الأنبا باخوميوس أب الشركة
باقة من النصائح لتلميذه تادرس
1- نصيحة بخصوص الصوم:
* لما كانت أيام البصخة المقدسة تقدم إليه تادرس قائلًا: يا أبي، حين كنت علمانيًا كنت أصوم يومين، والآن ماذا ينبغي وقد أدخلني الرب إلى هذا الكمال (الرهبنة)، هل أصوم إلى رابع البصخة ثم أصوم اليومين الأخيرين.
* قال له الأب: يا تادرس، في جميع زمانك لا تخرج عن قوانين آبائنا، كما سلموها لنا في جميع وصاياهم، أن نصوم يومين يومين وأن نسهر في الصلاة ونعمل عمل أيدينا من أجل وصية الرب حتى نكون في عذاب الجسد أكثر من الذين يصومون الأربعة أيام أو البصخة كلها، وهؤلاء لا يستطيعون أن يدوموا في الصلاة ولا أن يعملوا لكي يكملوا الوصيتين، حب الله وحب القريب، لأن ما المنفعة التي ينتفع بها أولئك الذين يصنعون هذا؟!
* بل يجب على الإنسان التقى أن يجرب أولًا كل عمل قبل أن يبتدئ به إن كان فيه منفعة أم لا، ثم أننا نسمع عن الذين يفعلون هكذا أنهم يُتعبون أناسًا آخرين في خدمتهم وينفرونهم بضجرهم عليهم من أجل ضعفهم بسبب كثرة الصوم، ثم بعد البصخة أيضًا يهتمون لأنفسهم بأطعمة كثيرة حتى يتقووا.
* وإذا قال واحد أنه قوى في جسده وأنه يستطيع أن يصوم البصخة كلها ويداوم الصلوات ويحفظ نفسه من المجد الباطل، وبعد انتهاء الصوم يحفظ نفسه أيضًا ألا يهتم بأكل ولا بشرب، نقول عن كان هذا قويًا ويستطيع أن يفعل هكذا، إذا رآه إنسان ضعيف وتشبه به في هذا العمل فهو يتعب كثيرًا.
* أما النساك الكاملون فليس الستة أيام (البصخة) فقط كائنة لهم عذابًا بل جميع عمرهم كائن لهم بصخة إلى يوم افتقادهم، وجسد الرب الطاهر يأخذونه كل حين في الأيام المحددة، لأن طهارتنا وحياتنا كائنة به.
* فلما سمع تادرس هذا الكلام قبله كما من الروح القدس نفسه.
2- نصيحة في الطاعة:
* في أحد الأيام كان الإخوة يأكلون وتادرس يخدمهم، وكانت أيام الخماسين، فأعطى لهم جبنًا ليأكلوا، وبعد فراغهم من الطعام أعطى المدبر (الربيتةoikonomoc) لتادرس جبنًا لكي يأكل فلم يشأ أن يأخذه، ولما ألح عليه قال: لا. فقال له الأب باخوميوس: ما هذه الكلمة التي قلتها يا تادرس، لا. لقد أعطيت للشيطان فيك موضع معصية، إن كنت لا تريد أن تأخذ قل: لا أريد الآن أن آخذ وأستعمل منه يسيرًا ثم ضعه، ولا تترك عادة أن تقول لا أن تثبت فيك لأنها ليست ثمرة مستقيمة. فلما سمع تادرس هذا تألم جدًا ولم يعد يصنع هكذا.
3- نصيحة بخصوص مخافة الله:
* دعا مرة الأنبا باخوميوس تلميذه تادرس ليلًا والقمر يضئ ثم قال له: ارفع عينيك إلى فوق لترى هذا القمر المضيء، وفكر كيف يضئ على الأرض وهو مخلوق وأحد خلائق الله، فالذي خلق هذا القمر وخلق الشمس وجميع المخلوقات وهو غير منظور، فيا تُرى كم يكون ضياؤه ومجده.
* فخف الآن منه جميع أيام حياتك، عالمًا أنه هو الذي خلقنا نحن وجميع المخلوقات الأخرى، ونحن جميعًا في يديه. فإذا أنت خفته وتأكدت أنه ينظر إليك دائمًا، فأحفظ نفسك ألا تخطئ إليه، واعلم أن المعونة الحقيقية تعبر إليك من قِبَله، فتسبحه كل حين جميع أيام حياتك. وفيما يقول هذا بكى الاثنان وصليا ومضيا.
