ما دامت الخطية لا تُغفر ويُطهر منها إلا بالنعمة، فذلك يعني - فيما يعنيه - أنها في حد ذاتها تستحق القصاص. من هذه المُسَلمة ينطلق الكتاب المقدس حين يهدد الخطية بعقوبة الموت، حتى قبلما دخلت الخطية إلى العالم (تكوين 2: 17). ثم إن الكتاب ما ينفك يُعلن دينونة الله على الخطية، بصرف النظر عما إذا كانت تلك الدينونة تُجرَى فعلاً في هذه الحياة (خروج 20: 5) أو في يوم الدين العظيم (رومية 2: 5 - 10). ذلك لأن الله هو العادل القدوس الذي يكره كل شر.[66] والذي لا يبرئ المذنب بأي حال،[67] بل يُعلن غضبه على كل فجور وإثمٍ (رو 1: 18) ولعنته (تثنية 27: 26؛ غلاطية 3: 10) وانتقامه (ناحوم 1: 2؛ 1 تسالونيكي 4: 6)، وهو تعالى سيُجازي كل إنسان بحسب أعماله.[68] ويشهد الضمير لهذا في كل إنسان حين يلومه على أفكاره وأقواله وأفعاله الشريرة، وحين يطارده غالباً بإحساس الذنب والتبكُّت، أو الارتعاد والخوف من الدينونة. وعلى أساس هذه الفكرة المتعلقة بملومية الخطية واستحقاقها للعقاب يقوم إجراء القضاء عند جميع الشعوب.