المقدس يوسف حبيب
معجزات الشهيدان يوحنا وأباكير
ونأتي فيما بعد بالقليل من معجزات القديسين للشهيدين أباكير ويوحنا:
-1-
كان تيودور كاهنًا لكنيسة الإسكندرية وكانت بعينيه سحابة. وبعد أن استشار كل كبار الأطباء في المدينة، قرروا أن المرض لا علاج له. ومن الناحية العلمية كان يتعذر ذلك فعلا في زمن كانت العملية الجراحية الخاصة بمثل هذه الحالات لم تخطر لأحد بعد. فماذا يفعل؟ التجأ بإيمان إلى من كانا يصنعان الأشفية الإلهيين العظيمين، وقصد مكان القديسين أباكير ويوحنا في مينوتس Menuthis وجثا على قبريهما. وفيما هو يصلى اتضحت رؤيتهما يقولان له: "اذهب اغسل عينيك في الينبوع الذي نبع بمعرفتنا " وفي الغد، وكان يقتاده أحد الأشخاص بيده، وغسل عينيه ثم مسحهما بالرباط الذي كان يغطيهما، وفي نفس الوقت سقطت السحابتين في القماشة، واسترد بصره.
-2-
كان "كالوس" من عامة الشعب، وقد أصيب بكسر مضاعف في عظمة رجله عندما سقط وهو نازل السلم، وكان الأطباء حينئذًا قليلي الخبرة في الجراحة، إذ كانت بدائية في ذلك الوقت، فاستخرجوا من رجله بعض قطع العظام، فصارت رجله مشوهة للغاية. ولما يئس من الشفاء، التجأ إلى قديسي "منوتس" العظام، وأخذ قليلا من زيت القنديل المشتعل أمام القبر ودهن به ساقه المنكمش فشفى في الحال.
-3-
وكان يقال أن القديسين الشهيدين يظهر أن كثيرًا في كنيستهما في "منوتس" لكي تبطل عبادة ايزيس الوثنية التي كانت لا تزال قائمة في هذا البلد. وأنهما كانا يسيران بين جموع المؤمنين الجاثين في الصلاة في ساعات الليل، وأنهما كانا يمليان وصفات (روشتات) خلاصية، ثم يختفيان عن أنظار الزائرين المتعجبين.
وهذا ما حدث لأحد سكان جزيرة فاروس، وهى الجزيرة التي ارتبطت بالبلاد فيما بعد كما هو معروف. كان هذا الرجل مصابًا بضعف شديد للغاية. وكان كل الأطباء قد حكموا انه مقضي عليه، فأصر حتى ولو يسقط في الطريق، على أن يحملوه إلى "منوتس"، فوصل إليها بين الحياة والموت. ووضعوه على نقالة بالقرب من القبر المقدس. وأثناء الليل، إذا بالقديسين، وكأنهما يقومان بجولتهما في الكنيسة، يتوقفان أمامه ويستمعان بانتباه إلى توسلاته، ثم يقدمان له "شريحة" من الليمون ويأمرانه بأن يأكلها بدون خوف. فكان شفاؤه في هذه اللحظة. وحينما أراد الرجل وقد أصبح صحيحًا معافى أن يسقط عند أقدام المحسنين إليه، اختفيا.
-4-
وامرأة من بابليون (القاهرة) تدعى مريم، كان لها ابن عمره ثماني سنوات يسمى مينا. كان لسانه غير متناسب طولًا حتى أن فمه لم يكن يتسع للسانه، فكان دائمًا متدليا. وفقد لونه الوردي، وأصبح مائلا إلى السواد، وكان يتساقط منه رائحة كريهو، وكان منظر الطفل قبيحًا منفرا. واستنفذت هي الأخرى كل رسائل الطب، وكان كل أئمة الطب قد اعترفوا بعجزهم عن شفائه. فخطر ببالها أن تذهب به إلى "منوتس"، وجعلته يصلى معها بعض الوقت في الكنيسة، وفيما هي مستمرة في صلواتها سمحت له أن يذهب ليلعب في المكان أمام باب الكنيسة مع بعض الأولاد من سنه. وأثناء هذا اللعب كانت فاعلية القوة الروحية التي لهذين القديسين. ففجأة أصبح كالآخرين، وصار جميلا حتى انذهل زملاؤه الصغار وتوقفوا عن اللعب وتركوه ومضوا لكي يعلنوا في كل مكان المعجزة العظيمة التي شهدوها لساعتهم. أما هو فذهب فرحًا جدًا إلى الكنيسة.
بركة صلاة هذين القديسين تكون معنا آمين.