4- نصيحة بخصوص الزهد في الأطعمة خصوصًا الجيدة منها:
* مرض الأنبا باخوميوس مرة، فأخذه تادرس إلى الموضع الذي يأكل فيه الإخوة المرضى لكي يطعمه هناك، فطبخ له الأخ الطباخ قليل سليق جيد، فلما ذاقه الأب على انه طبيخ جيد، قال لهم: أنتم لا تعرفون أن تطبخوا الطعام، أيتوني بقليل ماء، فلما احضروا له الماء سكبه في طبق الطعام وابتدأ يأكل.
* وبعد الأكل سكب تادرس ماءً على يدي الأب لمى يغسلهما، وفيما هو يغسل يديه رش الأب الماء من يديه على رجلي تادرس كأنه يغسلهما.
* ولما فرغ سأله تادرس: ما هذا الذي فعلته يا أبى، سكبت الماء على الطعام حتى فسد؟! قال له الأنبا باخوميوس: في كل زمانك، كل شيء تصنعه احفظ نفسك من المجرب لئلا يخسرك، لأن الأخ الذي أعد لي الطعام أعده لي طعامًا جيدًا وبنشاط، والنشاط لا يكون دائمًا مع الإنسان، فلت لئلا أكل طعامًا جيدًا ويأتي الغد وأنا مريض فأنتظر أن يعد لي طعامًا جيدًا، وبهذا السبب يضطرب قلبي، من أجل هذا أفسدت ما أعده لي جيدًا حتى إذا أتى الغد ولم يعد لي طعامًا جيدًا لا يهمني، لأننا لا نجهل أن الرجل المؤمن يجربه المجرب.
* ثم سأله تادرس أيضًا: لماذا وقت أن غسلت يديك سكبت الماء على رجلي كأنك تغسلهما؟! قال الأب: رأيت أن أفعل هذا لكي لا تتشامخ نفسي وحتى لا تدينني أفكاري أنك خدمتني إذ أن خدمة الكل لازمة على كما قال السيد المسيح "لم آت لأُخدم بل لأخدِم" (مت28:20) وبهذا أصير مثالًا نافعًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فانتفع تادرس جدًا.
5- بخصوص الصمت أثناء اجتماع الإخوة للعمل:
* اعلم (يا تادرس) أن حفظ الوصية هو أول السيرة ورأس الفضائل، والإله جل اسمه هو أول من شرعها لأبينا آدم وصارت فريضة على الكل ولاسيما الرهبان الذين تجردوا لهذا العمل وحفظ الوصايا وإن كانت لأجل أمر صغير وشيء حقير، فلحفظ الوصية من الأجراء أو فره ومن الثواب اغرزه.
* وتلك الخلائق الكثيرة الذين أحاطوا بمدينة أريحا لما أُمروا من مقدمهم يشوع بن نون بالصمت مدة الستة أيام التي داروا فيها، ولما هتفوا في اليوم السابع أُسقطت أسواره
* امتثلوا كلهم -كبيرهم وصغيرهم- بوصية رئيسهم بالإذعان والطاعة، وكان الناظر يشاهد عجبًا عجابًا، يشاهد آلافًا وربوات من الناس يعسر عدهم وكأنهم خرس لا يبدون كلمة ولا نطقًا، ولما أُمروا بالكلام امتثلوا للأمر وتكلموا، فتتموا في الحالتين رضى الروح ومسرته.
* وهؤلاء الإخوة فقل لهم أن يتحفظوا في المستقبل ليصفح لهم الله عن خطاياهم السابقة واجتهد من الآن ألا تتهاون لئلا يكون في الناس مخالفة وتكون أنت المطالب أمام الرب بخطاياهم.
6- بخصوص أن يكون الرئيس أو المدبر قدوة لأولاده:
* كان الإخوة في الحصاد وتادرس معهم يهتم بالموائد والطعام، وفي إحدى العشيات كان الأب باخوميوس مجهد الجسم مُتعبًا جدًا، فقال لتادرس: ابسط لي حصيرًا على الأرض لأرقد عليها، فبسط له حصيرًا وطرح فوقها مسحًا، فلم يؤثر الأب ذلك بل قال له: خذ المسح واترك الحصير وحدها مثل جميع الإخوة، فأخذ المسح وترك الحصير.
