ونَزَلَ بَعدَ ذلكَ إلى كَفَرناحوم هو وأُمُّه وإِخوَتُه وتَلاميذُه، فأَقاموا فيها بِضعَةَ أَيَّام
تشير عبارة "نَزَلَ" إلى النزول إلى كفرناحوم الواقعة على شاطئ البحيرة من موقع قانا الجليل بصفته اعلى من كفرناحوم. ويلمح متى الإنجيلي سبب نزوله إلى كفرناحوم بقوله " بلَغَ يسوعَ خَبرُ اعتِقالِ يوحنَّا، فلَجأَ إلى الجَليل. ثُمَّ تَركَ النَّاصِرة وجاءَ كَفَرْناحوم على شاطِئِ البَحرِ في بِلادِ زَبولونَ ونَفْتالي فسَكَنَ فيها" (متى 4: 12 -13). وأصبحت قانا الجليل كأورشليم رمزا إلى حضور الله ومجده. أمَّا عبارة "هو وأُمُّه" تشير إلى ذكر يسوع ومريم دون ذكر يوسف، فمن المرجَّح أنَّه قد مات.
أمَّا عبارة "هو وأُمُّه وإِخوَتُه وتَلاميذُه" فتشير إلى مرافقة هؤلاء ليسوع وذلك لمشاهدة الآيات التي توقعوا أن يصنعها. أمَّا عبارة "كفرناحوم" فتشير إلى مدينة هامة أقام السيد المسيح فيها خلال خدمته في الجليل، وجعل منها مركزاً لدعوته حتى أنها دعيت " مَدينتِه" (متى 9: 1). وكان موقعها على طريق رئيسي للتجارة، وفيها حامية رومانية ومركزا لجباية الضرائب. وفيها تمّت دعوة مَتَّى العشار ليصير تلميذا ليسوع (متى 9:9)، كما كانت موطنا لعدة تلاميذ آخرين (متى 4: 18 -22)، ومقراً لرجل من حاشية الملك (يوحنا 4: 46). وكان فيها مجمعٌ كبير.
وبرغم من أن يسوع قد جعل منها مركزاً لأعماله، إلا أنه أدانها لعدم إيمان أهلها به كما جاء في تعنيف يسوع لها: " وأَنتِ، يا كَفَرناحوم، أَتُراكِ تُرفَعينَ إلى السَّماء؟ سيُهبَطُ بِكِ إلى مَثْوى الأَموات. فلَو جَرَى في سَدومَ ما جرى فيكِ مِنَ المُعجِزات، لَبَقِيَت إلى اليَوم " (متى 11: 23).
أمَّا عبارة "إِخوَتُه" فتشير في الكتاب المقدس إلى أبناء أم واحدة، كما تدل على أبناء عمومته والأقارب كما هي العادة المُتَّبعة في الشرق (التكوين 13: 8؛ 14: 16؛ 29: 15؛ الأحبار 10: 4؛ 1 أخبار 23: 22). وهنا تدل لفظة أخوته على الأقارب.
أمَّا عبارة "فأَقاموا فيها بِضعَةَ أَيَّام" فتشير إلى فرصة للرسل لكي يزوروا بيوتهم قبل أن يدعوهم يسوع رسلا ليبقوا معه دائما.
يركزّ يوحنا الإنجيلي على خدمة المسيح في اليهودية خاصة في اورشليم، وتحدث قليلاً عن خدمته في الجليل (يوحنا 1:2-22؛ 43:4-54؛ 1:6-9:7؛ 1:21-25)، بعكس الأناجيل الثلاثة (متى ومرقس ولوقا) التي ركّزت على خدمة المسيح في الناصرة والجليل.