وفي مثال الدرهم المفقود، نري نفس الوضع، وبأسلوب أعمق:
الدرهم لا يملك حياة، ولا عقلًا ولا فكرًا ولا إرادة.. ولا يدري إلي أين هو قد تدحرج، وأين استقر به الأمر. وأيضًا لا يعرف كيف يرجع إلي كيس صاحبه أو جيبه.. وقد كان الدرهم المفقود رمزًا إلي كثيرين من نوعه..
كان رمزًا لكثيرين ممن لا حياة لهم ولا إرادة.. وكان رمزًا أيضًا للضآلة.. فلو أن الأرملة كانت فقدت مائه جنيهًا ذهبًا، لكان من المعقول أن تبحث عنها وتفتش أما مجرد درهم واحد ينال منها كل ذلك الاهتمام، فهو أمر يدعو إلي التأمل، ويضع أمامنا عمقًا في الرجاء وهو:
إن الله يبحث عن خلاصك، مهما بدا قدرك ضئيلًا! لقد ضرب الله لنا مثل الدرهم لنعرف قيمة النفس عنده.
لأنه قد يسأل بعضهم ما قيمة هذا الدرهم الضئيل، حتى يصير هذا البحث الجاد عنه، وهذا الفرح وهذه الوليمة عند العثور عليه؟! إن كل هذا رمز لاهتمام الرب بالنفس الواحدة، مهما كانت تبدو ضئيلة الشأن. ويعبر المثل عن سعي الله لخلاصنا حتى لو لم نسع نحن، وفرحة بخلاصنا وفرح الملائكة أيضًا. ألست أنت عند الله أفضل من درهم واحد مفقود؟!
البابا شنودة الثالث