07 - 12 - 2022, 12:54 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
السلم السماوي:
والآن انطلق يعقوب هاربًا من وجه أخيه عيسو، محرومًا من عاطفة والديه واهتمامهما، صار في الطريق عند غروب الشمس وحده معرضًا لمخاطر كثيرة... وسط هذا الضيق وضع يعقوب رأسه على حجر واضطجع في ذلك الموضع ليرى السموات مفتوحة، وسلمًا سماويًا منصوبًا على الأرض رأسه يمس السماء، الأمر الذي لم يكن ممكنًا أن يشاهده حين كان مدللًا في الخيمة تهتم به والدته وتضع الوسائد الناعمة تحت رأسه! وسط الضيق والحرمان يتجلى الله ليسد كل عوز ويعطي بفيض أكثر مما نسأل وفوق ما نطلبه.
كما يقول القديس جيروم: [الحجر الذي تحت رأسه هو المسيح، إذ لم يكن له من قبل حجر تحت رأسه، إنما صار له في ذلك الوقت الذي هرب فيه من مضطهده. عندما كان في بيت أبيه مستريحًا حسب الجسد لم ينعم بحجر تحت رأسه. لقد ترك بيته كفقير وصار كوحيد، ليس لديه سوى عصا، فوجد في نفس الليلة حجرًا يضعه تحت رأسه. وإذ صارت له وسادة من هذا النوع استراحت رأسه خلال الرؤيا التي شاهدها ].
إن كان الحجر هو السيد المسيح فإننا لا ننعم به في حياتنا، يسند رأسنا بالرؤى السماوية والمعرفة الإلهية الفائقة مادمنا نعيش مدللين نطلب الاتكاء على الآخرين...
يرى الأب قيصريوس أسقف Arlesأن يعقوب يشير إلى السيد المسيح، وأن أباه إسحق الذي طلب منه أن يترك بنات المنطقة يشير إلى الآب الذي طلب منه أن يترك المجمع اليهودي ليذهب إلى موضع بعيد حيث يقتنى كنيسة الأمم عروسًا له. هذا قد تحقق عندما قال الرسولان لليهود: "كان يجب أن تُكلموا أنتم بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجه إلى الأمم" (أع 13: 46).
كما يرى الأب قيصريوس في الحجر رمزًا للسيد المسيح أيضًا، الذي عليه تقوم الكنيسة، وقد مسحه الآب للعمل الخلاصي، فبينما ظهر السيد المسيح على السلم في أعلى السماء بكونه السماوي، إذا به تحت رأس يعقوب كحجر الزاوية الذي عليه تتأسس الكنيسة بتجسده.
يتحدث القديس أغسطينوس عن هذا الحجر، قائلًا: [في هذا الحجر نفهم المسيح... وضعه عند رأسه بكونه رأس الرجل (1 كو 11: 3). وقد مُسح الحجر، لأن "المسيح" دعي هكذا إذ هو "ممسوح"].
أما السلم الذي رآه يعقوب فهو صليب ربنا يسوع المسيح الذي بالإيمان نرتفع خلاله لننعم بالسماء عينها، وخلال الجحود به انحدر اليهود إلى الهاوية
وكما يقول القديس جيروم: [أظن أن صليب المخلص هو السلم الذي رآه يعقوب. على هذا السلم كانت الملائكة نازلة وصاعدة. على هذا السلم، أي على الصليب كان اليهود نازلين والأمم صاعدين].
كما يقول: [لقد رأى ملائكة يصعدون، إذ رأى بولس صاعدًا؛ ورأى ملائكة ينزلون، إذ رأى يهوذا الخائن ساقطًا إلى التمام. رأى ملائكة يصعدون،إذ رأى قديسين يرتفعون من الأرض إلى السماء، كما رأى ملائكة ينزلون أي الشيطان وكل جيشه ينحدرون من السماءّ].
إذ نرى السلم لا نستصعب الصعود خلاله، فإن الرب واقف عليه يسندنا ويرفعنا إليه، كما يقول القديس جيروم: [لا تنظر إلى الدرجات بل تطلع إلى فوق حيث الرب].
ويشجعنا القديس جيروم على الاستمرار في الصعود بلا توقف، قائلًا: [إن كان واحد منا واقفًا على الدرجة الأولى فلا ييأس من بلوغ الثانية، ومن كان على الثانية فلا يفقد رجاءه في بلوغه الثالثة. يا لغبطة الشهداء إذ تأهل الكثير منهم إلى الصعود حتى الدرجات النهائية، إلى القمة عينها. نحن الذين نعيش في العالم لا نقدر على صعود كل الدرجات دفعة واحدة من أسفل إلى أعلى، لكنه ليتنا لا نكتفي بالوقوف على الدرجة الأولى إنما يليق بنا أن نجاهد صاعدين درجات أعلى].
كما يقول: [الدرس الذي نتعلمه من السلم أنه لا يليق بالخاطي أن ييأس من الخلاص، ولا البار أن يستكين مطمئنًا لفضيلته ].
ويعلل الأب قيصريوس توقيت ظهور هذه الرؤيا في الطريق بقوله: [لماذا حدث هذا في الطريق قبل أن يقتنى يعقوب زوجته؟ لأن ربنا -يعقوب الحقيقي- انحني أولًا على السلم أي الصليب وبعد ذلك شكل الكنيسة لنفسه. في الوقت الذي فيه قدم لها دمه مهرًا لملكوته!].
|