ارتضى السيد المسيح في اتضاعه أن يحسب نفسه ضمن إخوته من البشر. لأنه كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء ما خلا الخطية وحدها.
لهذا قال لمريم المجدلية: "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو20: 17).
في قوله هذا كان يقصد أن يقول لتلاميذه أن إلهكم (أي الآب) قد صار إلهًا لي حينما أخليت نفسي متجسدًا وصائرًا في صورة عبد، وسوف يصير أبي السماوي (الذي هو أبي بالطبيعة)، أبًا لكم (بالتبني) حينما أصعد إلى السماء، وأرسل الروح القدس الذي يلِدكم من الله في المعمودية.
فبنزولي أخذت الذي لكم، وبصعودي تأخذون الذي لي.
فمن المعلوم أن أبوة الآب للسيد المسيح شيء وأبوته للبشر شيء آخر.
فالسيد المسيح هو ابن الله بالطبيعة (بحسب لاهوته)، أما نحن فأبناء الله بالتبني.
كذلك هناك فرق بين وضعنا كعبيد لله، ووضع السيد المسيح الذي أخذ صورة عبد.
فنحن عبيد بحكم وضعنا كمخلوقين.. أما السيد المسيح فهو الخالق الذي أخلى ذاته وتجسد آخذًا صورة عبد، ووُجِد في الهيئة كإنسان، وصار ابنًا للإنسان.
الفرق بين كرامة السيد المسيح وكرامة إنسان مثل موسى النبي، شرحه معلمنا بولس الرسول وقال: "فإن هذا قد حُسِبَ أهلًا لمجد أكثر من موسى بمقدار ما لباني البيت من كرامة أكثر من البيت. لأن كل بيت يبنيه إنسان ما، ولكن باني الكل هو الله" (عب3: 3، 4).
أي أن الفرق في الكرامة بين السيد المسيح وموسى النبي، هو الفرق بين كرامة الخالق وكرامة المخلوق.