“دست المعصرة وحدى” (إش63: 3)
وحينما قال لتلاميذه: “تتركونى وحدى”، لم يكن هذا فقط من جهة عدم قدرتهم على مساندته والسهر معه فى وقت الآلام. ولكن أيضاً لأنه لم يكن ممكناً لأى إنسان أن يحمل معه خطايا البشرية ويدفع ثمنها.. فكان السيد المسيح وحيداً فريداً “هو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله” (رؤ19: 15) موفياً العدل الإلهى حقه بالكامل.
لهذا قال بفم النبى: “قد دست المعصرة وحدى، ومن الشعوب لم يكن معى أحد” (إش63: 3).
لكن فى كل ذلك قال لتلاميذه: “أنا لست وحدى، لأن الآب معى” (يو16: 32). لأن الآب والابن لا ينفصلان إطلاقاً.
أيها الآب مجد اسمك حينما تكلم السيد المسيح مع تلاميذه عن مجيء ساعة آلامه وموته، إذ قال: “قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان” (يو12: 23)، وقال إنه قد جاء إلى العالم لأجل هذه الساعة “لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة” (يو12: 27)، تحوّل السيد المسيح من حديثه مع التلاميذ إلى مخاطبة الآب السماوى ورد عليه الآب من السماء كما يلى: “أيها الآب مجد اسمك. فجاء صوت من السماء: مجدت وأمجد أيضاً” (يو12: 28).ويلزمنا هنا أن نسأل عن علاقة قول السيد المسيح: “قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان” (يو12: 23) بقوله للآب: “أيها الآب مجّد اسمك”، وما هى علاقة كل ذلك بآلام السيد المسيح وموته وقيامته من الأموات؟.
ويلزمنا أيضاً أن نسأل عن الاسم الذى قصده السيد المسيح حينما قال: “أيها الآب مجّد اسمك”.
لقد أكّد السيد المسيح أهمية هذا الاسم الذى ردده كثيراً أى “الآب” لذلك ففى مناجاته قبل الصلب التى سجلها القديس يوحنا فى الأصحاح السابع عشر من إنجيله، رفع يسوع عينيه نحو السماء وقال: “أيها الآب قد أتت الساعة. مجّد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً” (يو17: 1). وفى نهاية هذه المناجاة العميقة قال: “أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك. أما أنا فعرفتك، وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتنى. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم” (يو17: 25، 26).