رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيحي والرياء الرياء كلمة تعني في اللغة اليونانيه “ممثل”، أي الشخص الذي يمثِّل دورًا غير حقيقي، ولفترة محددة، محاولاً أن يقنع الناس بأن ما يقوله حقيقة...!! والحياة تمتلئ بالممثلين، أو كما أسماهم الرب يسوع بالمرائين. فلا نندهش إذا وجدنا ممثلين في كل مجالات الحياة، أشخاص غير صادقين يتظاهرون بعكس حقيقتهم. وهذا ما حذَّر منه الرب يسوع سامعيه مرَّات عديدة. وما أروع الوصف الذي وصف به بولس الإيمان الذي لتيموثاوس بأنه «الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ» (٢تيموثاوس١: ٥). وهذا ما يجب أن يميز أولاد الله الحقيقيين. أولاً: لماذا يلجأ الكثيرين إلى الرياء؟! يقول الرب يسوع «احْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ» (متى٦: ١). فإن كل ما يشغل قلب المرائي هو “قدام الناس” وليس “قدام الله”. لذلك يعلن الرسول بولس لأهل غلاطية، «أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ» (غلاطية١: ١٠). لذلك ما شغل قلب دانيآل هو فقط أن يكون مرضيًا “قدام الله”. «فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ وَصَلَّى وَحَمَدَ قُدَّامَ إِلَهِهِ»، ويقول أيضًا للملك «لأَنِّي وُجِدْتُ بَرِيئًا قُدَّامَهُ (قدام الله) وَقُدَّامَكَ» (دانيال٦: ١٠، ٢٢). والرسول بطرس أيضًا يُشجِّع النساء على الزينة الروحية القلبية قائلاً عنها «زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ» (١بطرس٣: ٤). ثانيًا: خطورة الرياء ١. كثيرًا ما يكون الشيء الذي يعجب الناس هو بذاته شر عند الله!! وهذا قد أكده الرب يسوع للجموع «إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ» (لوقا١٦: ١٥). ٢. لا يتوافق الرياء مع الاهتمام بمجد الله في حياتنا: فلقد قال ربنا يسوع لليهود: «كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ» (يوحنا٥: ٤٤). ٣. الرياء هو خمير وشر يرفضه الرب تمامًا، قال الرب يسوع للتلاميذ إذ رأى تزاحم الناس «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ» (لوقا١٢: ١). والرياء يعمل شيئين داخل صاحبه، كما تعمل الخمير تمامًا، أولاً ينتشر في كل أجزاء الكيان، وثانيًا ينفخ الذات كما تنفخ الخميرة رغيف الخبز. ٤. يقود الرياء للتضحية بالحق: وأذكر قصتين من كلمة الله: الأولى من العهد القديم؛ جاء شهود زور ليشهدوا ضد رجل تقي أمين اسمه نابوت، قائلين بأنه قد جدَّف على الله والملك. ورغم أنه هذا لم يحدث أطلاقًا، بل مجاملة ورياءً للملكة إيزابل وزوجها، وتم رُجم نابوت (١الملوك٢١: ٩-٢٤). والقصة الثانية هي امتداح الشعب لهيرودس القاتل الدنس بأنه من مصاف الآلهة لا الناس! متجاهلين شروره البشعة. بل واصفين صوته قائلين «هَذَا صَوْتُ إِلَهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ!» (أعمال١٢: ٢٢). والنتيجة في القصتين كانت مرعبة. ثالثًا: موقفنا من الرياء ١. يحرّضنا الرب يسوع أن نتحذر من الرياء كما سبقت الإشارة بالقول «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ» (لوقا١٢: ١). كما أفرد الرب يسوع أصحاحًا كاملاً يذكر فيه ويلات أولئك المرائيين وخطورتهم على الناس ويكفي ما قاله السيد «لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!» (متى٢٣: ١٣). ٢. هناك إلزام علينا أن لا نجاري المرائي بل نوبخ تصرفاته. هذا ما فعله الرسول بولس عندما زار بطرس ووجده يرائي اليهود فسجَّل لنا كيف قاومه «وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا»، والخطر أن بعض المؤمنين تأثروا بهذا الرياء فيقول الرسول بولس: «وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ!» (غلاطية٢: ١٣،١١). ولم يكتفِ بولس بالتوبيخ لكن شرح لهم الحق كاملاً. ٣. لنعرف أن الرياء لن يستمر طويلاً، ولا بد - آجلاً أو عاجلاً – أن تظهر حقائق الأمور. فحنانيا وسفيره في رياء تظاهروا بالعطاء وكذبوا، لكن الرب كشف ريائهم ووقع قضائه عليهم وأماتهم. فمكتوب «فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ» (لوقا١٢: ٢). ٤. لنتعلم أن نكون صادقين حقيقيين كربنا يسوع المسيح، الذي وصفه الروح القدس بأنه «الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ» (الرؤيا٣: ١٤). في محبتنا للرب «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِك» (لوقا١٠: ٢٧). ومحبتنا لأخوتنا أيضًا نكون صادقين «لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ» (١بطرس١: ٢٢). وفي عبادتنا وسجودنا أيضًا نكون كذلك في عدم مظهرية كاذبة، بل من القلب صادقين بالروح والحق نعبد الرب «السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ» (يوحنا٤: ٢٣). إننا نحتاج لعمل الروح القدس وملئه حتى نسلك بالروح، فلا نكن كالمرائيين الذين يكرمون الرب بشفتيهم وقلبهم مبتعد عنه تمامًا. ليتنا مظهرًا وجوهرًا، سرًا وعلنًا، نكرم الرب ونحيا له صادقين في المحبة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يسوع المسيح والرجاء المسيحي |
أيوب والرجاء |
الفرح والرجاء المسيحي |
وعد الثقة والرجاء |
والرجاء لا يخزي |