الابن الأصغر
«سَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ»
(لوقا ١٥ : ١٣ ).
فنلاحظ أن الابن الأصغر في عدم تقديره للمسئولية بَذَّرَ مَالَهُ أي كان يصرف أمواله بطريقة جنونية و كأنه يلقيها إلى الأرض كما يرمي الفلاح البذور الدقيقة في كل اتجاه على الأرض و في ذلك العمل اختلاف كبير فالفلاح يبذر البذور على تربة خصبة لتخرج محصولا و لكن هذا الابن المسرف بذر أمواله كما تلقى البذور على الطريق لتأكلها الطيور فأضاع ثروته بتبذيره المسرف و قد صاحب المبذرين المسرفين أمثاله في الكورة البعيدة ومكتوب « اَلْحَافِظُ الشَّرِيعَةَ هُوَ ابْنٌ فَهِيمٌ وَصَاحِبُ الْمُسْرِفِينَ يُخْجِلُ أَبَاهُ »( أمثال ٢٨ : ٧ ) « لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ »( أمثال ٢٣ : ٢١ ) و الابن الأصغر لو أن أباه اشتكاه لشيوخ المدينة لتم رجمه حتى الموت كما هو مكتوب « إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ »( تثنية ٢١ : ١٨ – ٢١ ).
«فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ »
(لوقا ١٥ : ١٤).
و هنا نلاحظ : –
أ – الابن الأصغر أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ أي افتقر : فنحن عرفنا أن الابن الأصغر جمع من بيت أبيه « كُلَّ شَيْءٍ » يخصه لم يترك شيء و في الكورة البعيدة « أنفق كُلَّ شَيْءٍ »( لوقا ١٥ : ١٤ ) إذ أكل معيشة أبيه « مَعَ الزَّوَانِي »( لوقا ١٥ : ٣٠ ) كما هو مكتوب « لأَنَّهُ بِسَبَبِ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ »( أمثال ٦ : ٢٦ ) « لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ »( أمثال ٢٣ : ٢١ ).
ب – الابن الأصغر في مجاعة و احتياج : كما هو مكتوب « حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ »( لوقا ١٥ : ١٤ ) و لك أن تتصور مقدار الاحتياج الشديد لشخصً غريب مفلسً يعيش في كورة بعيدة بها مجاعة.