اختلائه مع التلاميذ ليستريحوا
يذكر أيضا معلمنا مرقس الإنجيلى الواقعة التالية:
“واجتمع الرسل إلى يسوع، وأخبروه بكل شئ، كل ما فعلوا وكل ما علموا، فقال لهم تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً. لأن القادمين والذاهبين كانوا كثيرين. ولم تتيسر لهم فرصة للأكل. فمضوا فى السفينة إلى موضع خلاء منفردين” (مر6: 30-32).
وكان السيد المسيح يُقدِّر أهمية الراحة والخلوة بالنسبة لتلاميذه، وفى فترات الاختلاء بهم كان يحدثهم أحاديثاً خاصة، ويشرح ويفسّر لهم الكثير من تعاليمه. كما أنه قد اختارهم ليكونوا معه ليتتلمذوا على يديه، ويتمثلوا به، وبمحبته، ووداعته، وصفاته الجميلة التى كانوا هم فى أشد الاحتياج إليها. كان السيد المسيح يعلمهم بأفعاله أكثر مما يعلمهم بأقواله.
وما حدث بعد ذلك أن “رآهم الجموع منطلقين، وعرفه كثيرون، فتراكضوا إلى هناك من جميع المدن مشاة وسبقوهم واجتمعوا إليه. فلما خرج يسوع رأى جمعاً كثيراً فتحنن عليهم، إذ كانوا كخراف لا راعى لها” (مر6: 33، 34).
ضحى يسوع براحته بدافع من حنانه. ولكنه كان يميل إلى الاختلاء مع تلاميذه، بعيداً عن الجموع، التى كانت تلاحقه وهو لم يكن يمنع محبته عنها، ويعلم تلاميذه باستمرار، كيف أن المحبة لا تطلب ما لنفسها.