حظيت البتولية الطاهرة، بل كانت تبرز مفعولها في الآخرين أيضاً الذين كانوا يشاهدونها، واهبةً إياهم التأمل في موضوع كمال هذه الفضيلة السامية: ويثبت ذلك القديس توما اللاهوتي بقوله: أن نعمة التقديس ليس فقط قد أبادت في العذراء المجيدة كل حركةٍ مضادة الطهارة أو غير جائزة، بل قد بلغت مفعولها في الآخرين أيضاً. ومن ثم ولئن كانت هي فائقةً جمالاً في جسدها، فمع ذلك لم يكن يتحرك بمشاهديها أدنى أنعطاف ألمي صادر عن الشهوة: ولهذا هي سميت: مراً وميروناً طارداً رائحة الفساد: كما تدعوها الكنيسة المقدسة بتخصيصها إياها بهذه الكلمات وهي: مثل المر المختار فاح مني رائحةٌ طيبةٌ (ابن سيراخ ص24ع20). وقد كانت هي مهتمة في الأعمال الخدمية، ولكن من دون أن تصدها هذه أم تبعدها عن الأتحاد الدائم بالله. وفي تأملاتها وغوصها في الثاوريا مع الله لم تكن تتهاون في أتمام واجبات الأمور الزمنية، ولا فيما يخص أفعال محبة القريب الواجبة. وقد ماتت حقاً بالجسد، ولكن من دون أن تشعر بمرارة الموت ومن غير أن يلتحق بجسدها الفساد*