رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عُمق أحزان المسيح ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لَمَا شبقتني؟ أي إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 46 ) كان الرب في اليوم السابق قد قال لتلاميذه: «هوذا تأتي ساعة، وقد أتت الآن، تتفرقون فيها كل واحدٍ إلى خاصته، وتتركوني وحدي»، ثم أضاف «وأنا لستُ وحدي، لأن الآب معي» ( يو 16: 32 ). فعندما تركه التلاميذ كلهم وهربوا، كان له في رفقة الآب كل العزاء. وعندما نضب ينبوع محبة الناس ووفائهم، راح ينهَل الزلال العذب من محبة الله ونور وجهه. أما الآن وهو فوق الصليب، إذ أتت ساعات الظلمة الرهيبة، فقد انسحبت منه هذه التعزية. هناك لم يصبّ أحدٌ على جراحاته زيتًا وخمرًا، هناك لم يسمع سيدنا كلمة عطف من السماء، هناك لم يأتِ ملاك يقويه وهو في حزنه الشديد. لقد توقفت خدمة الروح القدس لروحه الإنسانية، وانقطعت ابتسامة وجه الآب، ولهذا فإنه صرخ «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». اسمع إلى تنهدات سيدنا كما عبَّر عنها بروح النبوة في المزامير «يا رب، لماذا تقف بعيدًا؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق» وأيضًا «أقول لله .. لماذا نسيتني؟» وأيضًا «أنت إله حصني. لماذا رفضتني؟» وأيضًا «لماذا يا رب ترفض نفسي؟ لماذا تحجب وجهك عني؟ أنا مسكين» ( مز 10: 1 ؛ 42: 9؛ 43: 2؛ 88: 14). إنه أمر مُحزن أن يُترَك شخصٌ من أصدقائه، أو أن تُترَك عروسٌ من زوجها، وأن يُترَك طفل من والديه. أما أن يُترك شخصٌ من الله، فهذا هو العذاب الذي لا يشفق. لقد فضَّل موسى أن يموت هو والشعب على رمال البرية، وأن تنهش جثثهم حيوانات الصحراء، وتنقضُّ عليها كواسر السماء، على أن يُحرموا من ضياء وجه الرب، فقال للرب: «إن لم يَسِر وجهك فلا تُصعدنا من ههنا» ( خر 33: 15 ). وهذا هو سر تلك الصرخة التي شقت ستار الظلام في الجلجثة. فعندما انسحب منه دفء الشركة والمحبة والحضرة الإلهية، وعندما تُركَ بديلنا المبارك وحيدًا، فإنه صرخ «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». أمام تهكمات البشر ظل صامتًا، وعندما قاسى على أيديهم العذاب ألوانًا لم يصرخ. أما الآن عند حمو غضب إله السماء الذي انصب عليه، وعندما تركه الله فإن صرخ «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». |
|