رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"كتاب الصلوات" أو "كتاب المراثي" أو "المناجاة" ويسمى باللغة الأرمنية: Madyan Voghperkutiun، تمَّ تأليفه سنة ١٠٠٢، وهو كتاب هام في التراث الأرمنيّ، ومصدر غذاء روحيّ للشعب الأرمنيّ أعدَّه بناءً على طلب ملحّ من زملائه. إن هذا الكتاب، كالصخر الصوّان، لن يشيخ، فهو يناسب عصرنا ويُلبّي حاجات جميع الأجيال، لأنه نفذ إلى أعماق قلب الإنسان الذي خُلِقَ لله. في لغة شعرية سامية، يتوجه الكاتب كريكور الناريكي بثقة إلى الله، معتبراً نفسه أكبر الخاطئينَ في العالم، وراجيًا رحمته اللامتناهية وراغبًا في الاطهار من الخطايا والإتحاد به. يشتمل الكتاب على خمس وتسعين صلاة تجمع ما بين رفعة التصوّف وروعة الشعر. جاء الكتاب على هيئة مناجاة أي "حوار مع الله من أعماق القلب". وقد أُطلق على هذه الصلوات "المراثي" لتميّزه بأسلوب الرثاء والفنّ الأدبيّ المأساويّ، وفيها يرثي الكاتب وضعه الخاطئ ويذرف دموع الندامة، ويصف صراعه الداخليّ بين الخير والشرّ، وبين الجسد والروح، وبين النُور والظلمة. وقد دخلت بعض هذه الصلوات في الطقوس الليتورجيّة الأرمنية لما فيها من سموّ روحانيّ وعُمق إيمانيّ. ولمّا كانت الصلوات مؤلّفة باللغة الأرمنيَّة الكلاسيكيَّة القديمة (كرابار)، تُرجمت إلى اللغة الأرمنيّة الحديثة ومن ثمَّ إلى لغات أُخرى ومن بينها اللغة العربية. وقد ذكر القدّيس في صلاته الثالثة أنّ كتابه موجَّه إلى "جميع أجيال الجنس البشريّ العائش على الأرض، يتوجَّه نشيدُ كتاب المراثي... إنّٓه يتوجه إلى اسائر المسيحيين العديدين في العالَم كلّه". إنّ "كتاب المراثي" اقترن باسم القدّيس واشتهر به، فالأرمن لا يذكرون عنوان الكتاب، بل يقولون: "ناريك". وبعد أن كانت هذه الكلمة تُشير إلى الدير الذي أقام فيه القدِّيس كريكور، أصبحت مرادفًا لكتابه، وعلى مرّ الأجيال، وأُصبّح اسماً للذّكور، ويتخذه الكهنة اسماً لهم يوم رسامتهم ليقتدوا بالقدّيس وكتابه. يُعدّ كتاب "ناريك"، عند المؤمنين الأرمن، كالكتاب المقدَّس فيُجلّونه ويحفظونه بتقوى، ويجدون في صلواته غذاءً روحيًّا وملاذاً يستغفرون به، ودواءً لشفاء المرضى من الأمراض الروحيّة والجسديّة وأيضاً لحمايتهم من الشرور والأخطار وليقودهم إلى الكمال . وخلاصة القول مضمون "كتاب المراثي" يتمحور حول فكرة واحدة وهي الضعف البشري والاعتراف بالذنب وطلب رحمة الله، والقديس كريكور يريد ان يقول من خلال هذه الصلوات ان الإنسان لا يستطيع ان يدخل الملكوت السماويّ معتمداً على قدراته وكفاءته. وإذا لم يعطه الله من النِّعَم ما يشاء ويعطي الله نعمه لكم يشاء. يذكرنا هذا الموقف بمثل الفريسي والعشار الذي ضربه يسوع في الإنجيل، إن كريكور أشبه بذلك العشّار الذي يقرع صدره ويقول: اللهم اغفر لي انا الخاطئ، وكان لا يريد أن يرفع عينيه نحو السماء. لقد رأى القديس كريكور ضعف البشرية وحاجتها إلى الله فأراد أن يبلغنا هذه الرسالة فاستعان بالمبالغة لكي يهز ضمائرنا فأتى كتابه عنيفاً بتواضعه قوياً في ضعفه البشري مدوياً في سكوته. إنّ "كتاب المراثي" كان بنعمة الله سببًا لتوبة كثيرين من الخطأة، ونبراسًا للمؤمنين في سلوك طريق الندامة فدعاه بعضهم بحقّ "دواء الحياة". |
|