الروح وحده قادر ان يفتح عيون الانسان على النور العُلوي ويُدرك سر المسيح في الثالوث. ان سر المسيح هو سر الله الذي هو روح، أي الحياة ذاتها، مبدأ كل حياة (التكوين 2: 7). وهناك هوة كبيرة تفصل بين الخليقة (الجسد) وبين الله (الروح) (أشعيا 31: 3)، ويستحيل اجتيازها ما لم يأتِ الله بروحه لنجدة الانسان، ورفعه الى مستوى الروح ليجعله مشاركا في حياة سماوية قادرا ان يفهم أمور السماء. ونعمة هذا النور تفترض " ولادة من عل" كما أعلن يسوع لنيقوديمُس "ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَرى مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِن عَلُ" (يوحنا 3: 3)، "إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح" (يوحنا 3: 5). إن الروح القدس يعطي الحياة جديدة من السماء (يوحنا 3: 6). هذا هو سر المسيح يأتي مِن عَلُ (يوحنا 3: 13) والانسان لا يبلغ هذا السر الا بنعمة تجديد جذرية، ولا يحققه الا بنعمة الروح القدس، لانَّ يسوع المسيح ربط سر تجديد الانسان بمجيء ابن الله الى العالم، وارتفاعه على الصليب (يوحنا 17: 5-24).