رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا انطونيوس عرف الأنبا أنطونيوس أنه هو نفسه خادم الرب، ويجب أن يخدم سيده. وكما أن الخادم لا يتجاسر على القول : لن أعمل عملا اليوم لأنني عملت بالأمس، ولن أعمل عملاً فى المستقبل نظراً لما عملته فى الماضى، ولكنه كما هو مكتوب يظهر كل يوم نفس الاستعداد لإرضاء سيده وتجنب الخطر، هكذا يجب علينا كل يوم أن نلبث ثابتين فى نسكنا، عالمين بأننا إن تغافلنا يوما واحدا لا يغفر لنا الرب من أجل الماضي، بل يغضب علينا من أجل تغافلنا، كما سمعنا أيضا فى حزقيال . وكما أضاع يهوذا تعبه السابق بسبب ليلة واحدة. لذلك يا أبنائي وجب أن نتمسك بنسكنا وأن لا نتغافل. لأن الله عامل معنا فيه، كما هو مكتوب “كل الذين يختارون الخير يعمل الله معهم للخير” . ولكن لكي نتجنب حالة التراخي والإهمال يحسن بنا أن نتذكر كلمة الرسول “أموت كل يوم” . لأننا نحن أيضا إن كنا نعيش كأننا نمات كل يوم فإننا لا نخطئي. ومعنى هذا أننا عندما نستيقظ كل يوم يجب أن نذكر بأننا قد لا نبقى حتى المساء، وأيضاً عندما نعتزم الرقاد يجب أن نذكر بأننا قد لا نقوم. لأن حياتنا غير مؤكدة بطبيعة الحال، والعناية الإلهية تهبها لنا كل يوم. إن رتبنا حياتنا اليومية على هذا المنوال فلن نسقط فى الخطية، أو نشتهي أي شئ، أو نحقد على أحد، أو نكدس أي كنز على الأرض، بل ـ كأننا نتوقع الموت كل يوم ـ نكون بلا ثروة، ونغفر كل شئ لكل الناس، ولن تكون لنا على الإطلاق شهوة للنساء، أو لأية لذة قذرة أخرى. بل نتحول عنها كأنها قد عبرت وولت، ونجاهد دواماً متطلعين بصفة مستمرة إلى يوم الدينونة، لأن الخوف من العذاب يخلينا من الشهوات ويدعم النفس أن كانت على وشك السقوط. وإذ قد بدأنا السير فى طريق الفضيلة فعلاً، وسرنا فيه، وجب أن نزداد جهاداً للحصول على تلك الأمور التي أمامنا، ويجب أن لا يلتفت أي امرئ إلى الأمور التي خلفه كامرأة لوط، سيما وقد قال الرب “ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله” وهذا الالتفات إلى الوراء ليس إلا الشعور بالندم والتفكير فى العالم مرة أخرى. لكى لا تخافوا من أن تسمعوا عن الفضيلة، ولا يدهشكم اسمها، فهي ليست بعيدة عنا ولا هي خارجة عنا، بل هي فى داخلنا. وهى ميسورة لو أننا أردنا. لكي يحصل اليونانيون على المعرفة فانهم يعيشون فى الخارج ويعبرون البحار، أما نحن فلا داعي لكي نرتحل عن أوطاننا من أجل ملكوت السماء، أو نعبر البحار من أجل الفضيلة. لأن الرب سبق أن قال “ملكوت الله داخلكم” . وطالما كانت الفضيلة فينا وتنشأ منا. لذلك فإنها لا تتطلب منا سوى الإرادة لأنه إذا أدت النفس وظيفتها الروحية فى حالة طبيعية نشأت الفضيلة. وهى تكون فى حالة طبيعية إذا لبثت كما أتت إلى الوجود، وحينما أتت إلى الوجود كانت جميلة ومتزايدة فى النبل. لأجل هذا قال يشوع بن نون للشعب فى نصحه “اجعلوا قلوبكم مستقيمة نحو الرب إله إسرائيل” وقال يوحنا “اجعلوا سبلكم مستقيمة” . لأن تقويم النفس يتضمن جعل ناحيتها الروحية فى حالتها الطبيعية كما خلقت. ولكنها من الناحية الأخرى إن انحرفت وتباعدت عن حالتها الطبيعية فهذا ما يدعى رذيلة النفس. وهكذا ترى أن المسألة ليست عسيرة فأننا إن لبثنا كما خلقنا صرنا فى حالة الفضيلة. أما إذا فكرنا فى الأمور السالفة حسبنا أشراراً. ولذلك لو كان هذا الأمر لابد من الحصول عليه من الخارج لكان عسيراً حقاً. أما إذا كان فينا فلنحفظ أنفسنا من الأفكار الدنسة. وكما أننا قبلنا النفس وديعة فلنحفظها للرب لكي يدرك أن عمله هو بعينه كما خلقه. |
|