج منها، وقد تحولت إلى مركز روحي قوي، يتعزى كل القادمين إليه بكلمات النعمة الخارجية من فمه، ويتمتعون ببركات عمل الله معه. إذ نفى الإمبراطور فالنس ملاتيوس أسقف أنطاكية، وأثار الاضطهاد على الكنيسة بسبب فكره الأريوسي، دخل أفراحات مدينة أنطاكية، وكان يشجع المؤمنين، ويشددهم على الإيمان المستقيم، مبرهنًا لهم على لاهوت السيد المسيح. وكان الأريوسيون يعجزون عن مقاومته أو مجادلته من أجل النعمة التي وُهبت له خلال كلماته وحياته والعجائب التي كان الله يجريها على يديه، لذا كان الأريوسيون يهابونه ويريدون التخلص منه. رآه الإمبراطور مرة يجري مسرعًا في الطريق رغم شيخوخته، وإذ سأل عن شخصه قيل له أنه الناسك أفراحات، فاستدعاه، ثم سأله عن سبب مشيه بسرعة. فقال له أفراحات: "لكي أجتمع في الكنيسة وأصلي من أجل العالم، خاصة من أجل الإمبراطورية". عندئذ قال له فالنس: "كان الأولى بك أن تلازم قلايتك وتصلي فيها". أجاب القديس: "لو أن فتاة أبصرت نارًا تلتهب في بيت أبيها وهي متحجبة أتبقى في البيت مستسلمة حتى تحترق؟! لست أنا الذي أُلام بل بالأحرى أنت الذي أشعلت النيران في بيت أبي وأنا أطفئها. إنني لا أفعل شيئًا يخالف عملنا عندما نجتمع معًا لننعش الموالين للإيمان الحقيقي". لم يستطع الإمبراطور أن يجيبه بكلمة، إنما شتمه أحد الحاضرين مهددًا إياه بالقتل، فسقط في الحال ميتًا، الأمر الذي أرعب الإمبراطور، فلم يمد يده على القديس أفراحات بالرغم من محاولات الأريوسيين وحثهم له على نفيه. لم يمض إلا وقت قليل ومات فالنس في حريق فاستراحت الكنيسة من مقاومته. عاد القديس إلى توحده واختلى بها مقدمًا صلواته عن العالم حتى تنيح حوالي عام 345 م. تعيِّد له الكنيسة اليونانية في 29 من يناير، واللاتينية في السابع من أبريل. * يُكتَب خطأ: أفراهمات.
نشأتها ولدت أفراسيا أو أفراكسيا St. Euphrasia, Euproxia بالقسطنطينية في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير في أواخر القرن الثالث، وكانت تمت بصلة قرابة للإمبراطور. كان والدها أنتيخوس Antigonus واليًا على مدينة ليكيا، عُرف بتقواه مع شرف حسبه. أما والدتها فكانت إنسانة تقية بارعة الجمال، تدعى أيضًا أفراسيا. بعد إنجابها للطفلة اتفق الوالدان على الحياة البتولية وهما تحت سقف واحد، يمارسان الحياة النسكية الخفية. إذ بلغت الطفلة سنة واحدة من عمرها انتقل الوالد، وإذ بلغت الخامسة طلب الإمبراطور من الأم أن تخطب ابنتها الطفلة لأحد أبناء الشرفاء، فقبلت الأم. لكن إذ كانت الأم ابنة اثنين وعشرين عامًا وبسبب جمالها الفائق تقدم كثيرون من شباب الأشراف يودون الزواج من هذه الأرملة الشابة، وكان الإمبراطور يحثها على الزواج. سألت أفراسيا الإمبراطور أن يسمح لها بزيارة مصر لتدبير بعض أمورها المادية، وكان هدفها الرئيسي هو الهروب من القصر الإمبراطوري خشية ضغط الإمبراطور عليها، فتكسر العفة التي نذرت نفسها لها مع رجلها الراحل. في مصر:
إذ وصلت أفراسيا وطفلتها إلى مصر، قاما بزيارة بعض الأديرة، من بينها دير بالإسكندرية به مائة وثلاثون راهبة يسلكن بروح نسكي تقوي، فما كانت الراهبات يخرجن من ديرهن قط، ولا يأكلن إلا بعد الغروب خبزًا وبقولًا، يلبسن المسوح، ويعملن بأيديهن. قدمت أفراسيا مالًا للدير فرفضت الرئيسة نهائيًا معتذرة بأن عمل أيديهن يكفي لمعيشتهن. ترددت أفراسيا الكبرى وابنتها أفراسيا الصغرى على هذا الدير، فكانتا تجدان راحتهما فيه، كما أحبت الراهبات الصبية الصغيرة أفراسيا التي كانت في السابعة من عمرها. سألت رئيسة الدير الفتاة الصغيرة على سبيل الدعابة: "من الذي هو أحب إليك راهبات هذا الدير