في تعليم المبتدئين، نؤمن بإله واحد
أؤمن بإله واحد... هذا اعتراف الإيمان الحي يقي، وهذا ما يُميزنا لأننا نعترف بإقرار واعي لا نردده مثل من يحفظ لأجل امتحان أو من أجل تدينه، بل من يرى بإعلان، أن الله واحد وحدة ليست عددية محصورة في رقم حسابي وهو الرقم [ 1 ]، لأننا لا نحصر الله فيما للإنسان تحت أي مُسمى، لأننا على يقين برؤية أن الله لا يُمكن إدراكه، فالله هو الأزلي علة كل شيء وليس إله غيره، وهو الله الحي القدوس المحتجب عن الإنسان وفكره، ومن المستحيل أن يحتويه أحد لا بعلم ولا بفكر ولا باستنتاج ولا حتى بمعاينة ملء مجده، إلا لو أعلن هو عن ذاته، لأنه لم ولن يوجد إنسان – مهما على شأنه وأصبح ذات كرامة عظيمة – يستطيع أن يقتحم طبيعة الله وأن يعرفها من نفسه أو بعقله أو ينال استحقاق الرؤية والإعلان أن لم يكن فعل مقدم كنعمة ممنوحه من الله للإنسان حسب اتساع محبة الله القدوس اللامحدودة قط...
وطبيعة الله معلنه لنا بالروح في كلمته التي وحدها تُعبَّر عنه لأنه مكتوب: [ الرب إلهك ربٌ واحد ] (تثنية 6: 4؛ مرقس 12: 29)، ومن ذلك نفهم في سرّ التقوى بالإيمان الحي أن طبيعة اللاهوت واحدة وبها وحدها يليق اسم الرب والله، وكما قيل في أشعياء النبي الذي نطق بوحي وإلهام الروح باسم الرب الله القدوس الحي: [ هكذا يقول الرب ملك اسرائيل وفاديه رب الجنود أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري ] (أشعياء 44: 6)
فيا إخوتي، السؤال المطروح الآن ماذا ينفعني بمعرفتي بوحدانية الله أو ماذا أنتفع من معرفة طبيعته ودراسة قانون الإيمان، لأن رغبتي أن أجد راحة وسلام وأتمتع بكل الخيرات الموهوبة لي من الله الحي في هذا العالم وأعرف الله ببساطة بدون أن أتعب وأبحث وأُفتش وأعرف وأضيع وقت وابذل مجهود !!! الله أبسط من كده بكيتر !!!
وهذا هو سؤال من لم يدخل في سرّ الإيمان الحي يقي، ولم يؤمن بعد بإله واحد، لأنه لم يعرف بعد أن أي تعليم عن الله له غاية واضحة ينبغي أن تكون معلومة عند كل من يُريد أن يعرفه، لأن غاية التعليم المقدم للمبتدئين بل والمتقدمين في الطريق الروحي، هو شركة في الحياة الإلهية، لأن الله يُريد أن يجعلنا كلنا ننبض بالحياة، أي أن حياته تشع فينا، لذلك فأن غايتنا أننا به نحيا ونتحرك ونوجد، نلتصق به فنصير معه واحد: [ من التصق بالرب فهو روح واحد ] (1كورنثوس 6: 17)، [ كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة. ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة ] (2بطرس 1: 3 – 5).
لذلك يا إخوتي كما كتبت وقلت سابقاً أن اي منفعة لنا في الجدل حول طبيعة الله، إذا كان التعليم عن طبيعة الله لا ينتهي بالسجود والاقتراب منه للالتصاق به كإله حي، إله واحد، لأننا نعبد الله الواحد الذي لا آخر معه ولا شريك له في جوهره، ونعرف طبيعته بإعلان ابنه الوحيد بروحه القدوس في قلوبنا، لأننا نسجد للآب في ابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح بنعمة الروح القدس حسب كلمات الرب المُحيية: [ الله روح (ليس مادي) والذين يسجدون لهُ فبالروح (القدس) و (شخص الكلمة اللوغوس) ينبغي أن يسجدوا ] (يوحنا 4: 24).
فنحن نسجد لمن أعلن عن ذاته في جوهر واحد ولاهوت واحد وربوبية واحدة، فنحن لا نسجد لإله مجهول نسمع عنه، بل نسجد لمن أعلن ذاته، لمن أرسل ابنه الوحيد وأنار عقولنا بتجسده ونقلنا من موت الخطية وحررنا من ناموس الخطية والموت بموته المُحيي إذ صلبنا معه، وثبت حياة الخلود فينا بقيامته إذ أقامنا معهُ، وفتح لنا كنوز حياة بروح الذي يقودنا نحو حق الله في ابنه يسوع المسيح، ويغرس فينا كلمة وشهادة ، لنكون شهود الحياة الجديدة في المسيح يسوع ربنا.
فيا إخوتي، انتبهوا لما أكتب من أسرار، تُعلن وتكشف لكل قلب يشتهي أن يلتصق بالله، فحقيقة إيماننا هو حقيقة بسيطة عميقة ذات رؤية ولمسات قوية بالنعمة المعطاة لنا من الله، لذلك أحذركم من أن تدخلوا هذا الموضوع لتعرفوا عن الله وتفتشوا عن معلومات جديدة لكم، لأن في تلك الساعة لن تنالوا شيئاً وسيكون إيمانكم إيمان أكاديمي نظري مدرسي، لا يُخلِّص ولا يدخلكم للحياة الأبدية بالإيمان، ومستحيل فيه أن تقولوا أننا [ نؤمن بإله واحد ]، لأن الإيمان بالله الواحد له ثمرته تظهر في حياتنا طبيعياً، لأننا أن كنا نؤمن بإله واحد من الطبيعي أن نكون واحد مع كل من يؤمن نفس ذات الإيمان بتلقائية وسهولة شديدة جداً ونصنع معه شركة في النور، بل ونؤمن بإعلان الله عن ذاته ثالوث قدوس مساوي، إله واحد فعلاً وعن رؤية إيمان حي وليس عن معلومة أو فكرة نضعها كمعلومة نحفظها كلنا في صورة منطوق إيمان مدرسي كما نحفظه أو حفظناه !!!
لذلك يا إخوتي لن يجد أحد معلومات في هذا الموضوع، إنما من يدخل إليه بروح الصلاة وبرغبة شديدة أن يصل للغاية من هذا الموضوع، وهو أن يستلم الإيمان الحي، ويصل للغاية منه كما قلنا، فأنه سيبلغ ذلك المجد العظيم وهو الالتصاق بالرب ومعرفته إله حي وحضور مُحيي، ليدخل في سرّ وحدانية الله كخبرة وحياة يعيشها بالشركة وسط المؤمنين بالإله الواحد عينه....
عموماً أحببت قبل أن أكتب باقي الموضوع وندخل في عمق التعليم عن وحدانية الله حسب إعلان الروح، أن أضع هذه الالتفاتة لكي نتعلَّم أن لكل تعليم يكتب غاية وهدف، لأن الله لم يُظهر لنا ذاته لكي يضع لنا مجرد مصطلحات وأفكار نتكلم بها ونكتب عنها، بل لكي يعطينا حياة، يفتح لنا كنوز حياة بروح عينه، يشع فينا نوره ومجده ويزرع في داخلنا حياته عينها، لكي تكون حياة الخلود لنا مضمونه، فنفرح معه بحياة الشركة، كما نفرح مع عائلاتنا حينما نجتمع بالمحبة معاً، لأن الغاية أن نكون [ رعية مع القديسين وأهل بيت الله ]، فمن لا يفرح بهذا ويرغبه بكل قلبه !!!