منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 09 - 2021, 03:26 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

القديسة أولمبياس والقديس يوحنا وإعجابه بها


إعجابه بها


استطاعت أولمبياس أن تشد أنظار الكثيرين بجمال حياتها الروحية، وكان أول هؤلاء الأسقف يوحنا، الذي عرفها عن قرب كشماسة صريحة تتلمذت على يديه، وكانت تعينه في كثير من أعماله الرعوية.

لقد أُعجب بها أشد الإعجاب كما شهدت بذلك رسائله لها، خاصة رسالته الثامنة. فقد كتب إليها يمدحها، يتفجر كل سطر منها بالإعجاب الفائق بها، حتى ليكاد يضعها فوق كل مستوى بشري، ويرتفع بها إلى ملاك متشبه بالبشر.

أما سرّ مديحه لها فهو ظروفها القاسية، فقد ذاقت الاضطهادات المتلاحقة بسببه والإهانات والشتائم، كما حملت جسدًا امتلأ بالأمراض، أما ما أحزن نفسها وأسقطها في أنين مستمر مفرط كاد أن يهلكها، فهو إحساسها بالظلم الجائر المتزايد ضد أبيها القديس المنفي والمستبعد عن شعبه، كما انكشفت لها ضعفات أساقفة ورهبان وكهنة ورجال بلاط وعلمانيين، فأحست بهلاك كثيرين.

شعر القديس يوحنا بالالتزام الروحي والأدبي أن يكتب لها يحذرها من "الحزن المفرط" على الكنيسة وعليه وعلى هلاك الآخرين، مميزًا بين الحزن المفرط أو القنوط وبين "المخافة المقدسة المملوءة رجاء" كما اضطر أن يمدح فضائلها لكي يغير نظرتها ويوجهها نحو المكافاءات السماوية.

سجل لنا القديس يوحنا أعجب بها في بلاغته المعهودة، فجاءت حياتها الروحية مبالغًا فيها(41).

[هذا الحزن، علاوة على أنه باطل ومفرط فهو أيضًا ضار ومهلك. أما المخافة التي حدثتك عنها، فهي هامة ونافعة وبناءة، هي ينبوع فوائد كثيرة.

إني لم اكتفِ، فإن تيار الكلام قد جرفني، فقدمت لكِ نصائح لا تتناسب معكِ، فإن مثل هذا الحديث نافع لي ولغيري ممن جرفهم تيار الخطية... أما أنتِ فقد تزينتِ بأعمال الفضيلة العظيمة. لقد لمستِ قبة السموات، لذا فهذا الكلام ليس لكِ. أني سأُغير الحديث لأنطق بنغمةٍ جديدةٍ. فإن الخوف لا يمكن أن يصل إليك إلا بالقدر الذي يصل به إلى الملائكة.

إني أغير طريقة حديثي، وأنت أيضًا فلتغيري الموضوع. تذكري مكافاءات أعمال فضائلك العظيمة، والأكاليل المتلألئة، وصفوف العذارى، والقصور المقدسة، وجمال العروش في السماوات، والحياة مع الملائكة، وصحبة العريس، وموكب النور العظيم... الأمور التي تفوق اللغة والتفكير.

لست أخطئ التفكير إن أحصيتك في مصاف العذارى الحكيمات مع أنك أرملة... ليس من يقدر أن يمنعك عن المثول في مصاف العذارى، لا بل فقتيهن كثيرًا.]

[فقط أظهرت في مجالات أخرى حكمة عظيمة، لذلك عندما عرف بولس البتولية أطلق لقب "عذراء" لا على من لم تعرف الزواج وابتعدت عن العلاقة برجلٍ، بل على تلك التي يتركز حبها في أعمال الرب. وقد أشار السيد المسيح نفسه إلى أفضلية العطاء فوق البتولية، وها أنتِ تحملين لواء العطاء وتلبسين تاجه. لقد أخرج السيد نصف العذارى لأنهن لا يقدمن عطاء... إنه يقبل الذين غلبهم العطاء بمجدٍ عظيم، ويدعوهم "مباركي أبي"... إنه لا يتردد في أن يقول لهم أمام الملائكة وقدام الخليقة كلها أنهم أطعموه وآووه.

أنت أيضًا ستسمعين هذا القول المحيي، ستسعدين بهذه المكافأة التي توهب لك بوفرة...

يلزمك أن تبتهجي، تثبي فرحًا، ترقصي طربًا، لا أن تمزقي نفسكِ، لأن هذا قد أسلم نفسه لعملٍ جنوني وذاك اِندفع من العلو إلى الحضيض، لئلا بهذا تفتحي لروحك الطاهرة أن يدخل فيها الشيطان الذي لم تكُفي عن محاصرته حتى اليوم.

كيف أصف صبرك في أوجهه المختلفة، وأشكاله المتباينة، وصوره المتعددة؟

أي مقال يمكن أن يكفي للحديث عن هذا كله؟ فإنه يطول بنا الحديث عن آلامك منذ نعومة أظافرك حتى الآن... آلام من الأقارب وآلام من الغرباء، آلام من الأعداء، آلام من الذين ترتبطين بهم منذ ميلادك، وآلام من الذين لم ترتبطي بهم، آلام من العظماء، وآلام من الفقراء، آلام من الحكام، وآلام من المسئولين، وآلام من رجال الإكليروس...