أم خطيبك؟". أجابت الصبية: "إنني لم أعرف خطيبي ولا هو يعرفني، أما راهبات الدير فإني أعرفهن وأحبهن جميعًا". ثم قالت الصبية: "وأنت أيهما أحب إليك أنا أم خطيبي؟". ابتسمت الرئيسة ثم قالت: "نحن نحبك، وسيدنا يسوع المسيح أيضًا يحبك". عندئذ قالت: "أنا أيضًا أحبكن وأحب سيدنا يسوع المسيح محبة عظيمة". كانت الأم أفراسيا تنصت لكلمات ابنتها اللطيفة وتعبيرات وجهها، وإذ لم تتمالك نفسها من شدة الفرح انسابت الدموع من عينيها دون أن تنطق بكلمة. في المساء سألت الأم ابنتها أن يتركا الدير حتى لا تنشغل الرئيسة بهما، فقالت لها الصبية: "اذهبي أنتِ يا أمي إن أردتِ ودعيني أمكث ههنا". أجابتها الوالدة: "يلزمنا أن نخرج من الدير فإنه مسكن للناسكات المنقطعات لعبادة الله". جثت الصبية أمام أيقونة المصلوب وهي تقول: "يا يسوع الحلو، أنت هو ربي وإلهي. هأنذا أتعبد لك بكليتي، فلا أخرج من ههنا، لأني لست أريد عريسًا سواك". تأثرت الأم الرئيسة بالمنظر وأيضًا والدة الصبية، ولم تعرفا ماذا تفعلان، إلا أن الرئيسة بلطف قالت للصبية: "لا يمكنك أن تقيمي عندنا الآن إذ لا توجد قلاية خالية" في بساطة قالت الصبية: "ولِمَ لا أسكن معك في قلايتك". خجلت الرئيسة، ثم قالت للأم اتركيها سأعد لها مكانًا، وأوضحت لها أنها لن تحتمل السكنى لفترة طويلة، إنما ستشعر بضجر وتترك الدير. بقيت الصبية أيامًا ولم تُظِهر ضجرًا بل كانت بالأكثر تتعلق بالموضع المقدس بفرح وتهليل، وإذ سألتها الرئيسة ومعها والدتها أن تترك الدير رفضت. وإذ أرادت الرئيسة أن تثقل عليها لكي تترك الدير سألتها أن تحفظ المزامير عن ظهر قلب وتمارس بعض الممارسات التقشفية، فكانت الصبية تتقبل ذلك بفرح نامية في النعمة، الأمر الذي جعل الأم الرئيسة تقول لأفراسيا: "اتركي الفتاة الصغيرة بيننا، فإن نعمة الله تعمل في قلبها، تقواكِ وتقوى أنتيخوس قد فتحا لها الطريق الأكمل". انسابت الدموع من عيني الوالدة وهي متهللة بابنتها، إذ أمسكت بالابنة وتقدمت بها إلى أيقونة الصليب المقدس، وهي تقول: "أيها الرب يسوع المسيح اقبل الصبية. إنها تحبك أنت وحدك، وإياك تطلب، وها هي تكرس حياتها لخدمتك". ثم توجهت إلى ابنتها وهي تقول: "ليت الله الذي أسس الجبال يحفظك دائمًا في مخافته المقدسة". لم يمض وقت طويل حتى ارتدت أفراسيا زي الرهبنة، فسألتها أمها إن كانت مسرورة أم لا، فأجابتها: "أماه، إنه ثوب عرسي، وُهب لي لأكرم يسوع حبيبي"، فكانت الأم تفرح وهي ترى ابنتها تنمو في النعمة. رأت أفراسيا زوجها في حلم متلألئًا بنور سماوي يدعوها للملكوت، فروت ذلك للأم الرئيسة، وبالفعل انتقلت أفراسيا لتدفن في مقابر الدير. دعوتها للقسطنطينية:
كانت أفراسيا تنمو كل يوم في معرفة الله بحياة طاهرة مقدسة، وإذ بلغت الثانية عشرة من عمرها كانت لا تأكل إلا في المساء. أرسل إليها الإمبراطور، غالبًا أركاديوس، يدعوها للحضور إلى القسطنطينية لتتزوج الشريف الذي سبق أن خُطبت له، فأرسلت إليه تقول له أنها قد قبلت عريسًا سماويًا، نذرت حياتها له، سألته أن يوزع كل ميراثها على الفقراء ويحرر جميع عبيدها، ففرح الملك برسالتها التي قرأها على القضاة وكل المحيطين به معتزًا بها. أما هي فكانت في تواضع تمارس أدنى الأعمال وتخدم ما استطاعت كل من بالدير، فتقوم بتنظيف قلاليهن، وتحمل المياه للمطبخ، وتقوم بتقطيع الحطب الخ... فأحبها الجميع لتواضعها ومحبتها! جهادها ضد العدو:
إن كانت أفراسيا قد تركت الغنى بإرادتها لكن العدو الشرير لم يكف عن محاربتها، تارة يذكرها بقصور القسطنطينية وإمكانية الخدمة لو عاشت حياتها كشريفة متزوجة، وأخرى يثير أمامها قبائح جسدية الخ...
