23 - 02 - 2022, 03:01 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
قصة اوغسطينوس ومعرفة الثالوث الاقدس
يُعلق القدّيس العلامة باسيليوس عن معرفة عقيدة الثالوث: "أنّ الحديث عن الله هو أمرٌ جريء: لأنّ نفسنا بعيدة جدًّا عن هذا الأمر العظيم... فكلّما تقدّمنا في معرفة الله، كلّما شعرنا بالعمق بِعَجزنا. هكذا كان ابراهيم، وكذلك موسى: بينما كان بإمكانهما رؤية الله، على الأقلّ بقدر ما يستطيع الإنسان، كان كلّ واحد يجعل نفسه أصغر الجميع؛ فإبراهيم أسمى ذاته "ترابًا ورمادًا" (تكوين 18: 27)، وموسى قال إنّه "ثقيل الفم واللسان" (خروج 4: 11)"(عظة حول الإيمان، 1-3)
ويخبر التقليد المسيحيّ عن عجز القدّيس أوغسطينوس في إدراك سر الثالوث. بينما كان هذا القدّيس الفيلسوف واللاّهوتيّ سائراً على شاطئ البحر يفكّر في سرّ الثالوث، رأى طفلاً يأخذ من مياه البحر في صَدَفَةٍ صغيرة ويضع المياه في حفرة صغيرة حفرها. حين سأله القديّس عمّا كان يفعله أجاب الطفل: "أضع البحر في الحفرة"، فضحك القدّيس مدركاً العلامة الإلهيّة: لهو أسهل أن يوضع البحر في حفرة صغيرة من أن يُدرك سرّ الثالوث بواسطة عقل الإنسان.
إن عقلنا لن يصل أبداً إلى إدراك سرّ الثالوث الأقدس، لأنّ المحدود لا يمكنه احتواء غير المحدود، والأزليّ لا يسعه عقل مرتبط بالزمان والمكان إدراك حقيقته الأزليّة. لأنَّ معرفةَ الثالوثِ تُشبَّهُ بمعرفةِ أعماقِ البحر. وكما أن العينَ البشريةَ لا ترى أعماقَ البحر، كذلك تعجَزُ الحواسُّ البشريةُ عن إدراكِ سرِّ الثالوثِ الإلهيّ.
إن جوهر الله محبّة لأنّ الله محبة كما يقول يوحنّا في رسالته. من يحبّ يعرف، لا معرفة العالِم والمُختبِر بل معرفة الايمان. معرفة الله هي أنّ أحبّه، فالمحبّة هي أنْ أحيا عمليّاً ما هو الله بجوهره، بالحبّ أشارك الله في حقيقة وجوده، دون أن أفهم فهماً كاملاً معني ثُلاثية الأقانيم في الإله الواحد، وكيفية انبثاق الروح وولادة الابن، دون أن أفهم كيف يمكن للابن أن يكون مولوداً من الأب وأزليّاً في الوقت عينه. حين أحبّ أعرف عمق الثالوث لأنّي أحيا جوهر الثالوث، فجوهر الثالوث محبّة.
|