إن الحديث عن كل تجربة من هذه التجارب بالتفصيل يكفي لتسجيل تاريخ كامل.

إن أردنا، فلننظر إلى هذه الفضيلة "الصبر" من جانب آخر، وهو احتمال آلام فرضتيها على نفسك وليست من عمل الآخرين... لقد حاصرتِ جسدكِ الرقيق المشاعر، الذي تربي في يسر من كل جانب، بآلام مختلفة الأشكال، حتى لم يعد أكثر من جثة هامدة...

أية لغة يمكن أن يعبر بها من يود أن يسجل حزمكِ وسيطرتكِ على نفسكِ أمام المائدة والنوم... لقد بلغت بالسيطرة على ذاتك حد الإماتة. فلم يعد الترفه يحاربك ولا أنت تتعبين من السيطرة عليه بل لقد حطمتيه تمامًا... لقد دربتي معدتك على الاكتفاء في المأكل والمشرب بكمية تكاد تكون كافية لمجرد عدم موتك... فإني لا أدعو هذا نسكًا ولا سيطرة على النفس بل هو شيء أعظم.

هذا أيضًا ما نراه في سهرك المقدس، فقد أخضعتِ الرغبة في النوم بإخضاعك الرغبة في الطعام، لأن كثرة الطعام هي غذاء لكثرة النوم.

كذلك هدمتي الرغبة في النوم بطريق آخر، إذ تدربتي منذ البداية أن تكوني قاسية على الطبيعة، تمضين ليالٍ كثيرة بلا نوم وبالتمرين الطويل صارت هذه العادة (السهر) طبيعية. فكما أن النوم هو طبيعي بالنسبة للآخرين، هكذا السهر بالنسبة لك...

إني أود إلا اَنحرف عن الموضوع الذي وضعت على عانقي أن أبلغ إليه وأنا وسط بحر بلا حدود. فإنه لو لم أهدف إلى انتزاع الحزن من داخل نفسك من جذوره، لسعدت بالإطالة في الحديث عن فضائلك، أركب هذا البحر الذي لا يعرف حدودًا، حيث تتفتح لي طرق كثيرة لكل فضيلة، كل طريق يدخل بنا من جديد في بحر آخر... صبرك، تواضعك، صدقتك بأشكالها الكثيرة التي انبسطت إلى أقاصي الأرض، الرحمة التي أشعلتنها كألف أتون، الفهم المتناهي المملوء نعمة فائقة للطبيعة...

إذ اَختار بعض التفاصيل الخاصة بمظهرك وملابسك، فإنك تُظهرين بساطة بغير تأنق. هذه الفضيلة التي تبدو كأنها أقل من غيرها، لكن من يدقق في الأمر يجدها فضيلة عظيمة، تكشف عن نفس مملوءة حكمة قد وطأت تحت قدميها الأمور الزمنية جميعها، وتنطلق طائرة نحو السماء عينه...!

يعوزني ألف لسان لأنادي باسمك من أجل بساطة مظهرك، إذ تعيشين هكذا بيسرٍ وسهولةٍ.

إني أعجب بهذه البساطة، لا تحملين ما يلفت النظر، لا في ثيابك ولا في حذائك ولا في مشيتك... هنا تظهر كل ألوان الفضيلة التي عبرت إلى الخارج، تعلن عن الحكمة الكامنة في داخلك...

من أجل هذا ندعوك مطوبة -نعجب لابتعادك عن كل هذه الأمور (الزينة الخارجية)- صرتِ مثلًا للنسك بغير تزين...

كما سبق أن قلت أخاف أن أدخل بحر فضائلك غير المتناهي. لقد وضعت في نفسي لا أن أمدح نفسك المقدسة، إنما مجرد أقدم لك دواء التعزية. لنرجع إلى ما سبق أن قلناه قبلًا. ماذا قلت؟ امتنعي عن تساؤلاتك. ما هي خطية هذا؟ وما الذي اقترفه ذاك...؟ إنما اذكري دومًا فضائلك المستمرة... صبرك واعتدالك وصلواتك وسهراتك المقدسة وسيطرتك على ذاتك وعطفك وحسن ضيافتك وتجاربك المتنوعة. اذكري أنك منذ بدء شبابك حتى اليوم لم تكُفي عن تغذية السيد المسيح عندما يكون جائعًا، وإروائه عندما يكون ظمأنًا وكسوته عندما يكون عريانًا، واستقباله عندما يكون غريبًا، والسهر عليه عندما يكون مريضًا، والذهاب إليه عندما يكون مسجونًا.

تأملي عطفك الذي هو كالمحيط، انفتحت مصاريعه إلى أقاصي المسكونة، وانتشر بقوة عظيمة، فإنك لم تكتفي بفتح بيتك لكل آتٍ، بل في كل بقعة في الأرض والبحر تمتع كثيرون بكرمك...

إذ تجمعين مثل هذه الأفكار افرحي وتهللي في رجاء نوال هذه الأكاليل والمكافآت.]



رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديسة أولمبياس والقديس يوحنا وثقته فيها
القديسة أولمبياس والقديس يوحنا ومحبته لها
القديسة أولمبياس والقديس يوحنا
القديس يوحنا الحبيب والقديس بطرس والقديس يعقوب مع السيد المسيح فى معجزة إقامة أبنة يايرس
القديسة العذراء مريم والقديس مارمينا والقديس العظيم البابا كيرلس السادس


الساعة الآن 08:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024