* ثم وضع تادرس يده في وعاء مملوء ثمرًا وملأها ومده إليه لكي يأكل فلم يأخذ بل كانت دموعه تجرى، فلما رآه تادرس وعيناه تدمعان بكى هو أيضًا وقال له: إنك مريض ولم تشأ أن ترقد على مسح شعر، وحتى كف (ملء يد) ثمر لم تشأ أن تأكله أيضًا قال الأب باخوميوس: نعم، لأنني خفت من حكم المسيح لئلا أدان بهذا السبب، لأنه قد يكون أحد الإخوة مريضًا أكثر منى ولم نعلم به، ونكون نحن الذين تحت أيدينا حاجات الإخوة (الرهبان) ننال نياحًا أكثر منهم. لا يكون ذلك أبدًا.
* فمقدم (رئيس أو أب) الرهبان هو قدوة لهم ومثال، عنه يأخذون وبه يتشبهون، فيجب أن يكون الرئيس المعلم إشارة صالحة للكل. يتصرف في جميع أموره الجسدية والروحية بإفراز كثير حتى لا يصير لإخوته حجر عثرة في أي أمر من الأمور، ويكون تعليمه لهم من سيرته وتصرفه ونسكه وهيئته ومن سائر أموره أكثر من تعاليمه لهم بأقوالهم وعظاته ويجب عليه أن يتفقدهم في حال الصحة والمرض. لأن المريض يكون أحيانًا من الشيطان العين بإطلاق (بسماح) من الله على سبيل الامتحان، فهنا نحتاج إلى إفراز كثير يمنحنا الله جل اسمه لئلا نستلقي كالفاشلين ونصير أضحوكة للشياطين بل نجاهد مقابله ولا نمل، حينئذ إلهنا الناظر إلينا يزيله عنا سريعًا.
* أما إن كان المرض قد حدث عن عارض طبيعي معروف، فما سبيلنا أن نعاند الجسد ونزيده آلامًا.
7- الدموع تغسل الخطايا والبكاء يحل الذنوب:
* كان القديس الأنبا باخوميوس سائرًا في أحد الأيام في طريق ومعه تادرس تلميذه، فعبرا على قبور وكان عندها نسوة يندبن وينحن وتنهمر الدموع من أعينهم، فقال لتادرس: هل ترى هؤلاء النسوة كيف ينحن ويبكين على أموات لا سبيل لهن على إقامتهم، فكم بالأكثر يجب علينا نحن المدعوين رهبانًا أن نندب ونبكى على أنفسنا المائتة بزلاتها التي نأمل من رحمة إلهنا أن يقيمها ويحييها، لأن الكتاب يقول "استيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات فيضئ لك المسيح" (اف14:5).
* وعلى كل حال فالبكاء ممدوح إذا كان بقصد صالح، وقد قال المرتل "عجبت من زفراتي، أحمي في كل ليلة مضجعي وابل فراشي بعبراتي" (مز6:6) وقال أيضًا: في المساء يحل البكاء وفي الصباح الفرح (مز6:30)، وقد عنى الآخرة. وقد بكى يوسف على إخوته وندب لأجل خلاصهم ليس دفعة بل دفعات، كذلك ناح أرميا النبي نادبًا على سبى الشعب إذ كانت منزلتهم منه منزلة الأولاد. وسائر الآباء القديسين بالبكاء فازوا.
بعض النصائح المفيدة والأقوال النافعة للقديس العظيم الأنبا باخوميوس مأخوذة عن بستان الرهبان
1- في طاعة المرشد الروحي.
2- في التحفظ من الشهوة.
3- بخصوص عدم الخلطة بالنساء.
4- الالتصاق بالأطهار والمجاهدين.
5- في العمل والمثابرة " غير متكاسلين في الجهاد" (رو11:12).
6- في اليقظة والسهر.
7- الهذيذ الدائم في اسم الرب يسوع.
8- الإسراع في التوبة.
9- طريق الاتضاع.
10- عدم التذمر.
11- الهروب من المجد الباطل.
12- احتمال التجارب.
13- الحث على فضيلة الصبر.
14- الشجاعة الفكرية.
15-المحبة وعدم الحقد.
_____