إذ رأت إحدى الراهبات ما بلغته هذه الراهبة من كرامة وحب في قلب جميع الراهبات بما فيهن الأم الرئيسة، بسبب طاعتها وبشاشتها مع تواضعها وحبها، مما وهبها جمالًا روحيًا بجانب جمالها الجسدي بالرغم من أصوامها الشديدة التي بلغت أحيانًا أن تأكل مرة واحدة في الأسبوع، فقد حقدت هذه الراهبة عليها، وكانت تسمى جرمينا من الإماء. أشاعت هذه الراهبة في الدير أن ما تفعله أفراسيا ليس من قبيل محبتها لله، وإنما طلبًا في المجد الزمني وحب الظهور، ومع هذا فكانت أفراسيا تترفق بها وتحنو عليها أكثر من بقية الراهبات. قيل أن عائلة أحضرت سيدة بها شيطان عنيف، إذ كانت تهيج وتضرب من بجوارها بعنف، جاءوا بها إلى الدير مقيدة لكي تصلي عليها الراهبات. قدمتها الأم الرئيسة لأفراسيا إذ كانت تعرف أن الله وهبها هذه العطية أن تشفي مرضى باسم السيد المسيح، وتخرج شياطين بروح متضع ومنسحق. بالفعل لاطفتها أفراسيا وصلّت من أجلها فاستراحت وهدأت جدًا بل وتعلقت بأفراسيا. هذا الأمر أثار حسد الراهبة جرمينا فذهبت إلى الأم الرئيسة متذمرة لماذا تعهد بالمرأة التي بها الشيطان للراهبة أفراسيا دون غيرها. وبالفعل إذ جاءت السيدة مرة أخرى سلمتها لجرمينا، فقامت السيدة بضربها بعنف وشدة حتى كادت أن تقتلها لولا تدخّل القديسة أفراسيا التي صلت عليها فهدأت واستراحت بعد أن خرج الشيطان منها، فتمجد الله بالأكثر في حياة أفراسيا وندمت جرمينا على ما فرط منها. إذ بلغت أفراسيا الثلاثين من عمرها مرضت وتألمت كثيرًا جدًا ثم رقدت في الرب. تأثرت الراهبة جوليا (لم يأتي ذكرها من قبل أنها تلميذتها) لرقاد تلميذتها أفراسيا فبقيت بجوار قبرها ثلاثة أيام تبكي وتصلي وفي اليوم الرابع قالت جوليا للأم الرئيسة أن السيد المسيح قد دعاها للراحة بصلوات أفراسيا، وبالفعل أُخذت نفسها في اليوم الرابع ودُفنت مع تلميذتها (حوالي عام 420 م). العيد: 13 مارس. ← [ملاحظة: يرى البعض أنها عذراء من روما، وأنها تمت بصلة قرابة للإمبراطور هوفوريوس].
أحد آباء البرية الذي قدم مثلًا حيًا لرفض الراهب للصدقة، متكلًا على الله وحده، إذ قال: "إن شاء الله لي أن أحيا فهو يعلم كيف يدبر أمري، وإن لم يشأ فمالي وللحياة". وعندما صار مقعدًا مُلقى على فراش المرض رفض قبول أية تقدمة من أحد، قائلًا: إن أخذت من أحد شيئًا فليس لي ما أكافئه به.يرى أن المؤمن الحقيقي لا يبالي بشتيمة ما أو ظلم يلحق به، لأن عينيه لا تنحرفان عن الله، إذ يقول: "يليق بالمتقدمين إلى الله أن ينظروا إليه وحده، ويلتجئوا إليه بورع هكذا لا يعيروا الشتيمة التفاتًا، ولو كانوا مظلومون ربوات المرات".