فإنه يقال أيها الإخوة عن الروح أنها غير قابلة للموت (خالدة)، وكونها غير قابلة للموت طبقًا لطبيعة خاصة بها، فهي نوع من الحياة له القدرة على إعطاء حياة للجسد بوجودها فيه. فبالروح يحيا الجسد. هذه الحياة لا يمكن أن تموت، ولذلك فالروح غير قابلة للموت. لماذا أقول "طبقا لطبيعة خاصة بها"؟ لتسمع السبب، هناك خلود حقيقي، الخلود الذي ليس فيه تغيير البتة، الذي قال عنه الرسول متحدثًا عن الله "الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ احَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ انْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. امِينَ" (1 تي 6: 16)، فان كان الله وحده له عدم الموت، لذلك ينبغي أن تكون الروح قابلة للموت. انظروا إذن لماذا قلت أن الروح غير قابلة للموت بطريقة خاصة به، لأنه حقيقة يمكن للروح أيضًا أن تموت. لتفهموا هذا أيها الأحباء وبذا لا تبقى بعد صعوبة. إنني أتجاسر قائلاً: أنه يمكن أن تموت الروح كما يمكن أن تقتل. ومع هذا فهي بلا شك خالدة (غير قابلة للموت). انظروا فإنني أجرؤ قائلاً: أنها غير قابلة للموت، وفي نفس الوقت يمكن أن تُقتل، وبذلك قلت أن هناك نوع من الخلود، عدم تغيير البتة، وهذا يخص الله وحده الذي قيل عنه "الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ" (1 تي 6: 16)، لأنه إن كان لا يمكن أن تقتل الروح فكيف يقول الرب عندما يريدنا أن نخاف "خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (مت 10: 28).
القديس أغسطينوس